«أبوظبي للاستثمار» لـ«الشرق الأوسط»: الفترة الحالية أفضل وقت للاستثمار في صناديق الملكية الخاصة بالسعودية

مسؤول بالشركة: 10 مليارات دولار من هذه الأموال غير مستثمرة

سمير أسعد
TT

قال مسؤول كبير في شركة «أبوظبي للاستثمار«، المسؤولة عن الاستثمار باسم حكومة أبوظبي، إن صناديق الملكية الخاصة المخصصة للاستثمار في الشرق الأوسط، تضم نحو 10 مليارات دولار من الأموال غير المستثمرة، وإن الاستثمارات عبر الملكية الخاصة ستلعب دورا رئيسيا في تمويل نمو شركات القطاع الخاص بالمملكة العربية السعودية، معتبرا الفترة الحالية «أمثل وقت» للاستثمار في الملكية الخاصة في السعودية، وأن من شأن التطور السريع في البنية التحتية لبلد بمساحة أوروبا الغربية أن يفسح المجال أمام فرص جديدة لنوع جديد من شركات الخدمات اللوجيستية.

وقال سمير أسعد، رئيس قسم الملكية الخاصة في شركة «أبوظبي للاستثمار»، إن صناديق الملكية الخاصة المخصصة للاستثمار في الشرق الأوسط، تضم نحو 10 مليارات دولار من الأموال غير المستثمرة التي تم جمعها خلال الأعوام القليلة الماضية ولم يتم استخدامها بعد، وإن الفترة الحالية هي أمثل وقت للاستثمار في الملكية الخاصة في السعودية التي تتميز بأضخم اقتصاد بين دول منطقة الخليج العربي، بالإضافة إلى أنها الأكثر كثافة سكانية بتعداد يصل إلى 27 مليون نسمة. وشركة «أبوظبي للاستثمار»، والمملوكة بنسبة 98 في المائة لمجلس أبوظبي للاستثمار، صندوق الثروة السيادية لإمارة أبوظبي، الذي يركز على الاستثمارات الإقليمية - كانت قد أطلقت في العام الماضي مجموعة من الصناديق للاستثمار في الأسهم المدرجة، والملكية الخاصة في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وتركيا.

ويرى الخبير الاقتصادي في الشركة ذات الموقع الاستراتيجي في إمارة أبوظبي، أن المشاريع العقارية العملاقة في المملكة، بما فيها تطوير وبناء ست مدن اقتصادية جديدة، تستحوذ على أغلب التمويل الذي توفره المصارف تاركة شركات القطاع الخاص أمام ثغرة تمويلية كبيرة، بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية والمشاريع العقارية الضخمة التي تمتص كل ما توفره البنوك من تمويل، الأمر الذي يدفع بالكثير من الشركات للبحث عن مصادر تمويل بديلة.

ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع للمملكة الغنية بالمصادر النفطية أن تحقق نموا في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 3.7% هذا العام، وبنسبة 4% في عام 2011، وكانت قد تجنبت العام الماضي آثار الركود بفضل استخدام حوافز مالية حكومية هائلة.

واعتبر أسعد في إجابته عن أسئلة «الشرق الأوسط» أن المشاريع العقارية العملاقة في المملكة، بما فيها تطوير وبناء ست مدن اقتصادية جديدة، تستحوذ على أغلب التمويل الذي توفره المصارف تاركة شركات القطاع الخاص أمام ثغرة تمويلية كبيرة.

وكان معدل القروض إلى الودائع في المصارف السعودية قد بلغ نحو 73% في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، الأمر الذي أتاح حيزا جيدا للإقراض قبل الوصول إلى سقف هذا المعدل الذي حدده البنك المركزي بنسبة 80%. ومع ارتفاع النشاط الاقتصادي في المملكة، تراجعت ودائع القطاع الخاص في الربع الأول من هذا العام؛ بينما ارتفعت القروض المصرفية الممنوحة للجهات الحكومية وفقا للخبير الاقتصادي. الأمر الذي أدى إلى عزوف المصارف عن تمويل الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، حيث انحدر معدل النمو الشهري لقروض القطاع الخاص إلى نحو 0.5% مقارنة بذروته التي وصلت إلى 4% في عامي 2007 و2008.

