لنتفاعل مع أنشطة التوعية

سعود الأحمد

TT

كنا في الماضي وما زلنا (أو بعضنا على الأقل)، في السعودية، نطالب مؤسسة النقد والبنوك وهيئة السوق المالية بالمشاركة الفاعلة في المسؤولية الاجتماعية. وكنا ككتاب ومحررين صحافيين، على وجه الخصوص، ننظر في هذا الأمر بين ناقد ومهاجم وساخر (كل بأسلوبه). تجمعنا قناعة واحدة؛ أن هذه الجهات تحقق أرباحا خيالية من المجتمع السعودي، وبالتالي فعليها واجب وطني وأخلاقي، أن تقدم لهذا المجتمع ما يستحقه من مساهمة ومشاركة في كل ما من شأنه نمو ورقي هذا المجتمع.

اليوم الذي أرجوه أن تكون تلك الأصوات قد حققت شيئا مما تصبو إليه، ووجدت لها الآذان المصغية لعمل ما يمكن في هذا المجال. فخلال السنوات القريبة الماضية، وعلى صعيد القطاع المصرفي، بدأنا نسمع عن لجنة الإعلام والتوعية المصرفية، التي تقوم عليها مجالس إدارات البنوك السعودية. وهناك جهود تتحدث عن نفسها، بقيادة هيئة السوق المالية، لنشر الوعي الاستثماري على جميع الأصعدة. ولعل آخر ما صدر عن هيئة السوق المالية في هذا المجال مجلة لنشر الوعي بين الأطفال، بعنوان «المستثمر الذكي» تهدف إلى تنمية الوعي الاستثماري.

الذي أراه أن علينا، ككتاب ومحررين صحافيين، أن نواصل نقدنا لما يُقدم من نشاطات لنشر الوعي في المجال المصرفي والاستثماري. ففي الماضي كان علينا واجب أن نطالب ببذل جهود التوعية، واليوم علينا (أيضا) واجب أن نقيم هذه الجهود من حيث الكفاية والكفاءة. ومن جانب آخر حتى لا نُتهم بالسلبية إلى الحد الذي يعتقد معه البعض أن الصحافة تريد فقط أن تثير الرأي العام ضد جهات معينة، وتظهر الملاحظات عليها لتبين تقصيرها. فالمسألة ليست بهذا الشكل، والإعلام ليس بهذا السوء كما قد يبدو للبعض. ولذلك علينا أن نتفاعل مع هذه القضية من منطلق أن هذه الجهات تستفيد، ولذلك لا بد أن يتساوى الغرم بالغنم. فهذه الملايين التي جمعتها الهيئة من المخالفين إلى أن تراكمت في حساباتها دون مبرر، ثم عادت مؤخرا تبحث عن حلول وسط لتجد لهذه الأموال صاحبا «وهل إلى مرد من سبيل». هذه الغنائم المتراكمة لدى الهيئة، وهي من حق المجتمع بداهة، يجب أن يقابلها إنفاق على المجتمع في عدة مجالات، من بينها نشاطات نشر الوعي العام.

علينا أن نتابع هذه الأنشطة لأنها أصبحت قضية تعنينا، من باب أنها من الشأن العام. والإعلام السعودي (بلا أدنى شك) تبنى تيارا مطالبا بهذه الأنشطة من عدة أعوام. فلا توجد صحيفة إلا وكُتبت بها مقالات وتقارير وتحقيقات تحث وتطالب بالمسؤولية الاجتماعية.

هذا وإن كنت لا أخفي إعجابي بما تضمنته مجلة الأطفال في إصدارها الثاني، وبالأخص في تركيزها على عناوين جذابة، مثل «المستثمر الذكي»، و«حصالتي مستقبلي»، و«تسوق بذكاء»، و«القرش الأبيض في اليوم الأسود»، والجميل أن القصص التي أوردت جعلت من الجمل مثالا على ذلك. وفي عنوان «كيف تجعل والدك يوفر»، أعجبني كيف ربطوا التوفير بترشيد استهلاك الكهرباء، وعن موضوع «حسابات بنكية» أعجبني كيف جعلت في صورة قصص صيغت بمستوى يناسب الأطفال صغار السن. وآخرها (وهو أجملها) الاستثمار في المعرفة.. ثم وضع أرقام للتواصل وإبداء الملاحظات وإرسال المشاركات.

*كاتب ومحلل مالي