على ذمة وول ستريت.. «آبل» تتفوق على «مايكروسوفت» وتنتزع صدارة قطاع التكنولوجيا

القيمة السوقية لـ«آبل» 222 مليار دولار مقابل 219 ملياراً لـ«مايكروسوفت»

TT

أعلنت «وول ستريت» نهاية عصر وبداية العصر المقبل: لم يعد المنتج التكنولوجي الأكثر أهمية موجود على الطاولة الخاصة بك، لكنه الآن في يدك.

لقد أتت هذه اللحظة يوم أول من أمس عندما أعلنت «آبل»، الشركة المصنعة لأجهزة آي بود وآي فون وآي باد، أنها تفوقت على شركة «مايكروسوفت»، الشركة العملاقة في برمجيات الكومبيوتر، وأصبحت أهم شركة في العالم في مجال التكنولوجيا.

وهذا التحول يكمل أحد التحولات المذهلة في تاريخ الأعمال لشركة «آبل»، التي كانت من المتوقع أن تنهار قبل عقد من الزمان، وللشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لها ستيفن بي جوبس. وتبشر أيضا القيمة المتزايدة بصورة سريعة لشركة «آبل» لدى المستثمرين بتحول ثقافي مهم: لقد تجاوزت أذواق المستهلكين احتياجات النشاط باعتبارها القوة الرائدة في تشكيل التكنولوجيا.

وكانت شركة «مايكروسوفت»، ببرنامج «ويندوز» الخاص بها وحزمة برامج «الأوفيس»، تسيطر على العلاقة بين معظم الناس وأجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم على مدار عقدين من الزمان تقريبا، وانعكس ذلك على القيمة السوقية لها في سوق الأسهم. بيد أن سرعة الكتابة على لوحة المفاتيح قادت إلى استخدام أصابع اليد عبر الشاشة التي تعمل باللمس في أجهزة الهواتف الذكية.

وتعد شركة «آبل» هي المكان الصحيح في الوقت الصحيح. وعلى الرغم من أنها لا تزال تبيع أجهزة الكومبيوتر، فإن الإيرادات التي تحققها من بيع الأجهزة المحمولة في اليد وأجهزة الموسيقى تبلغ ضعف الإيرادات التي تحققها من بيع أجهزة الكومبيوتر. وبصفة عامة، باعت صناعة التكنولوجيا نحو 172 مليون جهاز من أجهزة الهواتف الذكية العام الماضي، بالمقارنة بنحو 306 ملايين جهاز كومبيوتر شخصي، لكن مبيعات أجهزة الهواتف الذكية نمت بوتيرة أسرع خمس مرات.

وتعتمد «مايكروسوفت» بصورة أكبر على الحفاظ على الوضع الحالي، فيما تخوض «آبل» معركة مستمرة للتفوق على نفسها وتقديم شيء جديد، حسبما قال بيتر إيه ثيل، الشريك المؤسس لشركة «باي بال» وأحد المستثمرين الجدد في «فيس بوك». وقال: «تعد آبل بمثابة رهان على التكنولوجيا. وهزيمة آبل لمايكروسوفت شيء مهم للغاية».

واعتبارا من يوم الأربعاء، قدرت وول ستريت القيمة السوقية لشركة «آبل» عند 222.12 مليار دولار و«مايكروسوفت» عند 219.18 مليار دولار. والشركة الأميركية الوحيدة التي تجاوزت هذه القيمة كانت «إكسون موبيل»، التي بلغت القيمة السوقية لها في سوق الأسهم 2178.64 مليار دولار.

وتحقق هذه الشركات إيرادات متقاربة، حيث حققت «مايكروسوفت» إيرادات قيمتها 58.4 مليار دولار، و«آبل» 42.9 مليار دولار. بيد أنه في السنوات المالية الأخيرة، بلغ صافي الدخل الذي حققته «آبل» 5.7 مليار دولار، فيما حققت «مايكروسوفت» أرباحا تصل إلى 14.6 مليار دولار. وبلغت استثمارات «مايكروسوفت» النقدية وقصيرة الأجل 39.7 مليار دولار، فيما بلغت استثمارات «آبل» 23.1 مليار دولار، مما يجعل القيمة التي يوليها السوق لشركة «آبل»، وهي بالأساس رهان على مبيعاتها المستقبلية، أكبر من ذلك.

وقلل الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت» ستيفن إيه بالمر من أهمية هذا التحول صباح أمس، حيث قال، من نيودلهي حيث ذهب إلى هناك للترويج لخطط «مايكروسوفت» في مجال الحوسبة السحابية، «لا توجد شركة تعمل في مجال التكنولوجيا على وجه الأرض تحقق أرباحا أكثر مما نحقق». وقال: «في أي يوم، يعد سوق الأسهم آلة للتصويت، لكن فقط على المدى البعيد يعد آلة لتحديد الأهمية والوزن».

ورفضت شركة «آبل»التعليق.

ويعزز صعود «آبل»إلى القمة من سمعة جوبس، الذي كان يعمل في يوم من الأيام مع الشريك المؤسس لشركة «مايكروسوفت» بيل غيتس. وقال جيم برير، رجل أعمال استثمر في بعض الشركات الأكثر نجاحا في مجال التكنولوجيا: «إنه التحول الوحيد الأكثر أهمية الذي رأيته في وادي السليكون».

وفي حين تعد «آبل» في أوج قوتها، تواجه منافسا قويا جدياد يتمثل في مؤسسة «غوغل»، التي تنافس «آبل» في مجال أجهزة الهواتف المحمولة عن طريق نظام التشغيل الخاص بها (أندرويد)، والإعلانات على أجهزة الهواتف المحمولة.

