السعودية: استبشار بمستقبل يقلص الاعتماد على نمو قطاع النفط والغاز

اقتصاديون لـ «الشرق الأوسط»: خفض البطالة 50% أبرز تحد يواجه الدولة بين 65 خطة تشغيلية في «خطة التنمية التاسعة»

قطاع الأعمال استبشر بمضامين الخطط التشغيلية في خطة التنمية التاسعة للسعودية، أبرزها خفض معدل البطالة إلى النصف (تصوير: يوسف الدبيسي)
TT

استبشر قطاع الاقتصاد والأعمال في السعودية بأهداف الخطة التنموية التاسعة المعلنة أول من أمس، وبلغت مخصصاتها 1.4 تريليون ريال (384 مليار دولار) حتى عام 2014، ويمثل هذا نموا قوامه 67 في المائة عن مخصصات الخطة السابقة، مركزين على نوايا الحكومة الجادة للنأي عن الاعتماد الكلي على قطاع النفط والغاز.

وكشفت لـ«الشرق الأوسط» ردود فعل القطاع الاقتصادي السعودية بأن أبرز تحد يواجه الدولة ضمن 65 خطة تشغيلية شملتها خطة التنمية التاسعة ما يتعلق بتقديرات تخفيض نسبة البطالة في الموارد البشرية السعودية 50 في المائة تقريبا من 10 في المائة إلى 5.5 في المائة تقريبا.

وأوضح عبد الرحمن بن علي الجريسي، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أن إقرار مجلس الوزراء يدعو إلى الثقة في قوة الاقتصاد الوطني وارتكازه على أسس وقواعد مكينة تمنح الكثير من التفاؤل في مستقبل قادر على تجاوز مختلف التحديات والمشكلات التي تجابه الاقتصاد العالمي.

ويرى الجريسي أن إقرار الخطة التاسعة يهدف إلى الإسراع بوتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والنهوض بمستويات المعيشة، والتغلب على كل العقبات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي وتلقي بظلالها على كل الاقتصادات الوطنية ومنها الاقتصاد السعودي.

ولفت رئيس غرفة الرياض إلى أن من أبرز ملامح الخطة التنموية مشاركة الأجيال القادمة في خير الثروة النفطية التي تكتنزها المملكة، مشيرا إلى أن تلك الاستجابة تجلت في تقليص الخطة لنسبة النمو المستهدفة في قطاع النفط والغاز إلى 19.6 في المائة، بدلا من نسبة 23.7 في المائة التي كانت تستهدفها الخطة السابقة. وركز الجريسي في كلمته إلى جانب قطاع خاص تركز الخطة على الدور الذي يضطلع به القطاع في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهو ما يجدد التزام الدولة بالاعتماد الأساسي على القطاع الخاص كلاعب رئيسي في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو دور نجح القطاع الخاص في النهوض به بكفاءة ومقدرة عالية.

وأكد أن القطاع الخاص الوطني يعتبر نفسه شريكا رئيسيا للقطاع الحكومي في تحقيق النهضة الاقتصادية في البلاد، مستشهدا بأهمية الدور الذي يضطلع به القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية بما استهدفته الخطة من تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 6.6 في المائة سنويا، وهو معدل كبير يثبت مقدرة القطاع الخاص السعودي على تعظيم دوره في خدمة الاقتصاد الوطني.

وتابع الجريسي أن نظرة إلى الأهداف الرئيسية التي تتبناها خطة التنمية التاسعة التي تتضمن 65 خطة تشغيلية لقطاعات التنمية تؤكد تطوير قدرات وطاقات القوى العاملة الوطنية لترتفع نسبتها من 47.9 في المائة من إجمالي العمالة في عام 2009 إلى 53.6 في المائة في نهاية سنوات الخطة، وخفض معدلات البطالة من 9.6 في المائة إلى 5.5 في المائة، فضلا عن اهتمام الخطة بالنهوض بالتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء والإسكان.

ولفت إلى أن الخطة التاسعة جددت التأكيد على مواصلة سياسة الإصلاح الاقتصادي، وهو ما يبعث الثقة في التمسك بطريق الإصلاح الاقتصادي، بكل ما يعنيه ذلك من إصلاح تشريعي وإداري ورقابي، وبما يصنع بيئة اقتصادية واستثمارية جذابة تمكن القطاعات الاقتصادية من العمل في مناخ صحيح وينعش أجواء الاستثمار أمام المستثمرين سواء كانوا مستثمرين محليين أو أجانب.

من ناحيته، أوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» الدكتور إحسان بوحليقة، خبير اقتصادي ورئيس مجلس إدارة عدد من الشركات الاستشارية والمالية، أن الخطة طموحة ليست في الإنفاق لأن مستواه يتماشى مع مستويات الإنفاق في السنوات الماضية بمتوسط لا يقل عن 300 مليار ريال سنويا، لكن التحدي الحقيقي هو فيما يخص السيطرة على البطالة، إذ إن الخطة أعلنت بصراحة نية خفضها من مستوياتها الحالية إلى 5.5 في المائة أي ما يعني النصف تقريبا.

ولفت بوحليقة إلى أن الإدارة والتفكير والسياسة المالية والاقتصادية، والسيطرة على الظواهر الاجتماعية والإقبال على الخدمات والأعمال ستمثل عنصرا مشاركا في عملية خفض البطالة وسط الإنفاق على تطوير الموارد البشرية، مشددا على أن الإنفاق المرتفع هو جانب إيجابي لكن لا بد أن يتوازى مع أهمية ما سيحققه من نتائج.

وقال بوحليقة: «هل نستطيع أن نجعل مواردنا البشرية أكثر قابلية للتوظيف وبالتالي يتراجع معدل البطالة وكذلك معدل الداخلين الجدد لسوق العمل بمستوى تعليم متصاعد»، رابطا هذا التحدي بمضامين الحركة الاقتصادية المحلية التي يرى أن أمامها معضلة لا بد أن يحلها وهي إدارة وتنمية الموارد البشرية وتحويلها إلى مصدر تنافسية للاقتصاد السعودي عوضا عن النفط.

وزاد بوحليقة: «رصد الأموال ضروري ولكن لا يكفي.. على المملكة الاستفادة من التجارب السابقة عبر إدارة الأسواق وتنظيمها وسوق العمل الذي يمثل الاقتصاد الحقيقي فهو بحاجة إلى مزيد من التنظيم والانضباط، نحن ملتزمون بإدارة (التدبير) لتلك الأموال التي توفرها الدولة، حيث لا بد أن تحقق الأهداف، خصوصا ما يتعلق بالموارد البشرية وتعزيز الاقتصاد الصناعي والمعرفي».

يذكر أن قطاع تنمية الموارد البشرية استأثر بالنصيب الأكبر للخطة التاسعة بنحو 50.6 في المائة من إجمالي المخصصات المعتمدة، بينما جاء قطاع التنمية الاجتماعية والصحة في المرتبة الثانية الذي حظي بنحو 19 في المائة من إجمالي المخصصات، بينما بلغت مخصصات كل من قطاع تنمية الموارد الاقتصادية، وقطاع النقل والاتصالات، وقطاع الخدمات البلدية والإسكان، نحو 15.7 في المائة و7.7 في المائة و7.0 في المائة على التوالي من إجمالي مخصصات الخطة.