ألمانيا تنفي تهديد ساركوزي بالانسحاب من منطقة اليورو

اليورو عند أدنى مستوى له في عام ونصف العام * الذهب يسجل رقما قياسيا جديدا يقارب 1250 دولارا

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت بألمانيا («الشرق الأوسط»)
TT

قالت سابين هيمباخ، نائبة المتحدثة باسم الحكومة الألمانية، إن الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لم يهدد بالانسحاب من منطقة اليورو في اجتماع للزعماء الأوروبيين لأخذ قرار بشأن حزمة المساعدات المقدمة إلى اليونان يوم الجمعة الماضي، كما ذكرت صحيفة إسبانية. وقالت هيمباخ: «ذلك ليس له أساس من الصحة». وكانت هيمباخ تشير إلى تقرير نشرته صحيفة «الباييس» الإسبانية يقول إن ساركوزي ضرب المنضدة بيده وهدد بانسحاب فرنسا من اليورو في الاجتماع.

ونقلت صحيفة «الباييس» الإسبانية اليومية، أمس، عن رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه ثاباتيرو قوله إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هدد بتخلي فرنسا عن اليورو لإرغام ألمانيا على الموافقة على إنقاذ اليونان. وأوضحت الصحيفة القريبة من الاشتراكيين الذين يتولون الحكم في إسبانيا، أن ثاباتيرو أكد ذلك خلال اجتماع الأربعاء مع مسؤولين من حزبه، الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، في مدريد. وأضاف ثاباتيرو، حسب «الباييس»، أن ساركوزي طالب، أمس، بـ«التزام من الجميع بمساعدة اليونان، كل واحد حسب إمكاناته أو تعيد فرنسا النظر في وضعها في منطقة اليورو». ولم تكشف الصحيفة هوية المسؤول الذي نقل إليها هذا التصريح. وقد اجتمع رؤساء دول وحكومات منطقة اليورو، أمس، في بروكسل للموافقة على خطة مساعدة اليونان، وهي قروض تبلغ 110 مليارات يورو خلال ثلاث سنوات من منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي. ولم يتخذ قرار إنقاذ اليونان من الإفلاس بسهولة خصوصا بسبب تحفظات ألمانيا. وذكر مسؤول اشتراكي آخر استمع إلى ثاباتيرو أن «ساركوزي ضرب على الطاولة بقبضته وهدد بالانسحاب من اليورو، مما أرغم أنجيلا ميركل» المستشارة الألمانية على الموافقة على الخطة. وقال مسؤول آخر شارك في الاجتماع إن «فرنسا وإيطاليا وإسبانيا شكلت جبهة في وجه ألمانيا، ووصل الأمر بساركوزي إلى حد تهديد ميركل بإلغاء المحور التقليدي الفرنسي - الألماني» الذي يعتبر محركا حقيقيا للاتحاد الأوروبي. وتعد إسبانيا مع البرتغال واحدة من دول منطقة اليورو التي أضعفها تدهور ماليتها العامة واضطر ثاباتيرو إلى الإعلان، يوم الأربعاء، عن تدابير تقشفية جديدة وغير شعبية بضغط من الأسواق وشركائه الأوروبيين. وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسباني، خوسيه ثاباتيرو، أبلغ أعضاء حزبه أن فرنسا وإيطاليا وإسبانيا شكلت جبهة موحدة ضد ألمانيا في اجتماع بروكسل وهدد ساركوزي بإنهاء «سيطرة» تقليدية لفرنسا وألمانيا على باقي أوروبا. وقد تدهور سعر صرف اليورو، أمس، إلى 1.2447 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 بسبب ازدياد المخاوف حيال سلامة الوضع الاقتصادي والمالي في منطقة اليورو وقابليته للاستمرار على المدى الطويل. وقال بول فولكر، المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي، باراك أوباما، الخميس، إن الأزمة اليونانية قد تؤدي «إلى تفكك منطقة اليورو» إذا لم تخضع الإدارة الاقتصادية إلى الإصلاح، معززا بذلك مخاوف المتعاملين.

