تضارب الآراء حول احتمالات إفلاس «بريتش بتروليوم»

بينما يرجح أن تشكل أصولها الضخمة المقدرة بـ260 مليار دولار صمام أمان

جانب من آثار التسرب النفطي في خليج المكسيك (إ.ب.أ)
TT

يستبعد الكثير من الخبراء احتمالية لجوء شركة بحجم «بريتش بتروليوم» إلى الحماية من الإفلاس بسبب بقعة نفط خليج المكسيك، نظرا لضخامة أصول الشركة التي تصل قيمتها إلى 260 مليار دولار.

لكن ماذا إذا لم تنجح خطة الشركة في احتواء البقعة النفطية خلال الأيام القادمة، وفشلت الجهود الأخرى في السيطرة على التسرب النفطي أيضا؟ ترى روبن كي كريغ، العميدة المشاركة للبرنامج البيئي في كلية الحقوق بجامعة ولاية فلوريدا الأميركية، أنه إذا ما حدث ذلك، في أسوأ الاحتمالات بالنسبة لبعض الخبراء، فإن ذلك يفوق قدرة أي شركة على دفع هذه التكلفة.

وأضافت البروفسور كريغ أنه إذا بلغ النفط تيار «غالف ستريم» وحملته الأمواج إلى ولايات الساحل الشرقي وكوبا ودول البحر الكاريبي الأخرى وربما إلى بريطانيا، فإن الدعاوى القضائية يمكن أن تصل إلى مستويات لا يمكن حتى لـ«بريتش بتروليوم» أن تتعامل معها.

وقالت: «رهاني هو أن (بريتش بتروليوم) ستتجه إلى إشهار إفلاسها هربا من المسؤولية البيئية والمسؤولية التقصيرية. ومن ناحية افتراضية يمكن لمربي أسماك التونة ذات الزعنفة الزرقاء مقاضاة (بريتش بتروليوم)».

حتى من يستبعدون لجوء «بريتش بتروليوم» إلى الحماية من الإفلاس يعتقدون باحتمالية ضرورة أن تفكر الشركة في الأمر كنوع من الاحتمال في ضوء تصاعد النفقات البيئية والأعباء الاقتصادية وعدم القدرة على التنبؤ بلجان المحلفين الأميركية.

وقال صامويل غيردانو، المدير التنفيذي لمعهد الإفلاس الأميركي «إن واجبهم تجاه حملة أسهمهم والآخرين التفكير في كل الخيارات المتاحة. والأمر ليس مدعاة للذعر، وليس نوعا من اللاعقلانية، بل دراسة هادئة ومتعمقة للخيارات».

من جانبه، رفض ماكس ماكغاهان، المتحدث باسم «بريتش بتروليوم»، التعليق على مسائل افتراضية، مشيرا إلى أن الشركة أوضحت منذ البداية أنها تمتلك الموارد التي تمكنها من مواجهة الأعباء الاقتصادية، بما في ذلك تدفق السيولة القوية ومليارات البراميل من احتياطيات النفط المؤكدة.

وقد أوضحت مذكرة سرية للكونغرس أعدتها لجنة خدمات الأبحاث، الوسائل التي يمكن أن يعطل بها إفلاس «بريتش بتروليوم» أعباء التنظيف والتعويض.

وأوضح الخطاب الذي أعد ردا على الأسئلة التي أثارها السيناتور الديمقراطي عن ولاية ديلاوار توماس كاربر أن «المطالب الاقتصادية والبيئية تأتي بعد دائني الشركة الآمنين لأنها مزاعم غير آمنة ولا تشكل أولوية»، مما يترك الكثير من نفقات التنظيف المتزايدة في كل الاحتمالات للحكومة الفيدرالية. وبموافقة القاضي يمكن بيع أصول الشركة وتخلف مسؤولياتها وراءها.

على الجانب الآخر، يتابع مسؤولون حكوميون العمل على خطة طوارئ أيضا. فقد أرسلت وزارة العدل الأميركية رسالة إلى «بريتش بتروليوم» الشهر الماضي تطلب فيها إعلامها بصورة مسبقة بأي أحداث يتم التخطيط لها أو التفكير في تنفيذها خلال 30 يوما، قد تتضمن تحويلات نقدية أساسية أو أصول الشركة الأخرى خارج سياق العمل اليومي لـ«بريتش بتروليوم» - أي نوع من الأعمال التي يمكن أن تسبق رفع دعوى الإفلاس.

