المستثمرون يركزون على الشركات الأوروبية التي تنفذ مشاريع في اقتصادات ناشئة

بعض الأوروبيين لا يتباكون على ضعف اليورو

قطاع صناعة الدواء الأوروبي لديه إمكانات للنمو غير متوقعة في الأسواق الناشئة بسبب انخفاض سعر اليورو (رويترز)
TT

هبطت أسواق الأسهم الأوروبية واليورو هذا العام، لكن القارة لم تكن وحدها التي عانت من ذلك، فالسهولة والسرعة التي تنتقل بها البضائع والأموال والأخبار السيئة عبر الحدود ضمنت إحساس المستثمرين الأميركيين بذلك الألم.

وقد ساعدت التطورات في أوروبا - المصاعب الاقتصادية والمالية في اليونان والتوقعات بشيء مماثل على طول الحافة الجنوبية للقارة - انخفاض العائدات في أنحاء العالم، على الرغم من تحمل الأسواق الأوروبية العبء الأكبر. فخسرت الصناديق في قاعدة بيانات مورننغ ستار المتخصصة في الأسهم الأوروبية 14.1 في المائة في الربع الثاني مقارنة بـ10 في المائة على الصناديق التي تركز على الأسهم الأميركية.

ومن المتوقع أن تتواصل الأوضاع المضطربة، وأن تواجه الصناديق التبادلية تحديات حيثما توجهت للاستثمار. لكن بعض المديرين يحاولون تحين الفرص وسط الأزمة.

وهم يستخدمون في ذلك نهجين مختلفين لاستغلال - أو على الأقل لحماية المساهمين - التحول المفاجئ للسوق الأوروبية، وتجنب الشركات الأميركية التي تعتمد على أوروبا في الكثير من مبيعاتها وشراء الشركات الأوروبية التي تقوم بمشاريع كبيرة في الخارج، خاصة في اقتصادات ناشئة ذات عملات قوية إلى حد ما.

لكن كلا الأسلوبين يمثل ظاهرة تحدث عندما تتحرك إحدى العملات بقوة ضد الأخرى. فالشركات في الدول التي تستخدم فيها العملة الضعيفة بصورة نموذجية تجد سهولة في التصدير إلى الدول التي ينفق فيها الأفراد العملة الأكثر قوة.

يحدث ذلك لأن بضائع المصدرين عادة ما تكون أرخص، ولأن العملة الناشئة غالبا ما ترافق نموا اقتصاديا قويا، لذا يمتلك المستهلكون المزيد من الأموال في جيوبهم. وتعمل تلك الديناميكية بصورة عكسية أيضا: فالمصدرون في الدول ذات العملات الأقوى يعانون لأن منتجاتهم أغلى سعرا بالنسبة للمستهلكين الأجانب الذين يتوقع أن يواجهوا متاعب أيضا.

وقالت سيندي سويتنغ، مديرة إدارة المحافظ الاستثمارية لمجموعة «تمبلتون غلوبال إكويتي غروب» مديرة صندوق «تمبلتون غروب»: «نحن نبحث عن عدد من الأمور بما في ذلك الشركات التي ستستفيد من الناحية التنافسية لانخفاض في اليورو»، وأشارت إلى أن من بين هذه الشركات «الشركات المتعددة الجنسيات المدرجة في أوروبا التي لديها جزء كبير من المبيعات خارجها، وخاصة خارج نطاق القارة». وهي تعتبر تلك الشركات من بين أفضل الأسهم في المنطقة وكذلك أحد أفضل السبل للوصول إلى الأسواق الناشئة، حيث تمتلك الشركات المحلية تقييمات أعلى نسبيا.

أحد القطاعات التي ركزت عليها سويتنغ هو قطاع صناعة الدواء، فأقطاب الصناعة الأوروبية مثل «نوفارتيس» و«سانوفي - أفنتيس» و«روتشي» و«غلاكسو سميث كلين» لديها إمكانات للنمو غير متوقعة في الأسواق الناشئة مثلها في ذلك مثل قطاعات تتضمن حافزا في الوقت الحالي، كقدرة مالية في هيئة ميزانيات سليمة ذات ديون قليلة نسبيا.

ويقول ديفيد ماركوس، المدير الرئيسي لصندوق «إفرمور غلوبال فاليو»، إنه يتوقع فرصا ضخمة في أوروبا بين المصدرين الكبار في الكثير من الصناعات مثل شركة «ديملر» لصناعة السيارات وشركة «بريتش إيروسبيس سيستمز»، التابعة لشركة «بريتش إيروسبيس» ومنتجي السلع الفاخرة مثل «إل في إم إتش موي هنسي لوي فيتون» و«كريستيان ديور». وتوقع ماركوس بأن تفاجئ «شركات السيارات مثل (ديملر) الجميع بتحقيق أرباح أفضل».

