مصر: حبس مسؤولين في شركتي سياحة وسمسرة لتلاعبهما في البورصة

«الرقابة المالية» تستعد للإشراف على الأبحاث المتعلقة بها

TT

في إطار «ضبط أداء البورصة المصرية» وحمايتها من التلاعب، الذي يؤثر بشكل سلبي على أداء المستثمرين وبخاصة الصغار منهم، أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية حكما بحبس رئيس مجلس إدارة «شركة رمكو لإنشاء القرى السياحية»، أيوب عدلي أيوب، ومسؤول آخر بـ«شركة برايم للوساطة المالية»، يدعى محمد ماهر، لمدة عام وتغريم كل منهما 10 آلاف جنيه بالإضافة إلى دفع تعويض يقدر بـ100 ألف جنيه (نحو 17 ألف دولار)، في الوقت الذي تستعد فيه الهيئة العامة للرقابة المالية التي تعد أحد نشاطاتها الرقابة على البورصة، لإصدار قرارات جديدة تلزم شركات السمسرة وشركات الأبحاث باللجوء إليها قبل نشر أي أبحاث تتعلق بأداء البورصة أو الشركات المدرجة بها، حتى تتأكد من سلامة منهجية تلك البحوث وعدم تحيزها.

جاء حكم المحكمة الاقتصادية الثالث من نوعه خلال هذا العام، بعد حملة تفتيش قامت بها هيئة الرقابة المالية على «شركة برايم للوساطة المالية»، اكتشفت على أثرها وجود تلاعب وتواطؤ بين مسؤول هذه الشركة وصاحب شركة «رمكو»، حيث قامت الأولى بالاتفاق مع رئيس الشركة الثانية بإجراء عمليات بيع وشراء وهمية على أسهم «رمكو»، مما أدي إلى ارتفاع أسهمها من 9 جنيهات للسهم إلى 50 جنيها منتصف عام 2007، وذلك حتى يتمكن صاحب «رمكو» من سداد مديونياته لعدة بنوك والتي تقدر بـ18 مليون جنيه. وتتركز مشروعات شركة «رمكو»، وهي شركة مصرية متخصصة في إنشاء القرى السياحية، في مدينة شرم الشيخ والعين السخنة، على البحر الأحمر، ويبلغ رأسمالها نحو 2.253 مليار جنيه. وتراجعت أرباح الشركة خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 59% لتصل إلى 49.6 مليون جنيه، مقارنة بأرباحها خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وسبق للمحكمة الاقتصادية إصدار حكمين خلال العام الجاري ضد متلاعبين بأسهم الشركات المقيدة في البورصة، بدأت مع مطلع العام الجاري بحكم صدر ضد 15 شخصا تلاعبوا بأسهم «شركة النيل لحليج الأقطان» ورفعوا سعر سهم الشركة من 4 جنيهات إلى 60 جنيها خلال فترة قصيرة. تلاه حكم ضد 3 أعضاء من مجلس إدارة «شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية» بالإضافة إلى 6 مستثمرين بالسوق للتلاعب على سهم «بايونيرز» مما تسبب في ارتفاعه من 5 جنيهات إلى 27 جنيها خلال 8 جلسات فقط، عقب تداوله بالبورصة في صيف 2008. ويقضي الحكم بمعاقبة المتهمين بالحبس لمدة سنة وكفالة 100 ألف جنيه لإيقاف التنفيذ مؤقتا إلى جانب غرامة مالية قدرها 10 ملايين جنيه لكل منهم.

وكانت هيئة سوق المال قبل اندماجها مع هيئات رقابية أخرى ضمن هيئة الرقابة المالية غير المصرفية قد قامت منذ عامين بتحويل عدد من المستثمرين وشركات سمسرة في الأوراق المالية إلى النيابة بعد أن ثبت تلاعبهم بالأسهم بهذه الطريقة.

ويسمح قانون سوق المال لرئيس هيئة الرقابة المالية بإجراء تصالح مع المتهمين في جميع المراحل القانونية مقابل دفع مبلغ مالي للهيئة لا يقل عن ضعف الحد الأدنى للغرامة.

وأحالت الهيئة العامة للرقابة المالية في وقت سابق «شركة برايم لتداول الأوراق المالية» للتحقيق معها في تقييم «برايم» لسهم «موبينيل» في الوقت الحالي، وذلك بعد أربعة أشهر من صدوره، بسبب نتائج التسوية التي تمت أخيرا بين «أوراسكوم» و«فرانس تيليكوم»، والتي جعلت هذا التقييم محل شك، وخاصة مع الارتفاع المبالغ فيه لهذا التقييم إلى جانب المستويات الحالية التي وصل إليها سعر السهم، حيث استعانت «موبينيل» بشركة «برايم» كمستشار مستقل لتقييم سهمها منذ خمسة أشهر للحكم على السعر الذي تقدمت به «فرانس تيليكوم» (شركة فرنسية) لشراء الأسهم التي لا تمتلكها في الشركة، وتراوح تقييمها بين 263 جنيها إلى 337 جنيها.

وتستعد الهيئة العامة للرقابة المالية إلى إصدار قرارات، تعطي لها الحق في الرقابة على البحوث التي تُصدر من قبل شركات السمسرة وبنوك الاستثمار التي تتعلق بأداء البورصة أو أداء الشركات المدرجة بها، حتى تتأكد من سلامة منهجية تلك البحوث وعدم تحيزها. وقالت مصادر بالهيئة لـ«الشرق الأوسط» إن هذه القرارات ستتضمن إبلاغ شركات السمسرة وبنوك الاستثمار التي توجد بها إدارات للأبحاث لاستيفاء متطلبات إصدار البحوث وأهمها مؤهلات الباحثين الذين يصدرون تلك التقارير، والهدف من الإصدارات، وتوضيح ما إذا كانت الشركة تتعامل على الأسهم التي يتضمنها التقرير أم لا.

وأجمع خبراء في السوق أن الأحكام التي صدرت على المتلاعبين، خلال العام الحالي على الرغم من كونها غير رادعه بما يكفي، فإنها تشكل تهديدا كبيرا على المتلاعبين، وخاصة على سمعتهم، سواء كانوا شركات سمسرة أو منتمين لشركات مدرجة في البورصة.

وأشار وائل النحاس خبير أسواق المال إلى أن المضاربة في جميع أسواق العالم مشروعة، ولكن غير المشروع، هو أن يحدث اتفاق ضمني بين شركة سمسرة ورئيس مجلس إدارة شركة، تستغل شركة السمسرة مستثمريها وتغريهم بأخبار عن الشركة وتوقعات بأداء جيد لسهمها، وتمنحهم كريديت (قرض من دون فائدة) لتفوق قوتهم الشرائية على سهم، وهو ما يؤدي إلى حدوث فقاعات سعرية للأسهم، لا تضر إلا بالمستثمرين الصغار.