تقرير سعودي يتوقع تباطؤ الإقراض المحلي بسبب الأزمات المالية العالمية

«السعودي الفرنسي»: تراجع السوق العقارية خلال الفترة المقبلة

TT

أوضح تقرير بنكي صدر أمس، عن تأثر الاقتصاد السعودي بالأزمات المالية العالمية، التي تعصف في الفترة الحالية بمنطقة اليورو، من خلال عدد من المؤشرات التي تتمثل في محدودية نمو القروض المصرفية وتراجع أسعار النفط، إضافة إلى عدم وضوح الاتجاه الذي ستتخذه سوق الأسهم السعودية خلال النصف الثاني من العام الحالي.

وقال التقرير الصادر من البنك السعودي الفرنسي إن التأثير شمل أيضا ميل السوق العقارية إلى الانخفاض خلال الفترة المقبل، التي تمثل الخيار الأفضل لدى المستثمرين السعوديين.

وأبان التقرير أنه في الوقت الذي يترقب السعوديون صدور نظام الرهن العقاري، فإن النظام قد يستغرق تطبيقه وقتا أطول مما يعتقده المراقبون، حيث أكد التقرير على أن تمرير قانون ونظام الرهن العقاري قريبا من شأنه أن يعزز الاهتمام بالعقارات السعودية على المدى المتوسط، مع أن تطبيق هذا النظام قد يستغرق وقتا طويلا.

ولفت إلى أن البيانات الاقتصادية التي تراقب حركة الاقتصاد السعودي تشير إلى تراجع المحللين الماليين عن تقديراتهم في بداية العام حول متوسط أسعار النفط للعام الحالي 2010، حيث تراجعت التقديرات بنحو دولارين لمتوسط سعر البرميل؛ ففي حين كانت التوقعات في بداية العام تشير إلى متوسط سعري لبرميل النفط السعودي عند 78 دولارا للبرميل، تراجعت التوقعات لتخفض المتوسط السعري للنفط السعودي عند 76 دولارا للبرميل.

واعتبر الدكتور جون إسفيكياناكيس مدير عام وكبير الاقتصاديين، معد التقرير، أن تقلب أسعار النفط أخطر عواقب أزمة الديون الأوروبية على الاقتصاد السعودي، إلا أن التقرير استبعد أن يواجه النظام المصرفي السعودي أو الريال السعودي المرتبط بالدولار الأميركي أي أخطار جدية، بسبب تداعيات أزمة الديون الأوروبية.

وقال كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي: «مع أن السعودية استوردت نحو ثلث احتياجاتها من أوروبا في عام 2009، فإن صادراتها إلى منطقة اليورو لعام 2008، تجاوزت ثلاثة أضعاف مستواها في عام 2003».

ويضيف: «خلال السنوات الأخيرة، تحولت آسيا إلى الشريك التجاري الرئيسي للسعودية، فهي تستورد حاليا 55 في المائة من السلع التصديرية السعودية، بينما تستورد أوروبا 10.5 في المائة فقط من هذه السلع».

وبين الدكتور جون أن الخطوات التي تتبعها الصين بشأن عملتها الوطنية ستنعكس إيجابيا على الصادرات السعودية لشرق آسيا، وأوضح: «بما أن البنك المركزي الصيني يشرع بقدر أكبر من المرونة لليوان، مما يزيد من قوتها التي بالتأكيد ستنتج قوة شرائية للصينيين أنفسهم ستترجم في نهاية المطاف، إن لم يكن على الفور، إلى ارتفاع الطلب على المنتجات السعودية النفطية وغير النفطية».

التقرير خفض من توقعاته لمستوى نمو الناتج الإجمالي للقطاع النفطي السعودي في عام 2010، من 4.1 في المائة إلى 3.7 في المائة، كما تم خفض مستوى التوقعات لمتوسط سعر برميل النفط من 78 إلى 76 دولارا، مما يعني بالتأكيد تقليص التوقعات لمستويات فائض الحساب الحالي وإجمالي الفائض المالي للسعودية خلال العام الحالي.

ومع إشارة الدكتور جون إلى أن التخفيضات طفيفة، فإن الوضع المالي للسعودية قوي - وقد تتمكن من خفض صافي الدين العام المحلي في العام الحالي إلى 13 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بعدما بلغ 16 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي في العام الماضي.

كما أشار إلى أن قيمة صافي الأصول الخارجية للسعودية تبلغ نحو 1.55 تريليون ريال سعودي (413 مليار دولار)، مما يمنحها احتياطيات نقدية هائلة تستطيع الاعتماد عليها في تمويل مشروعاتها التوسيعية، عند اللزوم.

وصرح كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي بأن توقعات القيادات التنفيذية في القطاع الخاص السعودي تؤكد على ازدياد مبيعات وعائدات شركاتهم، بينما يخطط معظم هذه القيادات لرفع معدلات الإنتاج.

كما اعتبر الدكتور جون أن معدل نمو الناتج الإجمالي للقطاع العام في عام 2010 إلى 4.6 في المائة هو أعلى معدل من نوعه منذ ثلاثة عشر عاما، إلا أن ظهور مشكلة الديون السيادية في منطقة اليورو وتداعيات الأزمة المالية العالمية، خفضت نمو الناتج الإجمالي الحقيقي للقطاع الخاص في العام الحالي إلى نحو 3.7 في المائة، موضحا أن معظم هذا النمو سيأتي عبر تمويل، هو مزيج من الأموال العامة والأموال التي اكتسبتها الشركات الخاصة خلال سنوات الازدهار. وفي السياق ذاته، قال الدكتور جون: «سيمضي بعض الوقت قبل أن تبدأ القروض المصرفية في النمو بمعدلات معقولة»، مضيفا أن محدودية نمو القروض المصرفية يعد عقبة رئيسية في سبيل التعافي التام للاقتصاد السعودي.

وبينما ذهب إلى أن المستثمرين عادوا إلى ممارسة سياسة تلافي المخاطر، فقد أشار المديرون التنفيذيون إلى أن الاحتفاظ بالسيولة يَعِد بأفضل العائدات خلال الشهور الستة المقبلة؛ لأن اتجاه أسعار الأسهم يبدو مجهولا، ولأن أسعار العقارات تميل إلى الانخفاض، بينما يحتاج المستثمرون في الأسواق الإقليمية إلى رؤية أسعار النفط مستقرة فوق السبعين دولارا للبرميل بالتزامن مع استقرار الأسواق العالمية، لكي يعدلوا مستويات تلافيهم للمخاطر في الشهور المقبلة.