ويرى أن المفاجأة هناك وفي الشركات الأوروبية الضخمة الأخرى لن تنتج عن مجرد تحركات مشجعة للعملة ومبيعات أكثر قوة بالخارج وفقط بل من توجه إعادة هيكلة آخذ في الانتشار عبر القارة.

وقال: «نحن نعتقد حقا بأن أهم القضايا في أوروبا تتمثل في خروج أوروبا من العصر المظلم، وتقليص بنية التكلفة أمر إيجابي. وعندما تضيف ذلك إلى حقيقة أنهم مصدرون فإن النجاح الذي يمكن أن يحققوه لليورو سيكون ذا أثر إيجابي مضاعف».

في الوقت ذاته يضفي ارتفاع قيمة الدولار أثرا سلبيا على الشركات الأميركية، فيشير كومال سري - كومار كبير الاستراتيجيين في مجموعة «تي سي دبليو غروب» إلى أن الشركات في مؤشر أسهم ستاندرد آند بور 500 تحقق جزءا كبيرا من أرباحها في الخارج. وأن نصيحته للمستثمرين امتلاك شركات تصدر إلى الأماكن الصحيحة أو امتلاك شركات ذات حجم معتدل.

ويقترح التراجع عن الدخول في استثمارات كبيرة في «الشركات الأميركية الصغيرة التي تصدر إلى منطقة اليورو»، لأن اليورو يتحرك في الاتجاه الخاطئ بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين، إضافة إلى أن الصعوبات الاقتصادية ستجعلهم «يشترون بضائع أقل من الولايات المتحدة».

ويرى سري - كومار أن المصدرين الأميركيين لدول آسيا وأميركا اللاتينية هم المقترح الأفضل، كما هي الشركات الأصغر حجما، التي تميل إلى العمل في الداخل، وهو ما يعني مشكلات أقل في العملة الصعبة والمخاطر الاقتصادية لأنه إن وقع الكساد فستكون الأوضاع أفضل في الولايات المتحدة.

وتشجع أندريا ميتروف، مديرة محافظ الأسهم العالمية في شركة «تيا كريف»، التوقعات بقيام الشركات الأميركية بمشاريع في اقتصادات نامية.

وقالت «نحن نحب أسماء شركات التقنية الأميركية، فالكثير من مبيعاتها موجهة نحو نمو الأسواق الناشئة، فمبيعات الحواسب المحمولة وأجهزة التلفزيون المسطحة قوية جدا. وإن الشركات المفضلة بالنسبة لها تضم «أبل» و«إتش بي» و«مايكروسوفت» وشركتين صغيرتين هما «فيكو إنسترومنتس» و«كري» المتخصصة في الصمامات الثنائية الباعثة للضوء والمكونات الأخرى للأجهزة الإلكترونية.

ويحذر المستثمرون من أن شراء الأسهم اعتمادا على تحركات الصرف الأجنبي يشكل مخاطرة لأن اليورو يمكن أن يحول مساره مرة أخرى. ويتوقع سري - كومار أن يواصل اليورو الهبوط على المدى البعيد لكن سويتنغ وصفت البيع باليورو بأنه «أمر مركب» وقالت إن التطورات يمكن أن ترفع من قيمة العملة لترسلها إلى مستويات قياسية على الأقل لبعض الوقت. وترى ميتروف أن تحركات العملة هي الأصعب في التنبؤ لذا فهي لا تعول عليها بشكل كبير في اختيار الأسهم.

وحتى مع البصيرة الاقتصادية الكاملة، فإن الأثر على أداء الشركات سيكون من الصعب قياسه، فتشير ميتروف إلى أن الشركات التي تحصل على قسم كبير من دخلها بعملة معينة غالبا ما يكون الجانب الأكثر من تكلفتها معتمدا عليها أيضا وهو ما يخفف من تأثيرات النقد الأجنبي. فشركة «ماكدونالدز» على سبيل المثال تحصل على أكثر من 40 في المائة من مبيعاتها من أوروبا، لكنها أيضا تشتري الطعام وتستأجر العمالة هناك.

وعلى الرغم من أنها لا تتجنب بالضرورة الشركات التي تقوم بقطاع كبير من أعمالها باليورو، فإنها تتجنب الشركات التي تقوم بأعمال واسعة في أوروبا.

وتقول ميتروف: «أعتقد أننا نتلقى رواتبنا لقاء هذه المخاطرة، وقد كان نشاطنا محدودا في أوروبا، خاصة في البنوك الأوروبية لستة أشهر لأننا لا نرى آفاق نمو جذابة، وأعتقد حقا أن العملة هي الفرع وأن القضايا الاقتصادية الأوروبية هي الأصل».

* خدمة «نيويورك تايمز»