الإطاحة برئيس «إتش بي» بعد إخفائه أموالا استفادت منها صديقته

مارك هيرد الذي حول الشركة إلى الأكبر تقنيا في العالم

مارك هيرد («نيويورك تايمز»)
TT

أطيح بمارك هيرد، الذي حول شركة «هيوليت باكارد» (المعروفة باسم «إتش بي») إلى شركة التقنية الأكبر في العالم، من خلال اتباع نظام مالي صارم، من منصبه بسبب أقل المخالفات التي ترتكب داخل المؤسسات: التلاعب في نفقاته.

وقد فاجأ مجلس إدارة «إتش بي» وادي السيليكون وول ستريت في وقت متأخر من يوم الجمعة عندما أعلن استقالة هيرد كرئيس لمجلس إدارة ورئيس تنفيذيين داخل عملاق الحوسبة والطباعة، ذاكرا ما وصفها بأنها «علاقة شخصية قوية» مع متعهدة ساعدت في عمليات التسويق الخاصة بالشركة.

واتصلت محامية المرأة بالشركة في نهاية يونيو (حزيران) ووجهت اتهامات بالتحرش الجنسي. وبينما كان مجلس الإدارة يحقق في التهمة، وجد تقارير نفقات غير دقيقة غطت مدفوعات إلى المرأة. ولكن قال المديرون إن التهمة بالتحرش الجنسي لا أساس لها.

واتهم مجلس الإدارة هيرد (53 عاما) بعدم الكشف عن استخدامه أموال الشركة. وحث المجلس هيرد على الاستقالة، ولكنه عرض تعويض الشركة مقابل الأموال المتنازع عليها، التي يقال إنها تتراوح بين 1000 دولار و20.000 دولار، حسب ما ذكره شخص قريب من هيرد اطلع على الأمر ولكنه غير مخول بالحديث علنا. ولكن، أصر مجلس الإدارة على موقفه. ويقول مارك أندرسن، وهو رجل أعمال وعضو بالمجلس: «كان ذلك قرارا ضروريا».

لقد أظهرت تصرفات هيرد «ضعف قدرة على التقييم»، حسب ما قال مايكل هولستون نائب الرئيس التنفيذي والمستشار العام، الذي أحضره هيرد إلى الشركة عام 2006 بعد أن أجرى تحقيقا في فضيحة غرفة مجلس الإدارة تضمنت تجسسا على أعضاء مجلس الإدارة والموظفين والصحافيين، وانتهى ذلك التحقيق باستقالة رئيس الشركة وترقية هيرد.

وأضاف هولستون أن هيرد استخدم تقارير نفقات غير دقيقة من أجل التستر على العلاقة مع المرأة. وينكر هيرد، وهو متزوج، أنه أقام علاقة جنسية مع المرأة، حسب ما يقوله المصدر المطلع على القضية. ولكن رفض هيرد التعليق.

وتقول غلوريا ألرد، محامية المشاهير التي وافقت على أن تمثل المرأة: «نريد أن نوضح أنه لم تكن هناك علاقة جنسية بين موكلتي وهيرد». وقد رفضت الموافقة على إجراء مقابلة مع هذه المرأة أو ذكر اسمها.

وقد تراجعت أسهم الشركة بنحو 10 في المائة يوم الجمعة إثر الأخبار عن هيرد المعروف بكلامه المباشر وطريقته التحليلية في ما يتعلق بالعمل. وكان هيرد قد أعاد تنظيم العمل داخل «إتش بي» من خلال عمليات تسريح للعمالة واستحواذ وسلسلة من إجراءات تقليص النفقات.

وتقول الشركة إن المرأة التي عملت لصالح «إتش بي» في الفترة من خريف 2007 حتى خريف 2009 استعملها مكتب الرئيس التنفيذي. وتقول مصادر قريبة من الشركة وعلى اطلاع بالأمر إنه على مدار عدد من الأشهر حضرت المتعهدة فعاليات لـ«إتش بي» داخل آسيا وأوروبا والولايات المتحدة وغالبا ما كانت تتناول الطعام وحدها مع هيرد عقب الفعاليات. وتتراوح رسوم المتعهدة ما بين 1000 دولار و5000 دولار للفعاليات داخل الولايات المتحدة وما يصل إلى 10.000 دولار في أنشطة خارج البلاد.

وعلى الرغم من أن المتعهدة كانت حاضرة، قال هيرد إنه تناول الطعام وحده أو مع شخص آخر في تقارير النفقات، حسب ما ذكرته المصادر. وقال شخص على اطلاع بالأمر إن هيرد وصف الأمر بأنه «غريب وشاذ». وقد نفى هيرد أي سياق جنسي للعلاقة مع المتعهدة وتحدث عن اهتزاز مجلس الإدارة بسبب مشكلات علاقات عامة محتملة عقب الاتهامات بالتحرش الجنسي.

