تداعيات الأزمة الأوروبية تعيد الأسهم السعودية إلى دوامة عدم الاستقرار

خبراء يرشحون في حديث لـ «الشرق الأوسط» استمرار تأثر المؤشر العام بتطورات الأسواق المالية

جانب من تداولات الأسهم السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أعادت تداعيات الأزمة المالية الأوروبية القائمة حاليا سوق الأسهم السعودية إلى دوامة عدم الاستقرار، وذلك بعد التراجعات العنيفة التي ضربت الأسواق العالمية في نهاية الأسبوع الماضي لتلقي بظلالها على حركة مؤشر السوق المالية السعودية في بداية الأسبوع الحالي.

وخسرت سوق الأسهم السعودية - أكبر سوق مالية من حيث القيمة السوقية في منطقة الشرق الأوسط - ما يقارب 4.4 في المائة في جلسة واحدة، رغم عودة بعض الأنباء الإيجابية إلى المنطقة الأوروبية تتمثل في حزمة من الإجراءات المالية البالغة تريليون دولار (750 مليار يورو)، في إشارة يرى خبراء ماليون وفنيون أنها تؤكد أن سوق الأسهم معرضة لمزيد من التأثر في حال ارتباك الأسواق المالية العالمية. وكانت الأزمة اليونانية قد وجدت تحركا من الكيان الأوروبي بعد تصريحات البنك المركزي الأوروبي حول شراء السندات الحكومية والخاصة كجزء من خطة محاربة أزمة الديون العامة في البلدان التي تواجه أكبر عجز في الميزانية العامة بمنطقة اليورو مثل (اليونان، البرتغال، إسبانيا،، أيرلندا). وذكر لـ«الشرق الأوسط» جوزيف تريفيساني، محلل السوق الرئيسي لشركة «إف إكس سوليوشنز» الأميركية أن خطة الإنقاذ التي اتفق عليها الأوروبيون بدفع 750 مليار دولار لم تكن طوعية، مبينا أن تلك الدوامة التي تتسع يوما بعد يوم أجبرت زعماء المنطقة على تدبير هذه الخطة العاجلة الضخمة.

وأشار جوزيف تريفيساني المتابع لأسواق منطقة الشرق الأوسط إلى أنه من الواضح أن خطة الإنقاذ الأوروبية لا تعتبر من الأمور المحببة للاتحاد الأوروبي، علاوة على ما يراه الاتحاد من أضرار محتملة قد تنطوي عليها هذه الخطة، ليقلص بذلك المؤشر العام جزءا من خسائره خلال جلستين متتالين لتعود الروح مجددا إلى المستثمرين بعد تراجع قيم التداول اليومية إلى مستويات 3.2 مليار ريال (853 مليون دولار). وبهذه التراجعات فقد المؤشر العام خلال الأسبوع المنصرم 126 نقطة بنسبة 1.85 في المائة، ليغلق عند مستوى 6691 نقطة، وسط قيم تداول تجاوزت 22.4 مليار ريال (5.8 مليار دولار) توزعت على ما يزيد على 927 مليون سهم. وأفاد ماجد العمري، عضو الاتحاد الدولي للمحللين الفنيين، بأن المؤشرات الفنية لا تزال تحافظ على إشارات الدخول المؤكدة التي سجلتها بعد إغلاق المؤشر العام فوق خط الاتجاه الهابط على المدى الطويل، وفوق مستوى 6580 نقطة، مما يعني أن إشارة الدخول على المدى الطويل لا تزال سليمة حتى الآن، وذلك رغم فشل المؤشر العام خلال شهرين متتالين في الابتعاد عنها.

ويضيف العمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذا السيناريو يحتاج إلى المزيد من المتابعة والانتظار من قبل المحللين والمراقبين للأسواق المالية المحلية والدولية، خصوصا أن المعطيات الفنية على بقية الفواصل الزمنية غير مطمئنة حتى الآن.

وحول أداء الأسهم فقد احتل سهم «الخليجية العامة» قائمة الأكثر ارتفاعا بنسبة 13.97 في المائة، تلاه سهم «الصقر للتأمين» مرتفعا بنسبة 12.96 في المائة، تلاه سهم «بروج للتأمين» بنسبة بلغت 3.26 في المائة، في المقابل تصدر سهم «ملاذ للتأمين» قائمة التراجعات بنسبة 9.03 في المائة، تلاه سهم «استرا الصناعية» بنسبة 8.65 في المائة، ثم سهم «الصادرات» بنسبة 8.6 في المائة.

وعلى صعيد القطاعات فقد تراجعت جميع القطاعات باستثناء قطاع التجزئة، في حين تصدر قطاع الاستثمار الصناعي المرتبة الأولى بنسبة 4.72 في المائة، تلاه قطاع الاستثمار المتعدد بنسبة 4.6 في المائة، تلاه قطاع النقل بنحو 4.59 في المائة.

من جهة أخرى، حافظ قطاع الصناعات والبتروكيماويات على نموه السنوي كأعلى القطاعات ربحية بنسبة 17.55 في المائة، ويعتبر أعلى القطاعات من حيث القيمة السوقية بنسبة تزيد على 30 في المائة، يليه قطاع التجزئة 12.63 في المائة، ثم قطاع الزراعة والصناعات الغذائية بنسبة بلغت 10.07 في المائة، وفي الجهة المقابلة احتل قطاع الإعلام والنشر قائمة التراجعات بنسبة بلغت 13.81 في المائة، تلاه الفنادق والسياحة بنسبة بلغت 8.2 في المائة، ثم التأمين بنسبة بلغت 6.2 في المائة. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أوضح الدكتور عبد الله الغامدي، الخبير الاقتصادي، أن رد الفعل الإيجابي الذي شهدته الأسواق الأوروبية والآسيوية يعتبر طبيعيا في ظل البيانات الصادرة عن المنطقة الأوروبية بشكل خاص، كما بدا في أواخر تداولات سوق الأسهم السعودية هذا الأسبوع. وبين الغامدي أن تصريحات البنك المركزي الأوروبي بشأن شراء السندات الحكومية والمتزامنة مع خطة الإنقاذ كانت بمثابة طوق النجاة، مشيرا إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد رفض مناقشة شراء السندات الحكومية في الفترة الماضية. وأشار الغامدي إلى أن الأزمة الحالية تعتبر أزمة حكومات وليست أزمة شركات، موضحا أن النتائج المالية للشركات كانت أفضل من التوقعات في الربع الأول من العام الحالي.