خبير: اختبارات تحمل الضغوط المالية للبنوك الأوروبية «مجرد إعلان بتأكيد الوفاة»

وزير المالية اليوناني يؤكد أن بلاده ستحصل على شريحة مساعدات ثانية

TT

قال رئيس مركز دراسات السياسة الأوروبية دانييل جروس إن أوروبا ضيعت فرصة بنشرها ما يسمى «اختبار تحمل الضغوط المالية» للبنوك.

وكانت لجنة الرقابة المصرفية الأوروبية أعلنت أمس الجمعة أن 84 من بين 91 بنكا أوروبيا تم اختبارها اجتازت التحدي وكانت قوية بدرجة تكفي لمواجهة أي ركود شديد مرتبط بأي أزمة ديون سيادية.

إلا أن مركز دراسات السياسة الأوروبية (وهو واحد من مراكز الأبحاث المرموقة في أوروبا) يعتقد أن الاختبارات ذات فائدة محدودة.

وقال جروس لوكالة الأنباء الألمانية في بروكسل «إن اختبارات تحمل الضغوط المالية أعلنت أن الوفاة تأكدت».

وقال: «صرنا نعرف أكثر عن البنوك ذات الوضع المهتز. ولكن الاختبار لم يأت بأي رؤى حقيقية».

وبخصوص البنوك الأوروبية السبعة التي فشلت في الاختبار، كان العامل الحاسم لها هو ما إذا كان رأسمالها الأساسي قد انخفض لأقل من 6% من الديون في ظل سيناريوهات الركود والديون السيادية ومن بين هذه البنوك 5 من إسبانيا وبنك واحد من كل من ألمانيا واليونان.

وانتقد الاقتصادي معيار «التبرئة الشكلية» في الاختبارات التي تم إصلاحها طويلا حتى أصبحت لا تتحمل أي مفاجأة باعتبارها «فرصة ضائعة لعملية تنظيف حقيقية للقطاع المصرفي».

ويقول جروس إن الولايات المتحدة التي أجرت اختبارا مصرفيا مماثلا عام 2009 قامت بعمل أفضل.

وقال «إن الأميركيين ساروا بشكل أكثر حسما وأجبروا البنوك الضعيفة على أخذ رؤوس أموال من الدولة».

من جهة أخرى عرضت لجنة ضبط الأسواق الأوروبية الجمعة الفرضيات الكبرى التي اعتمدت لوضع احتمالين طلب من المصارف الكبرى في القارة العجوز مواجهتهما في إطار اختبارات المتانة. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية فكما أعلن سابقا، وضع المصرف المركزي الأوروبي سيناريوهين. يتضمن السيناريو الأول أو السيناريو الأساسي وسمي أيضا سيناريو الاقتصاد الجمعي المركزي، تقديرات للنمو أدنى إلى حد ما من توقعات المفوضية الأوروبية. أما السيناريو الثاني وسمي الاقتصاد الجمعي السلبي فيعتمد فرضيات تدهور كبير جدا للوسط الاقتصادي. وعمليا يعني ذلك خفض النمو 3 نقاط مئوية (3.0 في المائة) بمعدل وسطي في منطقة اليورو، مما يعني انكماشا في 2010 و2011. أما نسبة البطالة فترتفع في 2011 إلى 10، 9 في المائة للسيناريو المركزي وإلى 11.5 في المائة للسيناريو السلبي. وإلى جانب التراجع في النشاط الاقتصادي، يتوقع السيناريو السلبي ارتفاعا كبيرا في معدلات الفائدة على الأمدين القصير والطويل. وعلى الأمد القصير، تقترب المعدلات من المستويات التاريخية التي سجلت في الأسابيع التي تلت إعلان مصرف ليمان برازرذ إفلاسه إثر موقف حذر تبنته المصارف وامتنعت عن إقراض بعضها البعض. ويضاف إلى ذلك انخفاض أسعار العقارات التجارية والسكنية على حد سواء. وفي فرنسا يخفض البنك المركزي الأسعار بنسبة 5 في المائة سنويا في 2010 و2011 للقطاعين.

