الحرائق تتكرر.. أين إجراءات الوقاية؟!

سعود الأحمد

TT

لدينا ظاهرة ليست في الدول الخليجية فقط، لكنها في معظم الدول العربية، وهي أن معظم العمائر السكنية الصغيرة.. والمباني الصغيرة المخصصة للمكاتب والمحلات التجارية، ليس فيها جرس إنذار أو مخارج طوارئ أو حتى طفايات حريق، مع أن الحريق عندما يصيب مبنى صغيرا، يمتد ليصل إلى ما يجاوره من المحلات والعمائر والمراكز التجارية والأسواق وحتى المساجد... بل إن «معظم النار من مستصغر الشرر!». والغريب في الأمر.. أنه على الرغم من تكرر الحرائق وتزايدها في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.. لتصيب الأسواق والمراكز التجارية، والخسائر المادية والتلفيات ضخمة.. فإنه لا يوجد تحرك رسمي فاعل لمواجهة هذه المشكلة! مع أن هذه الحوادث قد تتسبب في أزمات مالية لدى البعض، وقد ينتج عنها إفلاس بعض التجار.. وقد تؤدي إلى شح في المعروض من بعض المنتجات الاستهلاكية الأساسية. ومن الناحية الاقتصادية، فإن تكرار الحرائق يجعل شركات التأمين ترفع مبالغ أقساط التأمين على التجار والشركات. وكل هذا يحدث، في وقت نحن نعلم أن إجراءات الوقاية من الحرائق متعارف عليها عالميا، وموجودة لدى إدارات الدفاع المدني، لكنها لا تطبق إلا على المشاريع الضخمة! ولو تخيلنا ما يمكن أن ينتج عنه الحريق الذي قد يحدث في محل صغير أو في شقة بعمارة مجاورة، ربما لأن صاحبه لا يتبع إجراءات السلامة، وكيف أنه قد يتسبب في كارثة يصل أذاها لمبان وأسواق وأناس ليس لهم ذنب ولا حول لهم ولا قوة. ولعلنا نتذكر الحريق الهائل الذي حصل في أسواق البطحاء وأسواق حراج بن قاسم بمدينة الرياض. حتى إنه وفي أحيان كثيرة، عندما يحصل حريق ما، يجد المحققون صعوبة في تحديد مصدره الأساسي أو التعرف على السبب الفعلي والشخص المتسبب في الحريق. ولا يغيب عن الذهن تكلفة الإطفاء. وبالمقابل.. لو نظرنا لما تفرضه إدارة الدفاع المدني من متطلبات ومعايير ومواصفات للمباني الآمنة وإجراءات السلامة الضرورية في دولة مثل السعودية، لوجدنا أن هناك من الإجراءات والاحتياطيات ما يعتبر مثاليا، لكنه لا يطبق عمليا. فلماذا هذه الفجوة الإدارية؟! نحن لا نتحدث «هنا» عن كفاءة الدفاع المدني أو حتى قدرة البلديات على فرض النظام، لكن الحديث عن ضعف التنسيق بين الجهات المعنية لتطبيق إجراءات الوقاية من الحرائق. وإجراءات الوقاية تتعلق بأكثر من جهة. فلا تزال لدينا في العاصمة الرياض أحياء شوارعها ضيقة جدا، لا تسمح بمرور سيارات الإطفاء لتصلها، ولا حتى سيارات الإسعاف! فأين هي الجهة المعنية بتوسيع الشوارع الضيقة جدا، أو إخلائها من السكان؟! لدينا أحياء بحاجة إلى إعادة تأهيل لتتلاءم مع متطلبات الأمن والسلامة. فأين هي إجراءات الوقاية لمثل هذه الحالات؟! وختاما... فإن أكثر ما يعوق البرامج التي تحقق المصلحة العامة، صعوبة التنسيق بين الجهات الحكومية! وعدم تفاعل بعض الجهات الحكومية مع القرارات التي تسجل لصالح غيرها! فالجهات المعنية بإجراءات الوقاية من الحرائق، وأهمها: البلديات وشركات الكهرباء والأمن والدفاع المدني... معنية بالتنسيق في ما بينها للخروج بنظام يحمي مقدراتنا من أخطار الحرائق... ومعالجة هذه المشكلة.

* كاتب ومحلل مالي