المستثمرون العرب يعتمدون على أحدث إشاعة سمعوها وليس على بيانات رسمية

أسواق الخليج يمكن أن تحقق للمستثمر الأجنبي عائدات لا صلة لها بأسعار الأسهم العالمية

TT

عندما تلقى المستثمرون الكويتيون رسائل نصية مجهولة المصدر أثناء الليل تحثهم على شراء أسهم شركة الاتصالات الجوالة «زين» أبدوا رد فعل مختلفا عما يبديه كثيرون في أسواق الدول المتقدمة.. فقد أولوا هذه الرسائل اهتماما.

وساعد الطلب على هذه الأسهم في ارتفاع سعر سهم الشركة بنسبة 23 في المائة في خمسة أيام تداول من شهر فبراير (شباط) قبل أن تعلن الشركة أنها ستبيع أصولا أفريقية في صفقة تبلغ قيمتها تسعة مليارات دولار.

هذا مجرد مثال واحد على المخاطر التي يتوقعها المستثمر في أي سوق ناشئة جديدة خاصة في الشرق الأوسط.

وقال دانيال بروبي، كبير مسؤولي الاستثمار في «سيلك إنفست» في لندن «الكويت لديها بعض الشركات المعروفة لكنها تواجه عددا من التحديات فيما يتعلق بالمنظور الغربي.. من هذه التحديات أن الكويتيين انتقائيون فيما يتعلق بتقديم المعلومات ويحابون الأقارب والأصدقاء».

والكويت قد تكون السوق الأكثر خداعا. ففي يوليو تموز (الماضي) انتحر رجل الأعمال الكويتي حازم خالد البريكان بعد مقاضاته في اتهامات بالاحتيال وجهتها له هيئة رقابية أميركية قالت إنه جاء بممارسات مريبة إلى الولايات المتحدة. لكن مثل هذه الممارسات شائعة في المنطقة.

فالمستثمرون العرب الأثرياء الذين تحفل بهم قاعات البورصة يعتمدون في عطاءاتهم على أحدث إشاعة سمعوها. ويتمثل التحدي في تحقيق أرباح في أسواق يرتادها في الأساس متعاملون يأتون لفترات قصيرة وتبدو فيها تحركات أسعار الأسهم عشوائية تماما، وتأتي أخبار الشركات من صديق أو قريب قبل أن تأتي من بيان رسمي. ولمن لديه الجرأة والمورد الذي يتيح له المغامرة وإجراء أبحاثه الخاصة عن السوق يقول البعض إن أسواق الخليج يمكن أن تحقق للمستثمر الأجنبي عائدات لا صلة لها بأسعار الأسهم العالمية.

وباستشراف ما سيكون عليه الوضع بعد صدمة أزمة ديون دبي يتوقع المستثمرون في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم بعضا من أكثر قصص النجاح إثارة على مستوى العالم، خاصة في السعودية وقطر اللتين ارتفع مؤشرا بورصتيهما بقوة أوائل العام.

لكن عمليات بيع في شهر مايو (أيار) الحالي بددت هذه المكاسب، فنزل مؤشر قطر بنسبة 4.5 في المائة حتى الآن هذا العام، وهبط المؤشر السعودي بنسبة 5.9 في المائة، لكن كلا منهما حقق أداء أفضل من مؤشر «مورغان ستانلي» للأسواق الناشئة الذي هبط بنسبة 13 في المائة تقريبا.

وشعوب المنطقة التي تتمتع بكثرة عدد أبنائها من جيل الشباب وبوفرة المال نتيجة ازدهار أسعار النفط هذا القرن تضفي عنصر جذب إضافيا إلى التوقعات الديموغرافية والاقتصادية.

فاقتصاد قطر من المتوقع أن ينمو بأكثر من 18 في المائة في 2010 وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان) الماضي، والسعودية بدأت في برنامج إنفاق بقيمة 400 مليار دولار لتطوير البنية الأساسية في إطار سعيها لتنويع اقتصادها بعيدا عن الطاقة.

