رئيس مجموعة اليورو: قرار ألمانيا بحظر البيع على المكشوف تم دون التشاور

انقسامات بشأن المبادلات المكشوفة.. واتفاق على ضرورة تنسيق أقوى

جانب من المظاهرات التي شهدتها اليونان أمس (أ.ب)
TT

أعلن رئيس مجموعة اليورو (يورو غروب) جان كلود يونكر (الخميس) أنه «فوجئ» بقرار ألمانيا الأحادي القاضي بحظر بعض عمليات البيع بلا رصيد من دون التشاور مع شركائها الأوروبيين.

وأعلن يونكر في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية على هامش مؤتمر في طوكيو أن «القرار الألماني فاجأني، لأنه لم يتم بحثه مسبقا مع الدول الأعضاء الأخرى في (يورو غروب)». وأشار يونكر إلى أن المسؤولين في «يورو غروب» يبحثون «هذا النوع من الحظر منذ أشهر».

إلا أن يونكر أوضح، مع ذلك، قائلا: «أنا لا أوجه الانتقاد للقرار الألماني، لكني كنت أفضل اتخاذه في ظروف تنسيقية جيدة».

ومن جانبها، أعربت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد (الخميس) عن أسفها لغياب «التشاور المسبق».

أما رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، فقد أبدى دعمه في المقابل لقرار هيئة الأسواق المالية في ألمانيا. وقال إنه «يوافق مع ألمانيا على ضرورة وقف سوء استخدام المبيعات بلا رصيد».

وأوضح يونكر أن «المعدل الحالي لسعر صرف اليورو جيد، من دون شك، لقسم من الاقتصاد الأوروبي المتجه نحو الصادرات (...) لكنه لا يشكل سببا لمزيد من تراجع سعر العملة الأوروبية».

ومن ناحية أخرى، وجه رئيس صندوق النقد الدولي، انتقادات للتكتل الأوروبي الموحد، بسبب ضعف التنسيق المشترك بين الدول الأعضاء، لمواجهة التطورات الأخيرة، وقال إن أوروبا في حاجة لتنسيق أقوى بشأن السياسة الاقتصادية، وإن فكرة إمكانية أن تتشارك الدول في عملة موحدة وأن تتصرف بشكل مستقل بعضها عن بعض، «خاطئة». يأتي ذلك، في الوقت الذي ترى فيه برلين، أكبر قوة اقتصادية أوروبية، أن اليورو يواجه خطرا حقيقيا، وأن الفترة الحالية تمثل اختبار صعبا للوحدة النقدية الأوروبية، بينما ترد باريس، ثاني أكبر الاقتصاديات الأوروبية، بالقول إن العملة الأوروبية الموحدة لا تواجه أي مخاطر. كل هذا يأتي قبل ساعات من انعقاد اجتماع طارئ في بروكسل لوزراء المالية الأوروبيين اليوم الجمعة، يترأسه رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي حول طرق تنفيذ الآلية الأوروبية لمساعدة دول اليورو، التي تعاني من تفاقم عجز، وللتوصل إلى مقترحات بشأن كيفية تشديد قواعد الموازنة في الاتحاد الأوروبي، وتحسين الحوكمة الاقتصادية من أجل تجنب تكرار الأزمة. ويرى مراقبون أن اجتماع اليوم ليس سوى محاولة جديدة من طرف أوروبا لتهدئة الأسواق، التي لا تزال تمارس ضغوطا متزايدة على العملة الأوروبية الموحدة، والخلاف الأساسي بين الوزراء ينحصر في تحديد الإطار القانوني، الذي ستعمل الآلية بموجبه، والضوابط الواجب مراعاتها قبل تحرير أموال القروض المنصوص عليها في الآلية، التي تصل إلى 750 مليار يورو، يشارك في تأمينها كل من الدول الـ16 الأعضاء في منطقة اليورو، المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي. ولكن بعضا من المراقبين يخشون أن لا يتمخض اجتماع بروكسل عن نتائج إيجابية، خاصة في ظل وجود خلاف مع ألمانيا، التي تسعى إلى فرض مزيد من الشروط والعقوبات الصارمة على الدول المتسببة في الأزمة. من جانبها، عبرت المفوضية الأوروبية عن تفهمها للقرار الألماني القاضي بمنع التعامل، بشكل مؤقت، بالمبادلات غير المضمونة أو ما يسمى المبادلات المكشوفة، في محاولة منها للتقليل من آثار الضغوط التي يمارسها المضاربون على الأسواق المالية. وفي هذا الصدد، أكدت شانتال هيغ، الناطقة باسم المفوض الأوروبي المكلف شؤون السوق الداخلية ميشيل بارنيه، أن المفوضية الأوروبية تأمل أن تعمد ألمانيا إلى إجراء مزيد من التنسيق مع باقي الأطراف الأوروبية عند اتخاذ أي تدبير من هذا النوع.

