علامات التعافي تظهر على قطاع الطيران بعد عامين من الركود

الشركات العربية تعزز موقفها في ريادة الصناعة عالميا

TT

تركت الأزمة المالية قطاع الطيران يتألم من آثار الركود الشديد الذي أصابه خلال الأزمة المالية التي بدأت تنشر آثارها نهاية عام 2008، ليصبح قطاعا من أكثر القطاعات تضررا.

وظل قطاع الطيران متأثرا لفترات طويلة وجذب كل أطرافه معه بداية من صناع الطائرات، إلى الشركات المشغلة، لينتقل إلى الركاب.

ولكن جاء معرض «فارنبرو 2010»، أكبر معرض طيران في العالم، ليبعث الطمأنينة في أنحاء القطاع، مشيرا إلى أن شركات الطيران الصغيرة عادت لتلتقط أنفاسها، بينما الشركات الكبيرة التي كانت أكثر تضررا وجدت طريقا للنمو مرة أخرى.

وأكد هذا الحدث الاعتقاد الذي ساور عمالقة الصناعة بأن الشركات العربية هي المهيمن الأكبر على هذا القطاع في الوقت الحالي ولفترة طويلة مقبلة.

وظهر ذلك في اليوم الأول للمعرض وعند إعلان «طيران الإمارات» لشراء 30 طائرة «بوينغ» من طراز «777» طويلة المدى، النبأ الذي توقعته عمالقة صناعة الطائرات، والشركات الأخرى المشاركة في المعرض، ليسجل أكبر صفقة شراء خلال أسوار الحدث الأكبر في القطاع لهذا العام.

* طلبيات ضعيفة

* وربما كانت قيمة الشراءات والطلبيات المعلنة هذا العام خلال المعرض أقل من طلبيات المعرض السابق عام 2008، ولكنها ما زالت إشارة إيجابية على صحوة القطاع مرة أخرى.

ولامس سقف الطلبيات لعام 2010 نحو 74 مليار دولار، بينما في عام 2006 كانت عند 46 مليارا، و88.7 مليار دولار لعام 2008.

* منافسة العمالقة

* وكانت المنافسة محتدمة بين أكبر مصنعين لصناعة الطائرات على جانبي الأطلنطي بين «إيرباص» و«بوينغ». وظهرت كل من الشركتين بمولود جديد، مثل الطائرة «دريملاينر 787» التي انتظرها العالم بشوق شديد ليراها تهبط في مطار فارنبرو للمرة الأولى، بعد عبور المحيط الأطلنطي قادمة من مصنع «سياتل» لتكون النجم الساطع خلال أيام المعرض، في أول ظهور لها أمام الجمهور.

وتعد الطائرة «دريملاينر» المصنعة من مواد بلاستيكية مركبة، الأولى من نوعها. وقد تأخرت الطائرة عن التسليم نحو أكثر من عامين.

وعلى الجانب الآخر كانت «إيرباص» تحاول خطف الأنظار بطراز إيه 380 العملاقة، لتقوم الطائرة بعرض أمام المشاهدين تظهر فيه حجمها الضخم، ورشاقتها في الهبوط والإقلاع، أملا في استقطاب طلبيات جديدة.

وكانت «بوينغ» هي المثقلة بالطلبيات على طائرات من طراز 777 لـ«طيران الإمارات» و«القطرية»، بينما طائرات صغيرة من «إيرباص» هي التي حازت على مبيعات.

وتصاعد دخان المنافسة بين الشركتين قبل انطلاق المعرض، عندما أعلنت «بوينغ» انتهاء القضية التي حفظتها أمام «إيرباص» في منظمة التجارة العالمية بأن الاتحاد الأوروبي دعم الشركة الأوروبية لإتمام البحث وتمويل مشروع طائرتها الضخمة التي تعد من أهم معايير النجاح للشركة، بينما يعد ذلك منافيا لقوانين التجارة الحرة.

وردا على ذلك اتهمت «إيرباص» «بوينغ» بأن الحكومة الأميركية مولت وحدة الدفاع في «بوينغ» لتمويل مشروع الطائرة المقاتلة «إف 35» ذات التقنيات القتالية الحديثة، الذي تأخر كثيرا وتخطى الميزانية الموضوعة لها.

* سباق التسلح

* وجدت الطائرات العسكرية اهتماما كبيرا خلال المعرض، خصوصا بظهور بعض النماذج الجديدة من أكبر المنافسين مرة أخرى، وهما «إيرباص» و«بوينغ». ولكن هذه المرة بظهور الناقلة العسكرية الضخمة «إم 400» التي تخطت جدولها الزمني بأربعة أعوام، وتخطت ميزانيتها أيضا بمليارات اليوروات.

وسطعت أيضا المقاتلة «إف 35» التي احتوت على الكثير من المزايا القتالية المميزة، والتي كانت تتميز بها الطائرة «هاريير» البريطانية لسنوات طويلة، منها التحليق للقتال أو الهبوط والإقلاع من ناقلة الطائرات في وسط المحيطات دون شغل مساحات كبيرة للمدرج، إضافة إلى تخفيها عن شاشات الرادار. ولكن رغم تفوق أداء الطائرة فإن نفس عدوى التأخر وارتفاع التكلفة كان من نصيبها.

وتزداد الأزمة تعقيدا أمام «إيرباص» في الوقت الحالي لتسوق لناقلتها العسكرية «400 إم»، التي أطلق عليها أحد طياري الاختبار «الدب الكبير»، وإقناع المشتري بدفع 150 مليون دولار لشراء الطائرة الجديدة، بدلا من الطائرة الأكثر شعبية وانتشارا من الصناعة الأميركية وهي «هرقل سي 130» بنصف السعر فقط، وإضافة القليل وشراء «سي 17 غلوب ماستر» التي بإمكانها الإقلاع بضعف الوزن، والطيران لمسافات أطول.