كما يبدو أن «غوغل»، التي تبلغ القيمة السوقية لها في سوق الأسهم 151.43 مليار دولار، تقدمت على «آبل» في مجال جديد من المحتمل أن يكون له أهمية كبيرة، وهو مجال أجهزة التلفزيون المتصلة بالإنترنت. وتقود «غوغل» المستهلكين تجاه نموذج جديد من الحوسبة، تستحوذ فيه تطبيقات الإنترنت، بدلا من تطبيقات آي فون أو تطبيقات أجهزة سطح المكتب، على الأهمية الأولى. وقال تيم باجارين، المحلل في مجال التكنولوجيا والذي يتابع «آبل» منذ عام 1981، «لقد انتقلت المعركة من كونها بين مايكروسوفت وآبل إلى كونها بين آبل وغوغل. تحظى آبل بتقدم مهم. لكن غوغل في طريقها لأن تكون منافسا قويا».

كانت «آبل» و«مايكروسوفت» قد شرعتا في إحداث ثورة في الحواسب الآلية الشخصية في أواخر سبعينات القرن الماضي، لكن سرعان ما تفوقت «مايكروسوفت» على «آبل» وأصبحت واحدة من أكثر الشركات إدرارا للربح على الإطلاق.

ومنذ ما يزيد قليلا على عقد، ساد اعتقاد بأن «آبل»، التي طردت جوبس عام 1985، في طريقها للفناء. بل وبلغ الأمر حد اقتراح مايكل إس. ديل، مؤسس والرئيس التنفيذي لـ«ديل»، إغلاق «آبل» أبوابها وإعادتها الأموال إلى المساهمين. (تبلغ قيمة شركة «ديل» لصناعة الحاسب الآلي حاليا قرابة عشر قيمة «آبل»). خلال الفترة ذاتها تقريبا، وصف المسؤول الأول عن شؤون التكنولوجيا داخل «مايكروسوفت» «آبل» بأنها «ماتت بالفعل». إلا أنه مع عودة جوبس إلى «آبل» عام 1996 شرعت الشركة في التحرك ببطء نحو استعادة عافيتها. وبدأت عودة «آبل» إلى الحياة بقوة مع طرح أجهزة تشغيل موسيقية «آي بود»، وشرع جوبس في اكتساب شهرة توقع ما يرغبه المستهلكون. وتمكنت الشركة من التفوق على «سوني» وهيمنت مجال التوزيع الموسيقي مع وجود متجر «آي تيونز» الموسيقي على شبكة الإنترنت. ولاحقا، تقدمت على «نوكيا»، العلامة التجارية الأولى في مجال الهواتف النقالة، من خلال طرحها «آي فون» عام 2007. وخلال ذلك العام، تمكن جوبس من إحداث تغييرات كبرى في الشركة مجددا، مع إقرار «آي باد»، وهو جهاز حاسب آلي لوحي يحمل إمكانية خلق فئة جديدة من الحواسب الآلية وإعادة تشكيل أسلوب تفاعل الناس مع أجهزتهم من جديد. وقد ساعد جوبس في خلق «أفضل حاسب آلي لسطح المكتب وأفضل جهاز موسيقي نقال وأفضل هاتف نقال ذكي، والآن أفضل حاسب آلي لوحي»، حسبما أكد ستيف برلمان، الذي سبق له العمل في كل من «آبل» و«مايكروسوفت»، ويعمل حاليا رئيسا تنفيذيا لـ«أونلايف»، وهي شركة ألعاب إلكترونية على شبكة الإنترنت.

مع تنامي قدرات «آبل» الإبداعية، ناضلت «مايكروسوفت» من أجل بناء تحديثات مرغوب فيها لمنتجاتها الأساسية وخلق شركات جديدة ضخمة بمجالات مثل الألعاب الإلكترونية وأجهزة التشغيل الموسيقية والهواتف والبحث عبر الإنترنت. ومنذ عام 2000، فقدت «مايكروسوفت» نصف قيمتها.

من جانبه، قال بالمر، أمس، إنه في الوقت الذي تواجه «مايكروسوفت» «بعض المنافسين الجيدين للغاية»، فإن الشركة ذاتها تعد منافسا جيدا جدا. ومع ذلك، بدا بالمر معترفا بأن «مايكروسوفت» بحاجة إلى التطوير في بعض المجالات. وقال: «بالنسبة لهواتف النافذة علينا تقديم أجهزة لشركائنا في أعياد الكريسماس القادم». وأضاف أن «فيدباك» كان جيدا حتى الآن، لكن ما يزال أمام الشركة «الكثير للقيام به». ومع ذلك، تبقى «مايكروسوفت» شركة بالغة القوة والربحية في مجال التكنولوجيا، حيث يوجد برنامج «ويندوز» الخاص بها على 9 من بين كل 10 حواسب آلية، بينما يستخدم أكثر من 500 مليون شخص برنامج «أوفيس» لأداء مهامهم اليومية، مثل كتابة الخطابات أو بعث رسائل عبر البريد الإلكتروني. ويجلب هذان البرنامجان النسبة الكبرى من عائدات الشركة السنوية.

إلا أن «آبل» تملك زخما. على سبيل المثال، قال سكوت جي. مكنيلي، أحد مؤسسي والرئيس التنفيذي لـ«صن مايكروسيستمز»: «لقد أدرك ستيف الطريق الصحيح مبكرا، وقبل مايكروسوفت بوقت طويل. وأدرك ضرورة تحقيق تزاوج بين الأجزاء الصلبة والمرنة من الحاسب الآلي للحصول على جهاز لا يستلزم جهدا كبيرا من المستخدم». وأضاف: «منتجات آبل صغيرة ومستعدة للانطلاق».

* شارك في هذا التقرير هيزر تيمونز من نيودلهي * خدمة «نيويورك تايمز»