«بي بي» أنفقت ملياري دولار خلال شهرين لمعالجة البقعة النفطية في خليج المكسيك

الحرس الثوري الإيراني يبدي استعداده لمساعدة واشنطن

أعلنت «بي بي» أنها جمعت أو أحرقت ما مجموعه 21040 برميلا من النفط يوم السبت الماضي بفضل جهازين وضعا فوق فوهة التسرب (إ.ب.أ)
TT

أعلنت شركة «بريتش بتروليوم» (بي بي) أمس أنها أنفقت ملياري دولار من أجل إصلاح الأضرار الناجمة عن البقعة النفطية في خليج المكسيك. وبينما تواصل «بي بي» صرف التعويضات وتحمل تكلفة تنظيف البقعة النفطية التي نتجت عن انفجار منصة «ديب واتر هورايزون»، بدأت حملة للدفاع عن نفسها في العاصمة الأميركية من خلال التعاون مع شركات ضغط عدة بالإضافة إلى تبادل الاتهامات مع شركة «ترانساوشن» التي كانت مسؤولة عن المنصة في البئر النفطية البحرية.

وفي طهران أكد الحرس الثوري الإيراني (الاثنين) استعداده للمساعدة في إزالة البقعة السوداء في خليج المكسيك، لكنه أعلن أن هذه الكارثة تشكل «عارا» على الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقال رستم قاسمي المسؤول عن مؤسسة «خاتم الأنبياء»، الفرع الاقتصادي للحرس الثوري: «إذا قدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وشركات النفط الغربية (...) طلبا إلى إيران، فنحن مستعدون لإرسال خبرائنا لإنهاء هذه الكارثة الهائلة والسيطرة على البقعة السوداء».

ومن جهة أخرى، قالت «بي بي» في بيان أنها جمعت أو أحرقت ما مجموعه 21040 برميلا من النفط يوم السبت الماضي بفضل جهازين وضعا فوق فوهة التسرب. وقد أسفر نظام القمع والأنابيب التي تسحب النفط إلى سفينة «ديسكوفرير إنتربرايز» الراسية عند سطح المياه على علو 1500 متر من بقعة التسرب، عن جمع 11050 برميلا السبت، أي أقل من المعدلات التي جمعت في الأيام السابقة «لأن بعض المنشآت أقفلت لفترة خلال النهار». وقد تم إحراق 9990 برميلا من النفط في المنشأة الجديدة على سطح المياه «كيو 4000» التي ستحرق ما يقارب 10 آلاف برميل في اليوم حتى سد فوهة التسرب.

وسمحت الأجهزة المستخدمة بجمع 249500 برميل في الإجمالي منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي عند وقوع الانفجار. وتتواصل الأعمال لوضع أجهزة جديدة لسحب النفط وخصوصا التنقيب في بئرين إنقاذيتين ينبغي الانتهاء منهما في أغسطس (آب) مما من المتوقع أن يؤدي إلى وقف تام للتسرب النفطي.

وحتى اليوم، تلقت «بي بي» 65 ألف طلب تعويض ولبت 32 ألفا بقيمة إجمالية بلغت 105 ملايين دولار. والمليارا دولار اللذان تمت الإشارة إليهما في البيان تشملان أشغال سحب النفط والأشغال المتعلقة بتحسين قدرة السحب وخصوصا التنقيب في آبار الإنقاذ والهبات للدول المطلة على خليج المكسيك والتعويضات والمبالغ التي دفعت للسلطات الفيدرالية. وأعلنت «بي بي» الأسبوع الماضي إنشاء صندوق بقيمة 20 مليار دولار لضمان دفع هذه التكاليف. ومن الواضح أن المدير المسؤول عن صندوق التعويضات كينيث فاينبرغ الذي تم تعيينه باتفاق بين البيت الأبيض و«بي بي» ينوي صرف التعويضات بسرعة ولصالح مقدمي الشكاوى. وقال فاينبرغ في مقابلة مع قناة «سي إن إن» إنه سيتبع سياسة «الحكم لصالح المتقدم بطلب التعويضات» في تقييم طلبات التعويض من الصيادين والشركات المحلية على ساحل خليج المكسيك.