وسجل سعر الذهب رقما قياسيا جديدا، أمس، قارب 1250 دولارا، في حين يجذب المعدن الأصفر المستثمرين الذين يخشون من المخاوف المتنامية حيال ديون دول منطقة اليورو. وبلغ سعر أونصة الذهب 1249.40 دولار عند الساعة 10:37 ت.غ، في سوق التداول في لندن التي تعتبر سوقا مرجعية عالمية، قبل أن يخسر دولارين في الدقائق التالية. ولفت الاقتصاديون في «كومرس بنك»: «إن الذهب سيواصل الاستفادة في ظل المخاوف المتواصلة، من طلب كبير وستتحسن أسعاره بشكل مطرد، في حين ستعمل العتبة النفسية المهمة البالغة ألف يورو على جذب المزيد من المستثمرين». ولامس الذهب، أمس، عتبة 995 يورو.

من جهة أخرى يعتزم وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي الدعوة يوم الثلاثاء إلى زيادة يبدأ تطبيقها من يوليو (تموز) المقبل في الرسوم التي تفرضها الحكومات لمنح ضمانات قروض للبنوك إذ يقولون إن الوصول إلى السيولة في السوق أصبح أكثر سهولة. وجاء في مسودة لنتائج اجتماع الوزراء أن «المجلس متفق مع وجهة النظر التي ترى أن مخاطر سوء التنافس بين البنوك التي تحصل على تمويل بأسعار السوق، والبنوك التي تعتمد بشدة على الضمانات الحكومية، ما زالت قائمة. وسيقول الوزراء الذين سيجتمعون يومي الاثنين والثلاثاء في بروكسل إنهم يعتقدون أن من الملائم فرض زيادة مناسبة على رسوم الحصول على ضمانات لجعل تكلفة التمويل أقرب إلى ظروف السوق. وقالت المسودة التي حصلت «رويترز» على نسخة منها: «المجلس... يحث على تطبيق شروط جديدة بدءا من يوليو 2010».

وأضافت: «ويتفق المجلس على أن الوصول في هذه المرحلة الحساسة إلى السيولة في السوق أيسر بشكل عام مما كان عليه في أحلك فترات الأزمة، وأن حالات التوسع في استخدام الضمانات الحكومية يجب مراقبتها».

وتعهدت حكومات الاتحاد الأوروبي بتقديم ضمانات لالتزامات البنوك تبلغ 2.9 تريليون يورو أو 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، ومن هذا التعهد تم دفع تريليون يورو أو ثمانية في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. والضمانات هي أكبر بند على قائمة الإجراءات الحكومية للحفاظ على نشاط أسواق المال بعد أن تم تجميد الإقراض بين البنوك عقب انهيار بنك الاستثمار «ليمان براذرز» في سبتمبر (أيلول) 2008.

من جانب آخر قال كبير الاقتصاديين في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أمس، إن أزمة عجز الميزانية التي تواجهها بعض الدول الأعضاء في منطقة اليورو ستلحق الضرر بالاقتصادات الناشئة لوسط وشرق أوروبا المعتمدة على الطلب على الصادرات من غرب القارة. وقال إريك بيرجلوف لتلفزيون «رويترز إنسايدر» على هامش الاجتماع السنوي للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير: «الإجراءات في غرب أوروبا التي تؤدي إلى تراجع الطلب مثل القيود المالية... سيكون لها تأثير على دول وسط وشرق أوروبا، إذ إنها تعتمد كثيرا على الصادرات إلى منطقة اليورو». وقال بيرجلوف إن الأثر السلبي من منطقة اليورو سينعكس في توقعات البنك الجديدة للنمو الاقتصادي في 2010 للاقتصادات الأوروبية الناشئة المقرر نشره اليوم السبت.

وقال البنك الذي يتخذ من لندن مقرا له في يناير (كانون الثاني) إن هذه المنطقة ستنمو بمعدل يبلغ 3.3 في المائة في المتوسط في 2010. وقال بيرجلوف: «كنا أكثر تفاؤلا من قبل، لكن المخاطر الخارجية من الواضح أنها ما يقلقنا الآن». وفي وقت سابق هذا الشهر حذر البنك من أن بلغاريا ورومانيا وصربيا قد تواجه صعوبات نتيجة الأزمة الحاصلة في اليونان بسبب مستويات التعرض العالية في هذه الدول للبنوك اليونانية. وتأسس البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في نهاية الحرب الباردة لمساعدة الاقتصادات الشيوعية السابقة على التكيف مع الأسواق الحرة.