أين تذهب حملات ترشيد الطاقة الكهربائية؟

سعود الأحمد

TT

في دول مجلس التعاون الخليجي، يلاحظ في كثير من الأحيان عندما يوكل أمر من أمور الشأن العام لجهة معينة، فإن التركيز في التنظيم ورفع مستوى الوعي يكون على المواطن. فيقال مثلا إن على المواطن أو المستهلك أو العميل أو المراجع أو المريض أو المساهم أو الكفيل أو المقاول أو المقترض أن يفعل كذا ويفعل كذا!.. إلى غير ذلك من العبارات التي تضع المواطن دائما في دائرة الاتهام والتقصير.. وبأن المواطن هو المقصر المحتاج للوعي والترشيد والتوجيه والمعاقبة والردع. ويتم تناسي الأطراف الأخرى المشاركة في ظهور واستفحال المشكلة.

فهذه الأيام تعيش معظم مدن وقرى وبلدات دول المجلس موجة حر صيف شديدة، ويحصل انقطاع الكهرباء في أكثر من حي وفي أكثر من بلدة ومدينة، لأسباب بعضها فني مثل ضعف التمديدات والتجهيزات وبعضها بسبب الإسراف في استهلاك الطاقة!. ويظل السؤال: أين هي برامج ترشيد الطاقة وماذا حققت من نتائج وآثار؟!.

لكن الذي ينبغي تذكره أن ترشيد استهلاك الطاقة يجب أن يتم على كل المحاور، وبالتعاون بين مختلف الجهات المعنية بمراكز الاستهلاك.

فليس المواطن هو المعني فقط بترشيد الطاقة. لكن الجهات الحكومية والشركات والمؤسسات الخاصة (أيضا) عليها واجب للمشاركة في برامج ترشيد الطاقة.

فالطاقة الكهربائية المستهلكة بالأجهزة الحكومية تكلف خزينة الدولة الشيء الكثير، وذلك من منطلقين. الأول: أن استهلاك الأجهزة الحكومية من دون ترشيد يرفع قيمة فاتورة كل جهة حكومية. والثاني: أن تعريفة الطاقة الكهربائية لا تصل إلى تكلفتها الحقيقية. وبالتالي فكلما زادت الطاقة زادت مصروفات الحكومة. لذلك فإن الأجهزة الحكومية مطالبة باتباع مبدأ الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة. لأنه من المحزن أن تمر على حي لديه انقطاع للتيار الكهربائي بسبب انخفاض مستوى الطاقة المتاحة له. وتشاهد الكثير من الجهات الحكومية تضيء أنوارها لتشعل زجاج جدرانها في المساء من دون حاجة تبرر ذلك!.

حتى خلال ساعات العمل اليومي.. فإنني أعتقد أنه لا يمنع من إطفاء إنارة المكاتب عند مغادرة الموظف لمكتبه ولو لساعات أو دقائق أو لحظات. فلو جمعنا مثل هذه التكاليف لتوافرت لدينا طاقة كهربائية ومبالغ مالية لا يستهان بها، والقليل من الكثير كثير.

وفي هذا الصدد... لعلي أقترح أن تتبنى المؤسسة قرارا إداريا من كل صاحب صلاحية، يصدر تعميما يوجه لجميع الموظفين وبالأخص أصحاب المكاتب، بدءا بمكاتب أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية والشركات، بأن يتم إطفاء جميع الأنوار التي تزيد عن متطلبات النواحي الأمنية. على أن يُنص في التعميم على مثل أوقات ترك المكاتب لحضور الاجتماعات أو لأداء فريضة الصلاة أو لأي سبب يستلزم ترك المكتب لفترة تزيد عن خمس دقائق.

وفي الختام.. أرجو أن يتم مثل هذا المشروع بالتنسيق مع شركة الكهرباء والوزارة.. على أن تقوم الشركة (فيما بعد) بإجراء دراسة مقارنة لتكلفة الطاقة الكهربائية بكل جهة حكومية لفترة سنة كاملة لما قبل تطبيق القرار ونقارنها بالسنة التي يطبق فيها القرار. ومن المؤكد أننا سنحقق نتائج مشجعة (بإذن الله)، مما سيشجع على الترويج والتأكيد على هذه الفكرة.

* كاتب ومحلل مالي