المنتدى الاقتصادي العالمي يحذر من مخاطر جسيمة.. ويدعو إلى إصلاحات كبيرة

أمير قطر: الخلل في سوء إدارة السوق العالمية

الشيخة هنادي بنت ناصر آل ثاني رئيسة مؤسسة أموال تستمع إلى كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في الدوحة أمس (رويترز)
TT

دعا تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى إجراء إصلاحات كبيرة في النظام العالمي خلال فترة ما بعد الأزمة المالية التي ضربت العالم في 2008. وانتقد التقرير، الذي صدر أمس في الدوحة «الثمن الباهظ الذي دفعه المجتمع الدولي لقاء تهاونه تجاه النظام المالي ومخاطر الاقتصادات الكلية، التي تم التطرق إليها على نطاق واسع، وسمح لها على الرغم من ذلك بأن تتراكم لأمد طويل».

من جهته، قال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إنه في ما يتعلق بالأسواق وما تشهده من اضطراب يهز أركانها هزا عنيفا كما نرى أمامنا الآن، «فالظاهر الواضح لمن يدقق أن الخلل الرئيسي ليس في فكرة السوق العالمية وإنما الخلل في سوء إداراتها وفي المقامرة بضوابط سلامتها عبر الحدود وخلافا للقوانين».

وقال الشيخ حمد في افتتاح مبادرة إعادة التصميم الشامل، التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي: «نحن من الذين يعتقدون أننا لن نجد بديلا لفكرة السوق العالمية، ولكن القضية المركزية هي أن يعلو احترام قوانين السوق فوق المصالح الأنانية للقوى والمطامح الجامحة للأفراد».

ويحذر تقرير المنتدى الذي يحمل عنوان «مسؤولية الجميع: تعزيز التعاون الدولي في عالم أكثر ترابطا»، من تراكم مخاطر جسيمة وتحديات عالمية في الكثير من المجالات، وأن المؤسسات والترتيبات الدولية غالبا ما تكون غير مجهزة بالصورة المناسبة لتوفير الاستجابة الاستباقية. ويدعو التقرير، الذي يذكر المجتمع الدولي بأنه في خضم الأزمة المالية خلال أواخر عام 2008 وبداية عام 2009 كان «مقيدا بالطبيعة المتغيرة التي يتميز بها عصرنا»، إلى «التمسك بهذه الفرصة، وترسيخ إنجازه الكبير المتمثل في احتواء الأزمة، وتجديد عهده الذي قطعه مسبقا بخصوص ترميم النظام العالمي».واعتبر نائب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي أمس أن أزمة الديون في أوروبا تظهر أن نهاية مصاعب العالم الاقتصادية «ما زالت بعيدة»، مشددا على ضرورة إجراء إصلاحات.

وقال مارك مالوك براون «ما نراه الآن بينما نجتمع في ظل عاصفة ديون سيادية في أوروبا هو أن نهاية الأزمة (العالمية) ما زالت بعيدة، وهي تتخذ أشكالا جديدة من العدوى».

