المريشد: لا يمكن التنبؤ بأسعار البتروكيماويات رغم البوادر الإيجابية

رئيس مجلسي إدارة «ينساب» و«كيان» لـ «الشرق الأوسط»: 75 ألف عامل و70 لغة و1000 حافلة لتشييد أكبر مجمع بتروكيماوي في العالم

TT

أكد المهندس مطلق المريشد، رئيس مجلس إدارة شركة «ينبع» للصناعات البتروكيماوية «ينساب» ورئيس مجلس إدارة شركة «كيان» للبتروكيماويات – وهما مدرجتان في سوق الأسهم السعودية - أنه لا يمكن التنبؤ بأسعار المنتجات البتروكيماوية حتى للعاملين فيها، لكنه يرى ملامح بشائر إيجابية باستمرار الأسعار في مستوى سيحقق الربح والعوائد الجيدة على الشركات العاملة في هذا المجال.

وأفصح المريشد عن اكتفاء شركتي «ينساب» و«كيان» من التمويل اللازم وفقا للدراسات المعدة والتطبيقات على أرض الواقع في هذا الشأن، لافتا إلى أن الشركتين لن تتجها خلال المرحلة المقبلة إلى الاقتراض حيث إن الملاءة المالية لديهما قادرة على الإيفاء بكل الخطط والمتطلبات المرحلية للإنتاج والتصنيع والتصدير المستقبلي.

وأكد المريشد، الذي يعمل نائبا للرئيس التنفيذي في الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» - أكبر شركة بتروكيماويات في الشرق الأوسط - أن آلية عمل «ينساب» و«كيان» تعتمد على تقنيات عالية تسمح بالتكامل الصناعي بينها، مشيرا إلى أنهم يطبقون آلية التغذية المتسلسلة بين المصانع، إذ تعتبر إحدى أبرز آليات العمل الإنتاجي ذات الجدوى الاقتصادية العالية.

وتوقع المريشد خلال حواره مع «الشرق الأوسط» أن يستمر «ينساب» في أدائه المميز خلال الفترة المقبلة، بينما يرى أن اكتمال مشروع «كيان» سيشكل إضافة قوية لواقع صناعة البتروكيماويات في السعودية، كما سيعتبر فعليا أكبر مشروع بتروكيماويات من نوعه يشيد دفعة واحدة. إلى تفاصيل الحوار:

* نلمس تحسنا في أسعار البتروكيماويات، هل رصدتم توقعات لمستقبلها القريب، باعتباركم رئيسا لمجلس شركتين بتروكيماويتين سعوديتين؟

- في الحقيقة لا يمكن أن تحدد تقديرا لأسعار البتروكيماويات فهي تعتمد على الأسواق العالمية وتحكمها الظروف المحيطة بالاقتصاد، ولذلك يستحيل أن نتوقع بالتحديد الأسعار وإلى أين ستتجه، لكن ما هو متاح من مؤشرات تعطي بشائر تفاؤل بوضع سعري جيد لأسعار البتروكيماويات ومنتجاتها في العالم مع توافر الطلب وتنامي الحاجة لها ودخولها في أنشطة اقتصادية وصناعية كثيرة.

وبالفعل نحن نرى قدرة أسعار البتروكيماويات على التماسك وتقديم توقعات إيجابية خلال المرحلة المقبلة، بيد أن ذلك لا يعني الجزم على الإطلاق كما ذكرت سابقا. وليس لنا إلا العمل وفقا لمنهجية مهنية وإدارية وتسويقية محترفة والمنافسة على الأسواق بالجودة. وكما هو معلوم نبقى في السعودية كمصدر للمنتجات البتروكيماوية الأكبر بوجود كيانات ضخمة مثل الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، وما يتوقع كذلك من انطلاق منشآت أخرى مثل «كيان» للبتروكيماويات التي سيكون لديها أكبر مجمع صناعي متخصص من نوعه على مستوى العالم.