وقد أقر مجلس النواب القانون الذي تقدم به النائب الديمقراطي عن ولاية ميتشغان جون كونيرز، الذي سيحد من خيارات «بريتش بتروليوم» في اللجوء إلى إشهار الإفلاس ويعزز من حقوق أصحاب الدعاوى الاقتصادية.

وبموجب القانون المقترح فإن بيع الأصول البارزة في حالة الإفلاس المتعلقة بالحادثة البحرية يمكن أن يتم فقط بموافقة نصف أصحاب المزاعم القانونية للخسائر الاقتصادية أو قرار من قاض بأن الشركة لا تزال قادرة على تسديد ديونها.

وأشار الكثير من الخبراء الذين درسوا الموقف المالي لشركة «بريتش بتروليوم» إلى أن قدرتها على التعامل مع الديون المالية لا ينبغي الاستهانة بها.

فتشير لوريتا كروس، العاملة بشركة «غرانت ثورنتون» للمحاسبة والاستشارات، التي تعمل على تقييم أصول شركات الطاقة في قضايا الإفلاس، إلى أن احتياطيات النفط والغاز المؤكدة وحدها لدى الشركة تبلغ قيمتها 220 مليار دولار بسعر اليوم، وأن الأصول والأسهم يمكن أن تباع بـ40 مليار دولار بسهولة. وتقول «هذه بعض من أصولها»، مشيرة إلى أن ديون الشركة تقل عن 35 مليار دولار، وهو ما يترك لها مساحة كبيرة للاقتراض.

وترى كروس أيضا أن «بريتش بتروليوم» لن تتمكن من تحمل تكلفة الخسارة التي ستلحق بسمعتها التي ستتضرر جراء إشهار الإفلاس حيث إن ذلك «سيكون على الصعيد العالمي مؤشرا ضمنيا على كيفية معاملة شريك العمل لك والمصداقية التي يمكن أن يمنحوها لك في التعاملات المستقبلية». على الرغم من ذلك، فإن المخاوف من انهيار شركة «بريتش بتروليوم» قد تضاءلت خلال الأسابيع الأخيرة مع تحقيق الشركة تقدما مطردا في آبار الإغاثة وإعلانها عن إنشاء صندوق تسوية بقيمة 20 مليار دولار.

وقالت كروس «جاءت موافقتهم على إنشاء الصندوق بعدما قلت إنها لن تتمكن من إشهار الإفلاس في هذه القضية»، وسيعمل الصندوق كبديل عن الدعاوى التي تتراكم ضد الشركة.

وقال كينيث فينبيرغ، مدير الصندوق المكلف بالتعامل مع الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التسرب النفطي، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إن إفلاس «بريتش بتروليوم» سيكون كارثة للأفراد في الخليج وليس خيارا.

أما إيان ويليام، محامي الإفلاس في شركة «بريان كيف» في بريطانيا، فشدد على أن الإفلاس غير مطروح للنقاش. وقال مضيفا «إن الأهمية العالمية للشركة وأسهمها أكبر من أن تفشل. (بريتش بتروليوم) لا تحتاج إلى إعادة تنظيم أعمالها لأنها قادرة على الوفاء بديونها».

ويقول ستيوارت سميث، محامي الادعاء في نيو أورليانز، إنه راقب «بريتش بتروليوم» بعناية بعد ظهور إشارات بأنها كانت تتحرك لحماية أصولها من الإفلاس. وقال «مستوى قلقي الآن أقل من ذي قبل»، فإلى جانب إنشاء صندوق فينبيرغ، قال إنها أظهرت التزاما بالبقاء على المسار.. «وقد قمنا بالمزيد من العمل، وعلمنا أنهم يمتلكون الكثير والكثير من المال». وأضاف أن القلق الرئيسي يظل متعلقا بالبئر ذاتها. فيقول «لن يعلم أحد مقدار الضرر حتى يتوقف التسريب».

* خدمة «نيويورك تايمز»