وزير الخزانة الأميركي يطمئن المصرفيين بشأن التشريعات الجديدة

يحث على إنهاء الرواتب الخفية وعدم دفع الأفراد إلى القروض

ناشد وزير الخزانة الأميركي تيموثي غيتنر الشركات بتغيير رواتب المديرين التنفيذيين («نيويورك تايمز»)
TT

جاب تيموثي غيتنر كبائع المتجول، مانهاتن، الاثنين الماضي في محاولة لطمأنة المصرفيين المتشككين ورجال الأعمال وحتى عمدة المدينة.

كانت فحوى رسالة غيتنر أن التشريعات المالية الجديدة الفاعلة التي تحولت إلى قانون بواسطة الرئيس أوباما الشهر الماضي ليست أمرا مثيرا للمخاوف، لكنها ستكون الأساس لاقتصاد أقوى على مدى الشهور والسنوات القادمة.

وقال وزير الخزانة أمام حشد من 150 من المديرين التنفيذيين، وأعضاء جماعات الضغط وآخرين خلال كلمة أمام كلية ستيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك: «سمح نظامنا المالي بالكثير من الحرية للافتراس والانتهاكات والمخاطر البالغة، لكن ونحن نضع القواعد الجديدة بديلا عن هذه الأخطاء يجب أن نحاول تحقيق توازن حذر وضمان الحرية والمنافسة والابتكار التي هي ضرورة لعملية النمو».

على الرغم من أن غيتنر تحدث إلى حشد ودود على الأغلب في غرينيتش فيلدج، فإن عشرات من الأشخاص في ناطحات السحاب القريبة كانوا يبحثون عن سبل للحفاظ على الأرباح الضخمة على الرغم من القواعد الجديدة.

على بعد ميلين من الحي المالي، بدأت البنوك الضخمة إعادة دراسة كل شيء بدءا من كيفية إعادة صياغة عمليات الاشتقاق الضخمة إلى كيفية التعامل مع القيود الجديدة على المضاربة في الأسهم، النشاط الذي تقوم من خلاله الشركات بالمضاربة بنفسها.

ففي مصرف «جيه بي مورغان تشيس»، على سبيل المثال، هناك أكثر من 100 مجموعة عمل تسعى بجدية إلى محاولة توقع تداعيات القواعد الجديدة وتكييف أعمال الشركة وفقا لها. كما تجري جهود مماثلة في الشركات الأخرى، حيث يسعى المحامون في واشنطن ونيويورك إلى تطويع القانون لعملائهم.

وخلال الزيارة تقمص غيتنر دور وسيط السلام وحاول تذويب جليد العلاقات الفاترة التي تطورت بين إدارة أوباما ومجتمع الأعمال في البلاد. وأكد لمسؤولي الصناعة أن القواعد الجديدة - التي أنفقوا ملايين الدولارات وآلاف الساعات لمعارضتها - ستخلق الاستقرار بينما تترك مساحة للشركات للانتعاش والنمو.

واعترف بـ«السرعة البطيئة والمحبطة» في كتابة القواعد الفيدرالية وتعهد بأن يتحرك المشرعون بأسرع ما يمكن لوضع القواعد الجديدة موضع التنفيذ. وقال أيضاً: «إن المنظمين لن يضعوا القواعد الجديدة إلى جانب القديمة التي عفا عليها الزمن».

وعلى الرغم من جولة النوايا الحسنة هذه، فإنه أسدى النصح إلى المديرين التنفيذيين، فقال لهم «إن التحدي الأبرز الذي تواجهونه هو استعادة ثقة الشعب الأميركي وعملائكم والمستثمرين حول العام. ولا تنتظروا من واشنطن أن تقوم بصياغة كل تشريع، وأن تبدأوا في تغيير طريقة عملكم».

وحثهم غيتنر على إنهاء الرواتب الخفية وعدم دفع الأفراد إلى القروض التي لا يقدرون على سدادها. كما حث المصارف على التحلي بالشجاعة للتوسع في الإقراض. وناشد الشركات بتغيير رواتب المديرين التنفيذيين، وقال لهم: «حتى لا تكافئوا أنفسكم على القيام بمجازفات يمكن أن تهدد استقرار النظام المالي. يمكنك القيام بكل هذا التغيير الآن، حتى قبل أن يكتب القانون الأول الجديد من الإصلاح المالي».