وأشارت الناطقة إلى أن هذا الموضوع سوف يبحث خلال الاجتماع الطارئ لوزراء المالية.. وارجع المراقبون هبوط اليورو في تداولات الأربعاء الماضي إلى أدنى مستوياته في أربعة أعوام أمام الدولار الأميركي إلى حظر ألمانيا لعمليات البيع بالمكشوف لسندات دول منطقة اليورو، وبعد أن دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الدول الأوروبية إلى التعجيل بفرض الرقابة على الأسواق المالية. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «اليورو الذي بمعية السوق الداخلية يعد أساس النمو والرفاهية في ألمانيا. اليورو في خطر. العملة الموحدة هي مصيرنا المشترك. لذلك، فإننا نواجه لا أقل ولا أكثر من امتحان للوحدة الأوروبية. الوحدة التي يجب أن نحافظ عليها». البرتغال لبى دعوة ألمانيا؛ إذ أكد حظر عمليات البيع بالمكشوف لسندات دول منطقة اليورو وأسهم المصارف المالية الكبرى، بالإضافة إلى تعهده بتعزيز مراقبة التعاملات في الأسواق المالية في القريب العاجل. قال رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سوكراتش: «لدي الضمير الذي يملي علي أداء واجباتي. البلد في حاجة لهذه الإجراءات، إنها مهمة وضرورية». أما الحكومة الإسبانية فإنها أصدرت الثلاثاء الماضي سندات بصيغة أجلها اثنا عشر شهرا وثمانية عشر شهرا تقدر قيمتها بـ6.435 مليار يورو، وسط إقبال كبير من المستثمرين على شرائها. واستطاعت الحكومة اليونانية سداد الديون المستحقة عليها يوم الأربعاء، التي تبلغ قيمتها 8 مليارات وخمسمائة مليون يورو بفضل المساعدة المالية التي قدمها لها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ويقول رئيس صندوق النقد الدولي، إن أوروبا في حاجة لتنسيق أقوى بشأن السياسة الاقتصادية وإن فكرة إمكانية أن تتشارك الدول في عملة موحدة وأن تتصرف بشكل مستقل بعضها عن بعض «خاطئة». وقال دومينيك شتراوس لصحيفة ألمانية: «فكرة أن يكون لدينا عملة موحدة وأن يفعل كل طرف ما يريده فكرة خاطئة»، وتابع: «هناك حاجة لأداة تجعل القرارات متسقة. ربما يطلق الفرنسيون عليها حوكمة اقتصادية، ويسميها الألمان اتفاق استقرار. التسمية أيا كانت لن تحدث فرقا». ويقول صناع السياسة إن أزمة الديون في اليونان، التي أحدثت ضغوطا على اليورو أظهرت أن الآليات القائمة بموجب القواعد الحالية للموازنة في الاتحاد الأوروبي غير كافية لفرض النظام المالي .وقال شتراوس إن صناع السياسة الأوروبيين كانت لديهم الرغبة في فرض شروط أشد صرامة على اليونان مقابل القروض مقارنة بصندوق النقد، وإن برنامج الادخار الذي تم الاتفاق عليه مع اليونان جرى التوصل إليه من جانب صناع القرار الأوروبيين في الأساس وليس صندوق النقد الدولي. وأضاف: «لم يضف الصندوق أي شروط، لكنه مد الإطار الزمني للبرنامج. فترة ثلاث سنوات قاسية للغاية، وكان من المفترض أن تمتد لخمس سنوات»، وتابع أن المسألة الحقيقية أمام أوروبا لا تتمثل في كيفية حل أزمة الديون لكن تتمثل في كيفية تعزيز النمو. وقال إن النمو في أوروبا «متدن للغاية» وذلك لأسباب من بينها ضعف الإنتاجية. وأضاف: «على ألمانيا ودول أخرى القيام بشيء ما للإسراع بالنمو». في الإطار نفسه، قالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد إنها لا تشارك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرأي بأن اليورو في خطر. وأضافت لاغارد لإذاعة «آر تي إل): «لا أعتقد إطلاقا أن اليورو في خطر. اليورو عملة قوية وموثوق بها». وأوضحت لاغارد أنها تدعم خطط ميركل لاتخاذ سلسلة من الإجراءات لدعم اليورو واقتصاد منطقة اليورو، لكنها أكدت أن فرنسا لن تحذو حذو ألمانيا لفرض حظر على عمليات البيع على المكشوف للديون السيادية. وأضافت الوزيرة أنه من المهم أن يكون هناك مزيد من التعاون بين البلدان المختلفة في ما يتعلق بالأمور الاقتصادية.