صندوق التقاعد الرئيسي في المغرب يرفع سن التقاعد إلى 62 سنة.. ويزيد نسبة الاقتطاعات

خمسة اتحادات عمالية تعارض الإجراءات وتعتبرها «استهتارا» بالعاملين

متعاملون باكستانيون يتحدثون على الهاتف أثناء متابعتهم لتحركات أسعار الأسهم في بورصة كراتشي (أ.ف.ب)
TT

أعلنت خمسة اتحادات عمالية مغربية استياءها من الإجراءات الجديدة التي أعلن عنها المجلس الإداري «للصندوق المغربي للتقاعد»، واعتبرتها الاتحادات في بيان لها «استهتارا واستخفافا» بعمل اللجنة الفنية واللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد في المغرب، التي تشارك فيها الاتحادات العمالية والحكومة واتحادات رجال الأعمال والغرف الصناعية والتجارية والزراعية المغربية، ويرأسها رئيس الوزراء.

وأعلن المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، الذي يعتبر أكبر الصناديق المغربية ويضم نحو 650 ألف مشترك، عن ثلاثة إجراءات جديدة تتعلق برفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما، وزيادة 4 في المائة في نسبة الخصم من المرتبات، وتغيير قاعدة احتساب قيمة المعاشات بالنسبة للموظفين من أجرة آخر شهر في العمل إلى متوسط أجر الأشهر الـ96 الأخيرة.

ودعت الاتحادات العمالية الخمسة، وهي الاتحاد المغربي للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد الوطني للشغل، الحكومة إلى اتخاذ موقف واضح من الإجراءات المعلن عنها، معتبرة أنها تشكل تشويشا على عمل اللجنة الفنية لإصلاح أنظمة التقاعد في المغرب التي بدأت العمل نهاية مايو (أيار) الأخير على أساس دراسة أعدها مكتب خبرة دولي.

وقال محمد هاكش، ممثل الاتحاد المغربي للشغل في اللجنة الفنية لإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب «ما الذي جعل المجلس الإداري للصندوق يعلن عن مثل هذه القرارات في هذا الظرف بالذات، إن لم يكن ذلك للتشويش على عمل اللجنة والاستخفاف بها؟». وأضاف هاكش لـ«الشرق الأوسط» أن الاتحادات العمالية تنظر بريبة إلى صمت الحكومة إزاء الإجراءات التي أعلن عنها المجلس الإداري للصندوق، خاصة أن صلاح الدين مزوارة، وزير الاقتصاد والمالية، هو الذي يترأس مجلس إدارة الصندوق المغربي للتقاعد.

وتتخوف الاتحادات العمالية من أن تلجأ الحكومة إلى تمرير هذه الإجراءات في موازنة 2011، التي يجري إعدادها وستطرح على البرلمان للمصادقة قبل نهاية العام الحالي.

وكان المغرب قرر تشكيل لجنة وطنية لإصلاح أنظمة التقاعد المغربية، تتكون من أربعة صناديق، خلال مناظرة وطنية نظمت في عام 2003، وتضم هذه اللجنة الأمناء العامين للنقابات، ورؤساء اتحادات رجال الأعمال والغرف المهنية والحكومة. وفي عام 2005 تشكلت لجنة تقنية بهدف إعداد أرضية إصلاحية متوافق عليها لتقديمها للجنة الوطنية، التي يعود لها اتخاذ القرار السياسي بشأن الإصلاح. بعد ذلك كلفت اللجنة التقنية مكتب الخبرة «أكتياريا» بإنجاز دراسة في الموضوع، وسلم المكتب خلاصات دراسته، التي تكلفت نحو مليون دولار، للجنة في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لتنطلق بذلك أشغالها في مايو الماضي. غير أن مجلس إدارة الصندوق المغربي للتقاعد فاجأ اللجنة بالتدابير التي أعلنها.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتحادات العمالية غير ممثلة في المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، بخلاف المجالس الإدارية للصناديق الثلاثة الأخرى.

ويعتبر الصندوق المغربي للتقاعد الأكثر ضعفا من بين الصناديق الأربعة التي يتكون منها نظام التقاعد المغربي، إذ يرتقب أن يدخل الصندوق مرحلة عجز في عام 2012، وأن يتم استهلاك رصيد الصندوق بشكل كامل في عام 2019.

وحسب دراسة مكتب الخبرة «أكتياريا» فإن المديونية الكامنة للصندوق المغربي للتقاعد تقدر بنحو 517 مليار درهم (58 مليار دولار)، وتمثل 43 في المائة من حجم المديونية الكامنة الإجمالية لمجموع صناديق التقاعد المغربية، والتي تقدر بنحو 1187 مليار درهم (132 مليار دولار)، وتمثل نحو 170 في المائة من الإنتاج الخام الإجمالي للمغرب.

ويتوقع الصندوق من الإجراءات الثلاثة التي أعلنها أن تصحح مجموعة من الاختلالات التي تسببت نسبيا في المأزق الذي يوجد فيه. ويرى الصندوق أن المعاشات يجب أن تحتسب على أساس متوسط أجر الأشهر الـ96 الأخيرة من الحياة العملية للموظف، لأن أجرة الشهر الأخير غالبا ما تكون مبالغا فيها، إذ تعمد بعض الإدارات والمؤسسات الحكومية إلى الزيادة في أجر موظفيها في الأشهر الأخيرة لتضمن لهم معاشا مريحا.

إضافة إلى ذلك يبحث الصندوق المغربي للتقاعد اقتراحات جديدة لتغيير طريقة إدارة أصوله المالية التي يفرضها عليه القانون، والتي لا تسمح له بهامش كبير للتصرف وبحث فرص الاستثمار وتوظيف الأموال بطريقة مجزية. ويفرض القانون على الصندوق المغربي للتقاعد توظيف حصة 80 في المائة على الأقل من أمواله في سندات الدولة والسندات المضمونة من طرف الدولة، و17 في المائة في الأسهم والسندات المتداولة بالبورصة، و3 في المائة في الأصول العقارية بعد موافقة وزارة المالية. غير أن هذه التركيبة لا تمكن الصندوق من تحقيق مردودية عالية لتوظيفاته المالية، إذ لا تتجاوز عوائده السنوية 6 إلى 8 في المائة.