إلى ذلك، يرى أسعد أن الشركات «تتوق» إلى الاستفادة من تدفق السيولة الذي تشهده السوق السعودية، ومن التوجهات الأخرى طويلة المدى مثل ارتفاع حجم الطلب بشكل كبير من قبل الفئة السكانية الشابة، ولا سيما أن ثلثي السعوديين هم من الشباب الذين لم يتجاوزوا 30 عاما.

ويعتبر أسعد أن من بعض أفضل فرص الاستثمار في الملكية الخاصة في السعودية تكمن في مجالات السلع الاستهلاكية والتجزئة، «ويبين تضاعف حجم الاشتراك في خدمات الهاتف الجوال بين عامي 2005 و2007 مدى السرعة التي قد يؤثر بها الشباب على التوجهات الاستهلاكية».

إضافة إلى آفاق واعدة أيضا للاستثمار، بحسب أسعد، في مجال التعليم بفضل ارتفاع مستوى إقبال الأهالي على المدارس عالية الجودة والمناهج الدراسية المتطورة واستعدادهم لتحمل تكاليفها الدراسية. وخلافا لبعض الحالات الاستثنائية برأي الخبير، تعد البيئة التعليمية حاليا مجزئة بشدة وتحتاج إلى الاندماج للحاق بالمنافسة.

وفي الوقت الذي يضع فيه الخبير الاقتصادي في شركة «أبوظبي للاستثمار» السعودية في مرتبة نخبوية لجهة سوقها «الواعدة للغاية»، لكنه يعتبر أن السوق السعودية صعبة المراس لعدة أسباب.

يأتي في المقام الأول، كما يشرح أسعد، أن الخيار الأنسب هو الاستثمار في الشركات ذات الحجم المتوسط التي تملك الطموح للتوسع على المستوى المحلي أو الإقليمي، «وهذه كالجواهر يجب التنقيب والبحث عنها، بينما يمكن تقسيم السعودية إلى ثلاث أسواق منفردة، هي: المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية ووسط المملكة؛ وعلى المستثمر أن يلم جيدا بكل سوق منها كما يعرف أهل مكة شعابها».

ومن ناحية ثانية، يواصل الحديث، هناك انتقائية الشركات السعودية التي تود بيع حصص منها؛ إذ تعد المملكة إجمالا سوقا لتنمية رأسمال أكثر مما هي سوق لعمليات الاستحواذ؛ ويحرص مؤسسو الشركات على الاحتفاظ بجزء من حصصهم في ظل توقعهم أن تشهد السنوات القادمة نموا مطردا.

وبذلك، كما يتابع أسعد، فإن وراء عقد صفقات الملكية الخاصة ما هو أكثر من المال؛ خاصة بعد الأزمة المالية الأخيرة، إذ تميل الشركات الراغبة في التمويل إلى التعاقد مع الشركاء الذين يمتلكون كلا من المتانة المالية وشبكة من العلاقات القوية التي تفتح أبواب فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى الخبرات التي يمكنها الاستفادة منها.

ويرى أسعد - الذي يمتلك خبرة واسعة في عقد الصفقات في الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة وأوروبا - أن أغلب الفرص الاستثمارية تكمن في الشركات العائلية، التي تكون أحيانا جزءا من تكتلات ضخمة تريد تقليص حجمها للتركيز على الأجزاء الباقية من عملياتها. وتزدهر هذه الوحدات المترابطة عندما تنمو من مؤسسات صغيرة إلى شركات متوسطة الحجم، ويستطرد أسعد بالقول إنه إذا ما أرادت هذه الشركات القيام بالخطوة التالية، والتوسع على نطاق محلي أو حتى خارجي؛ فإنها ستواجه منافسة وتحديات جديدة؛ وهي غالبا ما ستحتاج إلى رصيد جيد من الخبرات والكوادر الوظيفية المدربة. وينبغي التعامل مع ذلك بمنتهى الحذر لضمان حفاظ هذه الشركات على حيويتها وسلامة أدائها أثناء نموها.