صندوق النقد الدولي يحذر: إسبانيا تواجه «تحديات خطيرة»

أكد أنها بحاجة إلى إصلاحات عميقة لإعادة الثقة لاقتصادها

TT

حذر صندوق النقد الدولي في تقرير نشره مساء أول من أمس أن إسبانيا لا تزال مقبلة على تحديات وإصلاحات ضرورية من شأنها أن تعيد إلى الاقتصاد الإسباني المصداقية التي فقدها تدريجيا منذ بدء الأزمة المالية العالمية. ويشير التقرير الذي أعده فريق من خبراء الصندوق المذكور أن أمام مدريد «تحديات خطيرة» ولا بد من اتخاذ تدابير إضافية صارمة من أجل تخطيها، وبالتالي تخفيض العجز والدين. ويضيف أن هذه التدابير هي في غاية الضرورة كي تتمكن الحكومة الإسبانية من تخفيض الثغرة على النمط الذي وضعته المفوضية الأوروبية. وبينما يعتبر هؤلاء الخبراء أن القوانين الجديدة التي وضعتها إسبانيا والإجراءات التي بدأت الحكومة الاشتراكية في تطبيقها هي خطوات إيجابية، فإنهم يطالبون في الوقت نفسه بالتقدم في مجالات «الإصلاحات والتعديلات الضرائبية» و«إصلاح المعاشات التقاعدية» و«إصلاح قوانين سوق العمل» وإتمام التعديلات التي بدأتها في القطاع المصرفي.

ويعترف المجلس التنفيذي للصندوق الدولي، الذي يتألف من 24 عضوا يمثلون 187 دولة، أن «التعديل أو التسوية الضرورية» قد بدأت في إسبانيا، ولكنه يشدد على أن تطلعات النمو الإسبانية لا تزال غير واضحة «نظرا للظروف غير المستقرة التي تمر بها السوق المالية الإسبانية والطلب المحلي الضعيف». ويضيف أن الحكومة الإسبانية قد بدأت في تطبيق قوانين ضرائبية جديدة لمساعدتها على الخروج من الأزمة الاقتصادية، ولكنه يحذر في الوقت نفسه من أن هذه القوانين والتدابير ترتكز على تطلعات «متفائلة». ثم يذهب إلى أبعد من ذلك متوقعا بعض التراجع في نمو الاقتصاد الإسباني قدره 0.4% في السنة الحالية، ونموا ضعيفا يصل إلى 0.6% في السنة المقبلة، وهي أرقام أقل تفاؤلا من تلك التي توقعتها السلطات الحكومية الإسبانية.

ولكن التباين في الآراء ووجهات النظر واضح جدا بين السلطات المالية الإسبانية وخبراء صندوق النقد الدولي. ففي الحين الذي تعتبر فيه إيلينا سالغادو، نائبة رئيس الحكومة الإسبانية للشؤون الاقتصادية، أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيصل إلى 1.3% في العام المقبل وأن الأزمة بدأت في التراجع، يرى الخبراء أن التحسن سيكون «ضعيفا وهشا»، وأن أي نمط للنمو أقل من 2% سيكون عاجزا عن إيجاد فرص عمل جديدة، وأن نسبة النمو هذه لن تتحقق قبل حلول عام 2015. أما رئيس الحكومة، خوسيه لويس ثاباتيرو، فقد أكد في مؤتمر صحافي عقده في القصر الحكومي أول من أمس أن المؤشرات الأخيرة تبين أن الانتعاش الاقتصادي حافظ على مسيرته في الربع الثاني من السنة الحالية وأن الأرقام والمعطيات قد تحسنت عما كانت عليه في الربع الأول، وهذا دليل واضح على أن التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة وبدأت مؤخرا في تطبيقها هي المواتية وأن إسبانيا قد عادت إلى المسار السليم والمستقيم.

ويتزامن نشر هذا التقرير مع صدور الجداول الأخيرة التي ألقت الضوء على أرقام البطالة العائدة إلى الربع الثاني من السنة الجارية. فقد ازداد، وفقا لهذه الجداول، عدد العاطلين عن العمل 83 ألف فرد على الرغم من أن الاقتصاد الإسباني قد أوجد فرص عمل جديدة للمرة الأولى منذ شهر يونيو (حزيران) 2008. ومع ذلك فقد ارتفعت نسبة البطالة إلى 20.1%، أي أكثر من ضعف المعدل الأوروبي الذي لا يتخطى 10%، ووصل عدد العاطلين عن العمل إلى أقل بقليل من 4.7 مليون فرد.وتبين هذه الجداول أيضا الحالة التعيسة التي يعيشها الاقتصاد الإسباني والوضع الرديء الذي تمر به العمالة في كل المناطق الإسبانية. فإذا ألقينا نظرة على الأرقام الموجودة فيها، نجد أن نسبة البطالة بين المهاجرين تخطت حاجز 30%، وأن في إسبانيا 1.3 مليون عائلة جميع أفرادها عاطلون عن العمل ولا تتقاضى أي مساعدة أو معونة من أي مؤسسة حكومية أو غير حكومية، وأن عدد هذه العائلات يزداد شهريا حولي 10 آلاف عائلة.