لم تكن المهمة سهلة، فقد واصلت المصارف والشركات الأخرى دفع رواتب ضخمة لكبار المديرين التنفيذيين، وواصلت الشركات تكديس كميات ضخمة من رأس المال والإحجام عن استخدام المزيد من الموظفين أو زيادة الإقراض حتى يظهر الاقتصاد مرونة أكبر.

كان غيتنر قد استهل الزيارة يوم الاثنين بتناول الإفطار مع عمدة المدينة مايكل بلومبيرغ، الذي وصف الإصلاح المالي الجديد في برنامج «واجه الصحافة» على قناة «إن بي سي» خلال عطلة الأسبوع بـ«تشريع حلم لجماعات الضغط والمحامين».

وقال بلومبيرغ يوم الأحد: «لا أحد يعلم ماهية المستقبل، وهذا لا يبشر بخير. يجب أن ننهي حالة الشك، وحتى نقوم بذلك لا أتوقع أن نخرج من حالة الركود الحالية».

ووصف بلومبيرغ غيتنر يوم الاثنين بأنه «أكثر الأشخاص كفاءة في الحكومة»، وقال مساعدوه إن الرجلين ناقشا الاقتصاد الأشمل أكثر من الإصلاح المالي.

وفي وقت لاحق، التقى غيتنر قادة الأعمال الأعضاء في «بارتنرشيب فور نيويورك سيتي»، المؤسسة التي تضم كبار المديرين التنفيذيين. وقد استضاف اللقاء لاري فنك، المؤسس المشارك في شركة «بلاك روك» للاستثمار، وحضره المدير التنفيذي لشركة «تايم وارنر» جيفري بيويكس، والملياردير ويلبر روس وشخصيات بارزة أخرى.

خطاب غيتنر الذي ألقاه في فترة ما بعد الظهيرة كان البداية لحملة شعبية سيقوم من خلالها مسؤولو وزارة الخزانة بالدخول إلى المراكز العصبية في النظام المالي للتأكد من أن الإصلاح التشريعي سيسهم بالفعل في النمو الاقتصادي على الرغم من الانتقادات الشديدة من المعارضين بأن ذلك سيضر بالاقتصاد الجريح بالفعل.

وسيقوم مايكل بار، مساعد وزير الخزانة، بنقل الرسالة إلى غرفة تجارة تشارلوت في نورث كارولينا، وفي اليوم التالي سيقوم نائب الوزير بجولة في بوسطن وفيلادلفيا، حيث يلقي كلمة في كلية وارتون لإدارة الأعمال بجامعة بنسلفانيا. وقد سجل غيتنر لقاء مع برنامج «صباح الخير يا أميركا» على قناة «إيه بي سي»، ومن المتوقع أن يلقي كلمة نهاية هذا الأسبوع في واشنطن.

وأشار غيتنر في كلمته في جامعة نيويورك إلى أن الإصلاحات القوية ستطبق خلال الشهور القادمة، وذكر المراجعة المالية لعملاقي الرهن العقاري المدعومتين من قبل الحكومة «فاني ماي» و«فريدي ماك» والجهود العالمية الأخرى لفرض نسبة على رأس المال الجديد والعمليات المالية التي تقوم بها البنوك. وبالنسبة إلى التشريع الضخم الذي بدأ المنظمون تطبيقه، سعى غيتنر إلى طمأنة قادة الأعمال وحثهم على أن يكونوا شركاء للحكومة لا أعداء لها.

وقال غيتنر: «ستكون الإصلاحات قوية، لكنها ستكون أكثر شدة على الأفراد الذين قاموا بأكبر قدر من المخاطر. الذين كانوا أقل حصافة وسعوا إلى المجازفة وتنافسوا في سباق يفتقر إلى المعايير والممارسات السليمة، وأولئك الذين كونوا غالبية حصيلة أرباحهم عبر وسائل مشكوك فيها».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»