* تقف على رأس شركتي بتروكيماويات كبريين في السعودية، هما شركة «ينبع» للبتروكيماويات «ينساب» وشركة «كيان» للبتروكيماويات، وكل منهما مدرجة في السوق المالية، ماذا عن تمويل مشاريع الشركتين كما هو مصرح، وهل هناك نوايا مستقبلية للتوجه نحو طرق باب الاقتراض؟

- كما تعلم «ينساب» ماضية في مشاريعها ومنطلقة في إنتاجها التجاري مؤخرا وحققت عوائد عالية، بينما «كيان» لا تزال في طور التكوين وإنشاء مجمعها الصناعي العملاق، لكن لن نتجه إطلاقا خلال المرحلة المقبلة للاقتراض وطلب التمويل، بل كلتا الشركتين تتمتعان بملاءة مالية واستيفاء لكافة متطلبات المرحلة المقبلة بعد أن كانت قد حصلت على بعض القروض من البنوك في مراحل التأسيس والانطلاقة وفقا لدراسات الجدوى. وكما أكدت لك، بأن المستحقات المالية للجهات المقرضة يتم تسليمها بانتظام حيث تبلغ قيمة القروض على «ينساب» 3.5 مليار دولار، بينما حجم تمويل «كيان» كان بقيمة 6 مليارات دولار.

* «ينساب» تبدو في قمة أدائها بعد مرحلة التأسيس، أعلنت مؤخرا عن أرباح ضخمة، فكيف تبدو أوضاع الشركة خلال المرحلة المقبلة؟

- «ينساب» بدأت فعليا الإنتاج التجاري قبل فترة، لذا كانت تطلعاتنا بأن تبدأ في تحقيق العوائد المرجوة، وبالفعل ما حققته الشركة خلال الربع الأول من العام الحالي يعتبر قفزة نتائجية منتظرة، بعد أن كنا بالفعل نعيش مرحلة تكاليف ما قبل التشغيل.

وكما أعلنا رسميا خلال الربع الأول حققنا - بفضل الله - أرباحا قوامها 259.4 مليون ريال (69.1 مليون دولار)، بينما كنا قد سجلنا خسارة قوامها 8.24 مليون ريال وهي تمثل خسائر ما قبل التشغيل للربع المماثل من العام السابق ومقابل صافي خسارة (7.32) مليون ريال للربع السابق.

* لكن.. هل تتوقع أن تواصل الشركة تحقيق الأرباح بالمستوى ذاته؟

- لا أستطيع أن أجزم لك تحديدا، لكننا متفائلون باستمرار النتائج الإيجابية للشركة، لا سيما أن الوضع على مستوى أسعار البتروكيماويات متماسك، كما أن الشركة تواصل ضخ منتجاتها إلى السوق حاليا بين 160 إلى 200 ألف طن شهريا ضمن عقد التسويق المبرم مع شركة الصناعات الأساسية «سابك». كما أن الشركة ملتزمة بتقديم منتجاتها مع تشغيل ضخم لـ8 مصانع حاليا مختصة بتصنيع «البروبيلين» و«الغلاكول» والبنزين وجزء من الإيثيلين.

* ماذا عن «كيان» الشركة المنتظرة في الصناعات البتروكيماوية ليس محليا فقط بل حتى على الصعيد العالمي، هل تواجه مشكلات حاليا على صعيد الإنشاء؟

- كما أعلن مؤخرا حققت الشركة في الربع الأخير صافي خسارة قوامها 3.7 مليون ريال فقط، مقابل صافي خسارة 6.26 مليون ريال للربع المماثل من العام السابق وذلك بانخفاض قدره 39.7 في المائة، لكن لا بد أن ندرك، ويدرك قبلنا المساهمون، أن الشركة لا تزال في طور الإنشاء، وإلى الآن لم تبدأ التشغيل، فبلا شك لن تكون هناك أرباح، ولكن خطط العمل جارية في قيام الشركة بالصورة المطلوبة كمنشأة مؤثرة في الصناعات البتروكيماوية.