ولم يرسل هيرد، الذي كان في وسط مفاوضات تعاقد مع مجلس الإدارة، تقريرا عن نفقاته، حسب ما قاله هذا المصدر. وكان مجلس إدارة «إتش بي» وهيرد يناقشون على مدار الشهر الماضي عقدا جديدا كان يمكن أن يحصل من خلاله على 100 مليون دولار على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة، حسب ما ذكره شخص على اطلاع بالاجتماعات.

وقد فاجأ خبر استقالته الكثيرين داخل وادي السيليكون. ويقول جوناثان شوارتز، الرئيس التنفيذي السابق لـ«صن ميكروسيستمز» المنافسة لـ«إتش بي»: «لقد صدمت وفاجئني الأمر. ليس هذا مارك هيرد الذي عملت معه».

وكان هيرد قد استحوذ على «إتش بي» المتعثرة في مطلع 2005 وحولها إلى أحد أفضل الشركات أداء في قطاع التقنية. وفي ذلك الوقت، تضاعفت أسعار أسهم الشركة. وتحت قيادة هيرد، تجاوزت «إتش بي» «آي بي إم» كإحدى كبرى شركات التقنية ووصلت مبيعاتها إلى 115 مليار دولار في العام بعد أن كانت 80 مليار دولار.

وقد تمكن من إعادة تنظيم «إتش بي» عبر تسريح عمالة وتقليل النفقات وأجرى الكثير من عمليات الاستحواذ المهمة لتعزيز الشركة، ومن بينها «إليكترونيك داتا سيستمز» و«بالم». ويقول شوارتز: «إنه مسؤول تنفيذي بارز وفي جميع تعاملتي كان صريحا وأمينا وفعالا. وأرى أن مارك تمكن من الحصول على مكان يحسد عليه داخل القطاع بالكامل».

وتقول شانون كروس، المديرة الإدارية في شركة «كروس للأبحاث»: «أعتقد إلى حد ما أن العمل سيستمر كالمعتاد داخل الوحدات المتنوعة. ومن الواضح أن لديهم أفرادا في مستوى الرئيس التنفيذي يديرون الأنشطة التجارية». وتضيف: «هذه ليست قضية تخص (إتش بي)، ولكنها قضية تقييم شخصي سيئ لمارك هيرد».

وسيرحل هيرد من شركة «إتش بي» ويحصل على 12.224.693 دولار، حسب ما ورد في تقرير رفعته الشركة للجنة الأوراق المالية والبورصة يوم الجمعة. كما مدت «إتش بي» الموعد النهائي لهيرد لشراء ما يصل إلى 775.000 سهما من الأسهم العادية داخل «إتش بي» و330.117 وحدة أسهم معتمدة على الأداء.

وقال هيرد في بيان: «إنه قرار مؤلم أتخذه بعد خمسة أعوام داخل (إتش بي)، ولكن أعتقد أنه سيكون من الصعب بالنسبة إلي أن أستمر كقيادي فعال داخل (إتش بي)، وأعتقد أن هذا هو القرار الوحيد الذي يمكنني أن أتخذه مع مجلس الإدارة في الوقت الحالي». وأضاف: «مع تقدم التحقيق، أدركت أنه كانت هناك مواقف لم أرتقِ فيها إلى معايير ومبادئ الثقة والاحترام والنزاهة التي اتبعتها داخل (إتش بي)». وفي بيان، قال مجلس الإدارة إنه عين المسؤولة المالية الأولى كاثي ليسجاك في المنصب مؤقتا. وتعمل ليسجاك داخل الشركة منذ 24 عاما، وتشغل منصب المسؤولة المالية الأولى منذ يناير (كانون الثاني) 2007. وقد شكل مجلس الإدارة لجنة بحث تضم أندريسن ولورانس بابيو وجون هارغرن وجويل حياة.

وقد وصل هيرد إلى المنصب الأبرز داخل «إتش بي» في 2005 عندما خلف كارلي فيورينا، الذي لم يكن قادرا على أن يرفع من ربحية الشركة رغم استحواذ الشركة على «كومباك» عام 2002 مقابل 19 مليار دولار. وقبل ذلك، كان هيرد قد قضى 25 عاما داخل «إن سي آر» في دايتون بولاية أوهايو، وشغل في آخر عامين منصب الرئيس ومنصب المسؤول التنفيذي.

كما نشرت الشركة نتائج مبدئية عن الربع الأول. وقالت شركة «إتش بي» إنها ربحت 75 سنتا على السهم بالمقارنة مع 67 سنتا في الفترة نفسها من العام الماضي. وارتفعت العوائد بنسبة 11 في المائة لتصل إلى 30.7 مليار دولار، بينما كان المحللون يتوقعون 30 مليار دولار. وفي توقعاتها بشأن الربع الرابع، قالت «إتش بي» إنها تتوقع أرباحا تصل إلى ما بين 1.03 دولار و1.05 دولار على السهم. وكان محللون قد توقعوا بأرباح معدلة تصل إلى 1.26 دولار على السهم. وتتوقع الشركة عوائد تبلغ 32.5 مليار دولار إلى 32.7 مليار دولار.

* خدمة «نيويورك تايمز»