البائع المتجول

علي المزيد

TT

يحكى أن شابا قبل 30 عاما يحب العطور الشرقية والبخور، هذا الشاب وجد أقاربه وزملاءه حينما يريدون شراء العطور الشرقية يستعينون به، فيذهب لتجار السوق في مدينة الرياض ويشتري ما يريد أصدقاؤه ويقضي حوائجهم من العطور الشرقية أو ما يطلق عليه دهون العود والبخور. أتى من نصحه من زملائه فقال له بما أن لديك هذه الخبرة فلماذا لا تقوم بشراء العطور لحسابك وتقوم ببيعها لمن يريد؟ وتستفيد من هامش الربح. هذه الفكرة لاقت استحسانا لدى الشاب ولم تقبع في رأسه فقط بل وجدت طريقها للتنفيذ فقام بشراء عطور وبخور بقيمة خمسة آلاف ريال (1333 دولارا) وبدأ يبيعها لأقاربه وأصدقائه حينما يطلبون هذه العطور، ذاع صيته في محيطه، ركزوا معي «في محيطة المحدود»، وبدأت تنمو تجارته وتزيد خبرته. وفي يوم من الأيام خرج من الجامعة فوجد محل خطاط في حي الملز (حي من أحياء مدينة الرياض) للتقبيل وتحديدا في ما يعرف بشارع الكهرباء، اتصل الشاب بصاحب المحل وفاوضه واشترى المحل.

قام الشاب بعمل الديكور وأطلق على المحل اسم معرض العود والعطور الشرقية وبدأ بشراء ما يحتاج من تجار مدينة الرياض بالآجل ساعده في ذلك تردده عليهم حينما كان شبه بائع متجول، هذا الشاب اسمه عبد العزيز الجاسر. سافر الجاسر للهند لشراء العود ولكنه وصل ليلة رأس السنة ليتعذر عليه الحصول على غرفة في فندق إلا بشق الأنفس بات ليلته ودبر أمره في الغد في فندق آخر، الخبرة لا تأتي إلا بالممارسة حيث لم يكن يعرف وقتها ماذا تعني ليلة رأس السنة!.

شحن بضاعته وغادر لسنغافورة وفي سنغافورة جلس على باب الفندق ينتظر المطر الهاطل أن يقف طال انتظاره سأله موظف الفندق هل تريد سيارة أجرة؟ أجابه الشاب لا، فقط أنتظر المطر أن يقف، ابتسم الموظف وقال في مثل هذه الأيام من السنة المطر لا يقف! ضحك الجاسر معه واشترى عدة المطر مظلة وواقي ملابس وخرج يسعى في الأرض في أول رحلة تجارية يبدأ معها حياة جديدة.

عاد الجاسر للوطن ومارس عمله. يقول كنت أقرأ الكتب التي تتحدث عن من أسسوا سلاسل تجارية في الغرب فقررت أن أكون مثلهم ففتح فرعا في مدينة بريدة لأن أهلها مستهلكون جيدون للعطور الشرقية والبخور وتوالت الفروع لتصل إلى 600 فرع منها فرع في لندن في شارع أكسفورد يحتل خمسة طوابق وفرع في شانزليزية باريس ليصل عدد العاملين في شركته التي أصبح اسمها العربية للعود 1200 عامل، وليكون رئيس مجلس الإدارة. النجاح يحتاج إلى فكرة وإصرار ومثابرة واستفادة من التجارب التي تكون الخبرة. وعدتكم أن أحدثكم عنه قبل عدة أسابيع عن قصة نجاح الجاسر في تأسيس شركة العربية للعود التي أصبحت واحدة من أهم الشركات السعودية وحينما كتبت عن أحد العاملين الناجحين في الشركة وأنا أفي لكم بوعدي.. ودمتم.

* كاتب اقتصادي