المغرب يطلق حملة إعلانية ضخمة «لتوطين» شركات صغيرة ومتوسطة

الرباط تستبعد تداعيات سياسية سلبية حول الخطة

TT

أطلق المغرب حملة لجذب الشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة الفرنسية والإسبانية، التي تبحث عن فرص إعادة توطين جزء من إنتاجها خارج بلدانها الأصلية سعيا وراء ميزات تنافسية كالإنتاج بأقل تكلفة أو القرب من الأسواق.

وفي هذا السياق انطلقت حملة إعلامية عالمية للترويج للاستثمار، تعتبر الأولى من نوعها، إذ تعتمد على وسائل إعلام واسعة الانتشار كالتلفزيون والصحافة المكتوبة واللافتات والملصقات، بالإضافة إلى تنظيم ملتقيات وندوات حول فرص ومناخ الاستثمار الصناعي في المغرب.

وقال أحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتقنيات، إنها المرة الأولى التي يستهدف فيها المغرب هذه الشريحة من الشركات. وأضاف «عندما يتعلق الأمر بالكبار فإننا نستقل الطائرة ونتجه إليهم مباشرة، فهؤلاء معروفون ومعدودون على رؤوس الأصابع. أما عندما يتعلق الأمر بمئات الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة فإن الإعلانات في وسائل الإعلام تشكل السبيل المثلى لبلوغهم».

وأوضح الشامي أن الشريحتين من المستثمرين الكبار والصغار متكاملتان. وقال «في قطاع صناعة السيارات مثلا تمكنا من استقطاب مجموعة رينو. لكن مشروع رينو لن يوفر سوى ستة آلاف فرصة شغل، في حين أن الشركات الصغيرة المزودة لرينو والتي تسعى لاجتذابها إلى المغرب ستوفر زهاء 30 ألف فرصة شغل».

وأضاف الشامي «هدفنا هذه المرة اجتذاب المئات والآلاف من المستثمرين الصغار، وليس بضع عشرات من المستثمرين الكبار، وذلك في إطار تنفيذ الخطط التي اعتمدها المغرب للنهوض بالقطاع الصناعي، والتي تتركز حول ستة محاور، هي ترحيل الخدمات (أوفشورينغ)، وصناعة السيارات، وصناعة الطائرات، والإليكترونيات، والنسيج والألبسة، والصناعات الغذائية. وأشار إلى أن الحملة الإعلانية ستنطلق أولا في فرنسا وإسبانيا، اللتين تعتبران مصدرا لنحو 50 في المائة من حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة التي يستقطبها المغرب، ثم ستشمل ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والبرتغال وأميركا وبلدان الخليج.

وترتكز الحملة على نتائج دراسة أنجزها مكتب الخبرة العالمي «مونيتور» لفائدة الحكومة المغربية حول المعوقات التي تواجه الاستثمار في البلاد. وأبرزت الدراسة أن 60 في المائة فقط من الشركات الفرنسية والإسبانية الراغبة في إعادة توطين إنتاجها في الخارج تستحضر المغرب كإمكانية عند التفكير في إعادة انتشار نشاطها، و40 في المائة تولي للمغرب أهمية في مرحلة الدراسة المقارنة للأسواق المضيفة للاستثمارات، و30 في المائة تمنح الأفضلية للمغرب بعد إنجاز الدراسات، غير أن 15 في المائة فقط تصل إلى مرحلة الشروع في التنفيذ.

وأضاف الشامي أن الحملة تهدف إلى تغيير الصورة وبعض الأفكار المسبقة التي تكون وراء استبعاد المغرب مثل إمكانياته لاستقبال الاستثمار. وقال «لاحظنا مثلا في إسبانيا أن العديد من الشركات تستبعد المغرب فقط لأنها تعتقد أنه لا يتوفر على البنيات التحتية اللازمة أو الكفاءات المهنية، وهي فكرة خاطئة ولا تعكس الواقع. لذلك فالحملة من خلال مجموعة من الرسائل الإعلانية تهدف إلى تغيير هذه الصورة. بيد أن هناك مشاكل حقيقية كالإجراءات الإدارية الطويلة والمعقدة والتي نعمل على أن نجد لها حلا».

وفي هذا السياق أعلن الشامي عن إنشاء مكتب استقبال لدى وكالة تنمية الاستثمارات سيكون بمثابة الشباك الوحيد لإنجاز مجموع الإجراءات الإدارية المتعلقة بالاستثمار الأجنبي. وقال «هناك أيضا مجموعة من الأوراش الإصلاحية الكبرى التي أطلقتها الحكومة كإصلاح العدالة، الذي أخذ الآن طريقه، لكننا لن ننتظر استكمال هذه الإصلاحات، وإنما سنلجأ إلى آليات بديلة كلما كان ذلك متاحا في انتظار ثمار الإصلاحات الجارية».

وفي فرنسا انطلقت الحملة الإعلامية أمس عبر بث 96 وصلة إعلانية يوميا مدة الواحدة منها 20 ثانية، بالإضافة إلى الإعلانات في الصحافة المكتوبة. وستستمر هذه الحملة ثلاثة أسابيع حتى منتصف يوليو (تموز) مع البداية الرسمية للعطلة الصيفية في فرنسا على أن تعود خلال سبتمبر (أيلول) المقبل.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول الحساسية السياسية التي يثيرها موضوع إعادة توطين الإنتاج في فرنسا، إذ تنظر إليه بعض الأوساط على أنه يشكل ترحيلا لفرص العمل من أوروبا باتجاه المغرب، قال الشامي «ما نتكلم عنه هنا مختلف. نحن لا نتكلم عن إعادة توطين الإنتاج، وإنما عن التوطين المشترك للأنشطة الاقتصادية، والذي سيسهم في الرفع من تنافسية الشركات وبالتالي ضمان استمراريتها وتطورها وخلقها لفرص التشغيل في أوروبا والمغرب».

وأضاف الشامي «هناك تكامل وهناك فرص لترحيل جزء من إنتاج الشركات الأوروبية نحو المغرب للاستفادة من الميزات التنافسية التي يوفرها، مع الاحتفاظ وتطوير أجزاء أخرى من إنتاجها في بلدانها الأصلية. ولدينا شهادات سنعرضها خلال جولتنا عن شركات كانت على حافة الإفلاس وتمكنت عبر ترحيل جزئي لنشاطها نحو المغرب من تجاوز أزمتها ومواصلة تطورها».