وبينما أقرت «بي بي» بأن التكلفة الكاملة لتنظيف البقعة النفطية ودفع طلبات التعويض غير معروفة بعد، فإنها تحاول أن تحمي نفسها قدر الإمكان من الاتهامات المتواصلة لها. وقد كلفت مكتب «ويليام هيل» للمحاماة المشهور للعمل معها على الحماية القانونية من جهة، بينما زادت من انتقاداتها للشركة الدولية ومقرها سويسرا «ترانساوشن» قائلة إنها مسؤولة عن صيانة القطعة الخاصة بمنع انفجار البئر.

وكشفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس تفاصيل جديدة حول الإجراءات الأمنية على منصة «ديب واتر هورايزون» تثير شكوكا بأن العطل كان واضحا على متن المنصة ولكن لم يتم معالجته بشكل دقيق. وقال العامل على المنصة تايرون بنتون لبرنامج «باناروما» إنه رأى تسربا في الجهاز الأمني للمنصة قبل أسابيع من الانفجار وحذر مسؤوليه منه، وفي حينها لم يتم معالجة التسرب بل تم إغلاق الجهاز واستخدام بديلا. واعتبرت «بي بي» أن مسؤولية هذا الإجراء يعود إلى «ترانساوشن»، إلا أن «ترانساوشن» تؤكد أنها قامت بصيانة هذا الجهاز ولم تكن هناك مشكلات فيها. وأكد بنتون أن مديره أرسل رسائل لـ«بي بي» و«ترانساوشن» حول هذا العطل. وتعتبر رواية بنتون عاملا جديدا في تبادل الاتهامات حول المسؤولية عن الانفجار بينما التحقيق جار في التفاصيل كافة.

وتزداد الضجة حول هذه القضية وتبعاتها بعد أن أشارت وثيقة داخلية بشركة «بي بي» نشرها أول من أمس العضو الديمقراطي البارز في مجلس النواب الأميركي ايد ماركي، إلى أن الشركة تقدر أن أسوأ سيناريو لمعدل تسرب النفط في خليج المكسيك قد يكون نحو 100 ألف برميل يوميا. ويتجاوز بكثير هذا التقدير لحجم النفط المتسرب من البئر البحرية المتصدعة في خليج المكسيك التقدير الحالي للحكومة الأميركية الذي يصل إلى 60 ألف برميل يوميا. وقال الناطق باسم «بي بي» توبي اودون، إن هذه الوثيقة حقيقة على ما يبدو ولكن هذا التقدير لا يسري إلا على وضع يتم فيه إزالة قطعة أساسية من المعدات يطلق عليها اسم صمام منع التدفق. وأضاف: «ما دامت لا توجد خطط لإزالة صمام منع التدفق فإن هذا الرقم ليس له صلة بالأمر».

وتضم مؤسسة «خاتم الأنبياء» الإيرانية العملاقة كل الأنشطة الاقتصادية للحرس الثوري وطورت في الأشهر الأخيرة حضورها في قطاع الطاقة. وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن مؤسسة «خاتم الأنبياء» وفروعها والشركات المتعاقدة معها ومسؤوليها، من أهداف العقوبات الجديدة التي قررها في مطلع يونيو (حزيران) مجلس الأمن والولايات المتحدة أيضا ضد إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

وأضاف قاسمي: «فيما يواجه العالم كارثة طبيعية تهدد سكان منطقة حساسة في الكرة الأرضية، يبدي الحرس الثوري، على الرغم من العقوبات الأخيرة، استعداده للتصرف طبقا لواجبه الإنساني بإرسال مساعدة إلى خليج المكسيك». وقال: «إنه عار على الولايات المتحدة وبريطانيا أن تعجزا عن السيطرة على التسرب النفطي بعد شهرين، وهما اللتان تدعيان أنهما مركز التكنولوجيا والقوة العظمى الصناعية والاقتصادية في العالم!». وقد نجمت البقعة السوداء عن انفجار وغرق منصة نفطية بحرية لشركة «بريتش بتروليوم» البريطانية، فتفجرت بئر تقع على عمق 1500 متر وتبعد 80 كلم عن السواحل الأميركية. وتقذف هذه البئر يوميا منذ شهرين ما بين 35 و60 ألف برميل (5.9 مليون لتر) من النفط.