وكانت 2009 سنة سوداء لسوق العقارات في فرنسا حيث سجلت تراجعا نسبته 4.4 في المائة. والاختبار الأخير في إطار السيناريو السلبي إلى أقصى درجة هو حدوث «صدمة سيادية» تترجم بفقدان الثقة في ديون دول عدة في منطقة اليورو مثل الأزمة التي حدثت في الربيع. ويسفر ذلك عن ارتفاع في معدلات فائدة سندات الخزينة في المنطقة الاقتصادية الأوروبية التي تشمل 30 بلدا وانخفاض أسعار هذه السندات. وسيكون على المصارف التي تملك سندات بمئات مليارات اليوروهات أن تجلب ودائع لتعويض الانخفاض مما سيؤثر على أرصدتها الخاصة. إلا أن هذه الودائع لن تتعلق سوى بجزء من هذه الأسهم موجود في محافظها التي تسمى تفاوضية أي مخصصة للتخلي عنها ولكن ليست المحفظة المصرفية التي تضم الموجودات المودعة لمهلة محددة. وينتقد المحللون هذه النقطة معتبرين أن وضعا مثل هذه الحدود لا يأخذ في الاعتبار واقع نتائج المصارف. وهم يقولون إن الجزء الأكبر من هذه السندات موجود في الواقع في المحفظة المصرفية. والخفض المطبق على أسعار السندات يتراوح حسب الدول بين 4.2 في المائة في ألمانيا و23.1 في المائة لليونان. وكل الأسعار ستتراجع حتى السندات التي تعد الأكثر أمانا بينما كانت تتجه إلى الارتفاع خلال أزمة دين الدول.

وفي أثينا قال وزير المالية اليوناني في تصريحات نشرت أمس إن اليونان ستحصل الآن على شريحة مساعدات ثانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وذلك بعدما استوفت الشروط المقررة ضمن خطة تقشف. ويزور مسؤولون من الاتحاد وصندوق النقد والبنك المركزي الأوروبي أثينا يوم الاثنين للتحقق مما إذا كانت اليونان تطبق برنامجها البالغ قيمته 110 مليارات يورو (141.6 مليار دولار) لكي تحصل على مساعدة جديدة بقيمة 9 مليارات يورو.

كانت اليونان حصلت في مايو (أيار) على دفعة أولى قيمتها 20 مليار يورو من شركائها في منطقة اليورو ومن صندوق النقد الدولي. وقال وزير المالية جورج باباكونستانتينو في مقابلة مع صحيفة «كوسموس تو ابنديتي» الأسبوعية «صرف الشريحة الثانية يعتمد على ما إذا كنا حققنا الأهداف المحددة لنا بحلول 30 يونيو (حزيران). هذه الشروط تحققت وقد اتخذنا خطوة إضافية بإقرار مشروع قانون إصلاح معاشات التقاعد». كانت مهمة الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي وصندوق النقد أعطت البلد المثقل بالديون علامات جيدة في نهاية يونيو قائلة إنه يمضي قدما في خطة لخفض الإنفاق العام وتعزيز العائدات وإجراء إصلاحات هيكلية. لكنهم أشاروا إلى بعض المشكلات في الإنفاق على المستشفيات وتجاوز الإنفاق المقرر في الرعاية الاجتماعية. وجدد الوزير دعوته إلى البنوك اليونانية لضم جهودها كي تستطيع ضخ السيولة في السوق والمساعدة في تعزيز اقتصاد البلاد. وقال باباكونستانتينو «أي قرارات تفضي إلى مجموعات أكبر ذات كفاية رأسمالية أعلى وتوسع خارجي وتحقيق وفورات ستساعد في هذا الصدد». وفي وقت سابق هذا الشهر عرض بنك «بيريوس» رابع أكبر بنوك اليونان شراء الحصص المسيطرة التي تملكها الدولة في «هيلينك بوستبنك» و«إيه تي إي بنك» مما يمهد لاندماجات في القطاع. وقال باباكونستانتينو إن اليونان لن تبت في العرض قبل أن ينتهي مستشاروها من إجراء تقييم. وأظهرت نتائج اختبارات التحمل التي نشرت أمس الجمعة إخفاق «إيه تي إي بنك» و6 بنوك أوروبية أخرى وأنها طولبت بزيادة رؤوس أموالها 3.5 مليار يورو وهو أقل بكثير مما كان متوقعا الأمر الذي أكد المخاوف من أن اختبارات التحمل الأوروبية التي طال انتظارها كانت متساهلة جدا.