ولا بد أن أشير إلى أننا ننتظر بإذن الله، أن تبدأ في الإنتاج التجاري بعد عامين، وتحديدا في 2012، وحتى حلول الموعد يصعب التنبؤ أو إعطاء أي تقديرات حيال ما يخص الشركة ووضعها في السوق. ونحن بطبيعة الحال نصرف أموالا تحت الإنشاء في قيام المشروع ولا نعتبرها خسائر بقدر ما تصنف بأنها تكاليف سيتم رسملتها ولا تحسب في قائمة المصاريف. ويبلغ حجم التمويل كما هو معروف لـ«كيان» بما قيمته 6 مليارات ريال تبدأ فترة السداد بـ4 سنوات بعد التشغيل وهي مجدولة لسنوات طويلة، ولا نعتقد حتى الآن بوجود حاجة للاقتراض، لكفاية الشركة وتوفر السيولة لديها.

* وماذا عن قيام شركة «كيان» كمشروع ذكرتم فيما سبق بأنه سيكون الأكبر في مجاله على مستوى العالم؟

- نعم ذكرنا ذلك وهذا صحيح، حيث لدى الشركة حاليا 1500 موظف مؤهل، منهم 90 في المائة سعوديون، ولأول مرة يتم تدريبهم قبل الانضمام إلى العمل بسنتين في مجمعات الشركة الأم «سابك»، ليكونوا الآن مؤهلين تماما للفترة الإنتاج المقبلة.

وبخصوص المشروع، نعم لدى الشركة حاليا المجمع البتروكيماوي العملاق الذي يجري تشييده حاليا، وينتظر أن تنهي مراحل منه خلال النصف الثاني من العام الحالي 2010، حيث سنطلق خطوط تصنيع لمادة «الإيثيلين» والبدء في إنتاجه باعتباره عصب الشركة ويدخل في منتجات أخرى، وكذلك ستكون هناك منتجات حيوية أخرى في مجال البتروكيماويات مثل الـ«بولي إيثيلين» الكثيف الذي يدخل في مكونات كثيرة، بالإضافة إلى «غلايكول» وقرابة 15 منتجا آخر.

* وماذا عن مجمع «كيان» للبتروكيماويات إلى أين وصلت مراحل قيامه؟

- نعم هو كما ذكرت سابقا سيكون مجمع «كيان السعودية» في مدينة الجبيل الصناعية أكبر مجمع بتروكيماويات في مجاله على مستوى العالم، حيث نبني حاليا 16 مصنعا ليكون بمثابة المدينة المستقلة، ويكفي الإشارة إلى أن المجمع يقوم على بنائه حاليا 75 ألف عامل يتحدثون 70 لغة وتنقلهم يوميا 1000 حافلة، يعملون جميعا في وقت واحد. فالجدوى الاقتصادية للمشروع تؤكد أنه للمرة الأولى عالميا يتم التشييد للمجمع كاملا دفعة واحدة، ويعد أكبر مجمع بتروكيماوي متكامل في العالم لإنتاج الإيثيلين، والبروبيلين، والبولي إيثيلين، والبولي بروبيلين، وغلايكول الإيثيلين، كما نتبنى سياسة عملية التغذية بين المصانع التي سيبلغ تكلفة إنتاجها الإجمالية قرابة 6 مليارات دولار، بجانب إنتاجه الكثير من المنتجات المتخصصة التي تنتج محليا لأول مرة مثل أمينات الإيثانول، وأمينات الإيثيل، وفورماميد الإيثيل الثنائي، والبيسفينول، والإيثوكسيليت، والبولي كاربونيت، وكولين الكلوريد، والأسيتون.

* وبعد ذكر هذه المجمعات والمشروعات البتروكيماوية هل يمكن أن تعطي تقديرات أولية للأسعار التي ستواصل عليها منتجات الصناعة البتروكيماوية؟

- لا أستطيع على الإطلاق، لكن وفقا للبوادر الأولية للسوق فإن الأسعار ستظل إيجابية على المدى القريب ما لم تحدث مؤثرات كبرى على الأسواق العالمية.

* وكيف هو وضع الصناعة السعودية على مستوى العالم؟

- لا بد أن نفخر نحن في السعودية بالمستوى الذي وصلت إليه صناعة البتروكيماويات، حتى باتت الشركات السعودية من المنتجين البارزين حاليا في الصناعات البتروكيماوية يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وأحد أكبر المنتجين على مستوى آسيا، إلا أن ذلك لا يمكن أن يؤثر في أسعار البتروكيماويات في الأسواق العالمية التي تخضع لمبدأ العرض والطلب.