وقالت غدير أبو ليل كوبر، مديرة الاستثمارات في أسهم الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا في شركة «بارينغ أسيت ماندجمنت» متحدثة عن أسواق الخليج «نعتقد أنه في السنوات العشر القادمة بسبب هذه العوامل الديموغرافية والإنفاق على البنية الأساسية ستنفتح هذه الأسواق، وستتسم الشركات بدرجة أعلى من الشفافية».

وسجل مؤشر «مورغان ستانلي» للأسواق العربية في نهاية ابريل معدل سعر للإيرادات يبلغ ما يزيد قليلا على 20 مرة، متجاوزا أداء الأسواق المتقدمة بعد أن حقق أداء أقل من الأسواق المتقدمة منذ أواخر عام 2008.

وفي حين أدت الأزمة العالمية إلى تهاوي أسعار الأسهم، يعتقد بعض المحللين أن أسهم الشرق الأوسط يمكن أن تعود إلى اتجاه تاريخي يتمثل في عدم ارتباطها - على الأقل بدرجة معينة - بالأسواق العالمية والناشئة.

وأوضحت وكالة «رويترز» للأنباء أنه لكي يحدث ذلك يجب أن يتوقف الهبوط الحاد الراهن في أسعار النفط. فالارتباط القوي بين أسهم الخليج وأسعار النفط المرتبطة بدورها بالاقتصاد العالمي يعني أن أسهم الشرق الأوسط مرتبطة بدرجة ما بأساسيات الأسواق العالمية.

ويقول هيثم عرابي، الرئيس التنفيذي لشركة «غلفمينا» للاستثمارات البديلة في دبي، إن مناخ الاستثمار في الوقت الراهن يشبه المناخ الذي كان سائدا في أوائل العقد الماضي. فالاقتصادات المتقدمة كانت في ذلك الوقت قد خرجت لتوها من فقاعة الإنترنت وارتفعت الأسهم السعودية مع صعود أسعار النفط.

وقال عرابي «أسعار الفائدة على الودائع كانت تبلغ 0.5 في المائة، لذلك سعى المستثمرون لعائدات الأسهم.. لم يتغير شيء. فقط حجم الأزمة كان أكبر ومدتها كانت أطول.. إنه نفس سيناريو الازدهار والفقاعة وانفجارها». وأضاف «نحن مرتبطون بالأنباء المهمة عن الأسواق العالمية.. في أي لحظة يمكن أن يكون هناك ارتباط لكن قوة هذا الارتباط هي الشيء المهم». ومن المتوقع أن يبلغ سعر النفط الخام في المتوسط 81.06 دولار للبرميل في 2010 وفقا لبيانات استطلاع أجرته «رويترز» في أبريل. ويجري تداول النفط حاليا عند نحو 68 دولارا للبرميل. ونمو الطلب في الاقتصادات الناشئة خاصة الصين هو الذي يقود السعر.

وقال دانيال تابز، من صندوق الأسواق الناشئة التابع لشركة «بلاكروكس»، الذي يستثمر نحو ملياري دولار في الأسواق الناشئة منها استثمارات في الأسهم القطرية والسعودية «الصين تسير في أعقاب قطر». وأضاف «قطر تحقق معدل نمو في غاية السرعة. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان قطر إلى ثلاثة ملايين نسمة بحلول 2011. وقطر هي أغنى دولة في العالم من حيث نصيب الفرد من الثروة بفضل صادراتها من الغاز الطبيعي المسال.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد السعودي بمعدل 3.7 في المائة هذا العام، في حين تقل أعمار ثلث سكان المملكة عن 15 عاما، وينمو عدد السكان بمعدل اثنين في المائة تقريبا سنويا.

وقالت غدير أبو ليل كوبر من «بارينغ»: «مع ارتفاع أسعار النفط يكون هناك ما يكفي من المال للاستمرار في استثمارات البنية الأساسية لدعم النمو السكاني».