انضمام الصين لمنظمة التجارة يكلفها ثمنا باهظا

TT

بكين ـ رويترز: يعجل انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية بخطى التحول الاقتصادي الهام الا ان من المؤكد ان تدفع الصناعات التي تتمتع بحماية الدولة ثمنا باهظا للاصلاحات. ومن المتوقع ان تقر لجنة تنفيذية بالمنظمة شروط انضمام الصين لعضوية المنظمة اليوم الاثنين، فيما قال محللون ان الدولة الشيوعية ربما تشهد اكبر تغيير منذ ان قررت فتح اقتصادها امام العالم الخارجي في عام .1978 ويأتي انضمام بكين لمنظمة التجارة العالمية في وقت بالغ الحرج بعد مفاوضات استمرت عشرة اعوام.

ورغم ان اقتصاد الصين يمثل النقطة المضيئة الوحيدة في اسيا فان الهجمات الارهابية على نيويورك وواشنطن تهدد العالم بحالة من الكساد مما يحرم الصين من النمو السريع الذي كانت تعتمد عليه لحمايتها من المنافسة المؤلمة التي ستعاني منها بعد الانضمام لمنظمة التجارة. ومع الغاء القيود التجارية عقب الانضمام للمنظمة والمتوقع قبل نهاية العام الجاري ستواجه الشركات الصينية المملوكة للدولة تحديات اقوى من الشركات الاجنبية المتلهفة على بيع منتجاتها في السوق الصينية الضخمة مع تراجع الطلب في باقي ارجاء العالم.

وستغلق بعض الشركات ابوابها ليصبح ملايين آخرون بلا عمل مما قد يدفعهم لتنظيم احتجاجات. كما ان الواردات الزراعية الرخيصة ستمثل ضغطا على الفلاحين الصينيين. وقال بول شيميك الاقتصادي الاقليمي لمؤسسة «ايديا جلوبال» في سنغافورة «الصين منارة اسيا في الوقت الحالي ولكن توقيت الانضمام لمنظمة التجارة العالمية ليس جيدا. من المؤسف انها لم تتمكن من الانضمام في نفس هذا التوقيت من العام الماضي».

وقد يدفع خطر حدوث اضطرابات اجتماعية في الصين الى ابطاء خطى الاصلاح الاقتصادي وعدم الوفاء بالتزاماتها كعضو في منظمة التجارة العالمية. وتحتاج الصين لعضوية منظمة التجارة العالمية لرفع كفاءة القطاع الحكومي واتاحة فرص اكبر للشركات الخاصة التي تلعب دورا متزايدا في استيعاب العاطلين عن العمل وتحفيز النمو الاقتصادي.

ويقول تيم كوندون كبير الاقتصاديين في «اي.ان. جي. بارينجز» في هونغ كونغ «اهم وابرز قضايا الاصلاح في الصين شركات الدولة الضخمة». الا ان التغيير سيكون بطيئا، فيما تقاوم العديد من السلطات المحلية جهود التغيير التي تقوم بها الحكومة المركزية.

ويقول اندرو روثمان خبير الشؤون الصينية في «سي.ال.اس.ايه» للاسواق الناشئة في بكين «على مستوى الحكومة المركزية هناك تصميم قوى على الوفاء باغلبية تعهداتها. انهم يريديون خفض عدد الشركات المملوكة للدولة». وتابع «لن تكون المشاكل الكبرى مع السلطات المركزية بل بالنسبة للتنفيذ على المستوى المحلي». وهذا ما يثير قلق الشركات الاجنبية الحريصة على استغلال خطوات كاسحة لفتح السوق.

وقالت غرفة التجارة الاميركية في الصين ان مشكلة التطبيق ستتخذ اشكالا عديدة من بينها محاولات متعمدة للتملص من تعهدات الانضمام للمنظمة وحالات تعجز فيها بكين عن توفير الامكانات او الموارد اللازمة لتطبيق لوائح المنظمة. ويقول هاوراد مارجوليس رئيس شركة التأمين الاميركية «لينكولن ناشيونال» في الصين «انه تغيير كبير ولن يكون سهلا. عندما تصل لمستوى المقاطعات وتحاول تطبيق بعض هذه الامور قد لا يفهموها او يحاولون حماية الصناعة محليا».

ويقول محللون ان الصين تسعى لاستغلال الانضمام لمنظمة التجارة العالمية لزيادة كفاءة الاقتصاد ومواصلة النمو اذ ان الحكومة لا يمكنها مواصلة الانفاق المالي الضخم الى ما لا نهاية. ونما الاقتصاد بنسبة ثمانية في المائة في العام الماضي، الا ان من المتوقع على نطاق واسع ان يتباطأ معدل النمو هذا العام نتيجة تراجع الطلب على الصادرات الصينية. ولجأت بكين الى الانفاق الحكومي والاستهلاك المحلي لتعويض التباطؤ.

وقال محللون ان التحول في ظل منظمة التجارة العالمية سيشجع في نهاية الامر على مزيد من الاستثمار الخاص والقضاء على عدم الكفاءة في القطاع الحكومي مما يعوق النمو. وتابعوا ان التدفق الكبير للاستثمار الاجنبي المباشر سيدعم الاقتصاد الصيني على الرغم من ان الانضمام للمنظمة قد يقلص الفائض التجاري للبلاد. وقال كوندون «نعتقد ان الانضمام لمنظمة التجارة العالمية سيزيد من كفاءة الاستثمار في الصين. زيادة كفاءة راس المال ستعوض الخسائر التي نتوقعها من اعادة هيكلة القطاع الحكومي».