وأضاف مالوك براون في افتتاح قمة إعادة تشكيل المنتدى الاقتصادي العالمي في الدوحة أن «الحاجة إلى إجراء الإصلاحات المناسبة في القطاع المالي العالمي باتت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى».وانطلقت الأزمة الأوروبية من الديون الهائلة التي ترزح تحتها اليونان، ومن مصاعب القطاع المصرفي الإسباني، مما ضاعف الشكوك حول إمكانية تعثر بعض دول منطقة اليورو في سداد ديونه ويعد تقرير مبادرة «إعادة صياغة العالم» نتاج عام كامل من الحوار، وثمرة جهود فرق عمل ضمت أكثر من 1500 من أبرز الشخصيات الأكاديمية ورجال الأعمال والشخصيات الحكومية وخبراء المجتمع المدني وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، ويضم 58 مقترحا محددا وتسعة مقالات متخصصة وضعتها بعض أبرز مؤسسات المجتمع الدولي، حول التعاون الدولي في المجالات الاقتصادية والبيئية والأمنية.ويقترح تقرير المنتدى «وضع مخطط لتعزيز التعاون الدولي في عصر يتميز بالاعتماد المتبادل متزايد التعقيد، مما يجعل الأمر أكثر فعالية وشرعية»، وذلك استنادا إلى الكثير من المقترحات التي انبثقت من عملية إعادة صياغة العالم.ويقترح التقرير منهجا «متعدد الأبعاد»، ويركز بصورة أكبر على النتائج تجاه الحوكمة والتعاون الدولي، على أن يشمل، ولكن في الوقت نفسه يتجاوز، حدود التعددية. ويرى التقرير أن الترابط المتنامي الذي يشهده المجتمع الدولي يسهم في خلق طرق ووسائل جديدة لتسريع التقدم فيما يتعلق بمعالجة الكثير من التحديات العالمية. كما يشرح الفوائد التي يمكن أن تنتج عن عملية توحيد الاستراتيجيات العملية التي تستفيد من هذه الأدوات والقدرات الإضافية لتحقيق تقدم ملحوظ في مواجهة قضايا مهمة، مثل تغير المناخ، ونضوب مصائد الأسماك، والبطالة، والفقر، والصحة العامة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، والحصول على التعليم، والأمية، حتى عندما تبدو الاتفاقيات الجديدة متعددة الأطراف بعيدة دبلوماسيا.ويدعو التقرير «نواة النظام العالمي، ألا وهي الدولة، إلى أن تتكيف مع عالمنا الأكثر تعقيدا، في وقت أصبحت فيه المؤسسات الفاعلة غير الحكومية قوة متنامية الأهمية». وتحقيقا لهذه الغاية، يحث التقرير الهيئات الحكومية والمنظمات الدولية على التعبير عن نفسها بصورة أكثر صراحة باعتبارها تشكل جزءا من «نظام التعاون العالمي الأوسع الذي يمتلك القدرة على التغلب على القيود المتعلقة بالنمو والمعلومات والترابط التي تعاني منها حاليا، وذلك من خلال دعم إعداد وتنفيذ القرارات المتعلقة بعمليات التفاعل مع الشبكات متعددة التخصصات وأصحاب المصلحة المتنوعين من الخبراء والجهات الفاعلة ذات الصلة».وفي السياق نفسه، يحث التقرير على تعزيز حس الملكية والمسؤولية، وعمل نقلة نوعية في القيم، من جهة هذه المؤسسات غير الحكومية وقادتها حول سلامة النظام الدولي. وبالإضافة إلى تقديم مقترحات لتعزيز هيكليات التعاون العالمية على صعيد الأزمات المتنوعة مثل الاستقرار المالي، والتجارة الدولية، وقلة المياه، والحد من جرائم الإبادة الجماعية، وأمن الإنترنت، وسوء التغذية، وأمن الطاقة والعديد غيرها، يقدم تقرير «مبادرة إعادة صياغة العالم» عددا من المقترحات ذات النطاق الأوسع للمجتمع الدولي، حيث إنه على سبيل المثال:

يحث اجتماع قادة مجموعة العشرين على الإسراع في توضيح أهدافه الحالية وعلاقته مع منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المختصة، حيث قدم التقرير عددا من المقترحات الخاصة بهذا الشأن. كما أنه يحفز هؤلاء القادة على التوصل إلى اتفاق شامل حول مفاوضات الأمم المتحدة للمناخ، التي وصلت إلى طريق مسدود، والتجارة في «منظمة التجارة الدولية»، وتمويل «الأهداف الإنمائية للألفية»، وإصلاح «صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي»، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، أن وزير الصناعة والتجارة والعمل الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر غادر إسرائيل أمس للمشاركة في اجتماع اقتصادي دولي في قطر وفق ما أفادت الوزارة.وقطعت قطر علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وأغلقت مكتبا للتمثيل التجاري فيالدوحة احتجاجا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة بين ديسمبر (كانون الأول) 2008 ويناير (كانون الثاني) 2009 الذي أسفر عن مقتل 1400 فلسطيني.

وقال بيان الوزارة إن بن أليعازر يتوجه إلى الدوحة «للمشاركة على رأس وفد في اجتماع للمنتدى الاقتصادي العالمي»، وهو «يأمل بإقناع نظرائه في الشرق الأوسط والخليج باللجوء إلى التكنولوجيا الإسرائيلية بهدف وضع حد للمأزق الذي تشهده العلاقات بين إسرائيل وجيرانها».