وعلق بيتر سكوفهام مساعد الرئيس لوحدة التسويق العسكري في «إيرباص»، مؤكدا على أن المشتري أمامه اختيارات كثيرة في طيران النقل العسكري، أبرزها «سي 130» و«سي 17»، وقال: «كلتاهما غير قادرة على إنجاز المهمة، (هرقل) غير قادرة على الإقلاع بأوزان ثقيلة، و(سي 17) لا يمكنها الهبوط على أسطح خشنة».

ودعمت الإحصائيات نظرية سكوفهام، موضحة أن «سي 130» قادرة على الإقلاع بـ19 طنا، بينما «الدب» قادرة على 37 طنا (المدرعة الحربية تزن 25 طنا)، و«سي 17» بمحركاتها النفاثة تحتاج إلى مدرج حديث للهبوط، بينما الطائرة الجديدة قادرة على الهبوط على مدرج من الرمال الخشنة.

وفي الوقت الذي تزداد فيه المنافسة يسطع نجم المقاتلة «إف 35»، ولم يضع النقاد أي مقاتلة أخرى لتقارن بها، واصفين إياها بأنها من الجيل الخامس.

ولكن المقارنة كانت بين المقاتلة «إف 22 رابتور»، و«يورو فايتر تايفون»، التي منع البنتاغون بيعها خارج الولايات المتحدة، في حين تحولت ميزانيات الدفاع الدولية إلى المقاتلة الجديدة، كان أبرزها إعلان وزارة الدفاع الإيطالية بإلغاء عقد بملياري يورو لشراء طائرات «يوروفايتر»، لتبدل بمقاتلات «إف 35» التي خطفت الأضواء.

وأصر طيارون بريطانيون على أن «يوروفايتر» و«إف 35» منافستان من نفس الدرجة القتالية، ولكن مهامها تختلف.

* براعم في الأجواء

* لسنوات طويلة استحوذ طرازا «بوينغ 737» و«إيرباص 320 فاميلي» على سوق الطائرات الأحادية الممر، بأكثر من 5 آلاف طلب لكلتيهما، ولكن قد يطرأ تغير على ذلك الاتجاه خلال سنوات معدودة.

وظهر ذلك من خلال 3 موديلات بثلاثة طرازات جديدة تزاحم العمالقة في سوق الطائرات الصغيرة - المتوسطة.

وأولهم الطائرة «بموباردييه أيروسبيس سي إس 300» كندية الصنع، من المتوقع أن تدخل الخدمة عام 2013، وبدأ العمل بها، وتتميز تلك الطائرة بأجنحة من مواد بلاستيكية مركبة، ومحركات من «برات أند ويتنيتعد» توفر 15 في المائة في استهلاك الوقود، وجسم الطائرة من الألمنيوم الخفيف مصنع في الصين.

والطائرة الثانية من «كوميرشيال إيركرافت كورب» الصينية (كوماك)، طراز «سي 919»، التي من المتوقع أن تدخل الخدمة عام 2016.

وأخيرا «إيركوت» (وحدة من «يونايتيد إيركرافت») الروسية، وتعمل على إدخالها الخدمة عام 2016 أيضا، وتصنع أجنحتها من مواد بلاستيكية معالجة (ألياف كربونية) ومحركات «برات أند ويتني» تعد باستهلاك أقل للوقود يصل إلى 15 في المائة.

وتتراوح المسافات التي تطيرها تلك الطائرات ما بين 5.5 إلى 4.9 ألف كيلومتر، مقارنة بـ6.5 ألف كيلومتر للجيل القديم.

وغالبا ما تصل حمولة هذه الفئة من الطائرات إلى 130 راكبا، وتختلف حمولة الطائرة من الوقود على حسب الوجهات والدرجات على متن الطائرة.

* معرض فارنبورو.. حقائق وأرقام

* التصق اسم فارنبورو بالطائرات منذ عام 1908، عندما انتقل محل معدات البالون من مدينة غرينتش إلى فارنبورو، وتمت إعادة تسميته إلى أتس إن لصناعة البالون.

أغلب الطائرات التي صنعت خلال الحرب العالمية الأولى تم تصميمها في فارنبورو، واشتهر مدرج هذا المطار بتجربة الطائرات لمعرفة سرعتها القصوى.

* عام 1908: طار صاموئيل كودي أول رحلة فوق بريطانيا، انطلقت من فارنبورو، وهو أميركي الجنسية.

* عام 1948: كسر جون ديري حاجز الصوت فوق مطار فارنبورو.

* عام 1948: أصبح مطار فارنبورو هو المركز الدائم لمعرض فارنبورو الجوي منذ أن فتح الأبواب للجمهور.

* عام 1949: وصلت الطائرة «كوميت»، أول طائرة ركاب تهبط في أرض المعرض.

* عام 1970: ظهرت الطائرة «كونكورد»، أسرع طائرة ركاب في العالم، لأول مرة في المعرض.

* عام 2006: ظهرت الطائرة «إيرباص أيه 380» لأول مرة في فارنبورو.

* عام 2010: ظهرت الطائرة «بوينغ دريملاينر 787» لأول مرة في المعرض.

تعمل إدارة المعرض 4 أشهر قبل انطلاق المعرض لإعداد وبناء جوانب المعرض.ويتم نقل 3600 طن من البناء المؤقت لأرض المعرض، ثم يتم إزاحتها بعد الانتهاء