الإسمنت في السعودية.. موعد جديد مع طفرة المشاريع التنموية

سجل الشهر الماضي حالة تراجع في الإنتاج مرشحة للاستمرار حتى سبتمبر المقبل

نشاط الإسمنت ما زال مستقرا في المملكة وسط تأكيدات المصانع بإبقاء المعروض أكبر من المطلوب (تصوير: خالد الخميس)
TT

ينتظر أن يكون قطاع صناعة الإسمنت أحد أبرز النشاطات الاقتصادية استفادة من حالة الازدهار التي يعيشها الاقتصاد السعودي، الذي أعلن فيه هذا الأسبوع عن خطة تنموية تبلغ قيمة الإنفاق فيها ما يفوق 1.4 تريليون ريال (384 مليار دولار)، تضمنت خططا تشغيلية ضخمة في مجال التشييد.

وواجهت مصانع الإسمنت في السعودية حاليا أول حالة انخفاض فعلية للإنتاج اعترفت بها الشركات المصنعة وكشفت عنها المعلومات الرسمية في بيانات نتائج الأعمال للنصف الأول من العام الجاري.

وبادرت وزارة التجارة والصناعة إلى الإفصاح رسميا عن تراجع حجم الإنتاج الفعلي لشركات الإسمنت المحلية في السعودية خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 4 في المائة إلى 18.8 مليون طن، مقارنة بنحو 19.6 مليون طن، في الفترة المقارنة من العام الماضي.

وأعاد عاملون في القطاع سبب تراجع الإنتاج خلال الشهر الماضي إلى عوامل عديدة كان بينها التوقيت الزمني الذي تفضل فيه بعض الإنشاءات التريث والهدوء في أعمال التشييد مع الحرارة الشديدة في المنطقة، مضيفين أن دخول شهر رمضان المبارك وانخفاض ساعات العمل تمثل عاملا مساعدا في التراجع. إلا أن العاملين أكدوا طمأنينتهم لحجم الاستهلاك المحلي مستقبلا، مشيرين إلى أن قطاع صناعة الإسمنت في المملكة سيعيش طفرة مبيعات خلال السنوات المقبلة مع تنامي حجم الإنشاء والتنمية في البلاد، وسط استعداد كامل لسد حاجة السوق من الإسمنت وإبقاء كمياته أكثر من المطلوب دوما.

وكان تقرير وزارة التجارة والصناعة لفت إلى أن مصانع الإسمنت نجحت في تسويق 22.7 مليون طن منتجة من الإسمنت خلال النصف الأول مقابل حجم الإنتاج خلال الفترة المماثلة من العام 2009، التي بلغت 19.2 مليون طن.

أكد الدكتور زامل المقرن المدير العام لشركة إسمنت الشرقية أن الإسمنت في المملكة من أكثر القطاعات تأثرا بنمو أو تراجع الاقتصاد المحلي، مفيدا أن خطط التنمية التي أعلنت عنها تحتوي على نشاط معماري حيوي من طرق وكبارٍ ومبانٍ مما ينبئ بمستقبل واعد لصالح شركات الإسمنت.

وأضاف المقرن أن ذلك يأتي إلى جانب حجم الأعمال الضخم للمشروعات والأبراج والمباني والمجمعات السكنية التي لا تزال تقدم طلباتها لدى الموزعين للشراء، مشددا على أن سوق الاستهلاك المحلية في المملكة يكشف عن احتياج كبير ولسنوات طويلة مما يعني بالضرورة بقاء نشاط صناعة الإسمنت موازيا لذلك الاحتياج لتوفير الكميات المطلوبة.

وقال المقرن في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مؤشر التراجع في الإنتاج مؤخرا لم تشعر به المصانع المحلية بل يكاد يكون غير مدرك لديهم لأن الطلب على الإسمنت لا يزال قويا في كافة مناطق المملكة متأثرا بجملة المحفزات الاقتصادية.

وأضاف مدير عام شركة إسمنت الشرقية أن الإسمنت يعد مادة ذات طلب عال في الأسواق الناشئة، والمملكة لا تزال تمضي في مشروعات التطوير والتنمية إضافة إلى وجود الطلب العالي من الأفراد، مؤكدا أن القطاع حيوي جدا لأنه يقوم بإنتاج وتسويق مادة إنتاجية مهمة في التشييد والإنشاء.

وتأتي هذه الرؤية من الخبير في قطاع الإسمنت، مع ما ذكرته خطة التنمية التاسعة التي أفصح عنها وزير الاقتصاد والتخطيط وسط الأسبوع الحالي، حيث تشمل افتتاح وتشغيل 117 مستشفى، وزيادة الطاقة الفعلية السنوية لمحطات تحلية المياه المالحة إلى نحو 2070 مليون متر مكعب، وتنفيذ 12 ألف كيلومتر من شبكات الصرف الصحي، وإنشاء مليون وحدة سكنية بواسطة القطاعين العام والخاص لمواكبة 80 في المائة من حجم الطلب المتوقع على الإسكان، وتوفير 266 مليون متر مربع من الأراضي لإقامة المشروعات السكنية المتوقع تنفيذها خلال مدة الخطة.

ويعود المقرن إلى ذكر أسباب الانخفاض الطفيف في إنتاج الإسمنت إلى تأثير الطاقات الإنتاجية الجديدة التي دخلت للسوق مؤخرا المتزامن مع عامل التوقيت، مضيفا أن بعض المصانع اتجهت مؤخرا ونتيجة لتراجع الطلب المحلي إلى خفض الإنتاج أو تخفيف الإنتاج خلال هذه المرحلة.

بل واعترف المقرن بأن هناك مصانع توجهت لإقفال تام لبعض خطوط الإنتاج لا سيما الإضافية لديها، مشيرا إلى أن الموسم سيستمر في ركوده الطفيف نتيجة دخول الصيف وارتفاع درجات الحرارة لمستويات عالية وتزامنه مع شهر رمضان المبارك من يوليو (تموز) وحتى أواسط سبتمبر (أيلول) المقبل.

وعاد المقرن إلى استرجاع تاريخ نمو الطلب، حيث أكد أن الإنتاج السنوي كان لا يتجاوز 20 مليون طن خلال أقل من 5 سنوات ماضية بينما حاليا بات الاستهلاك السنوي أكثر من الضعف، مشددا في الوقت ذاته على أن الإسمنت سيكون متوفرا باستمرار حيث لا توجد لديه ضغوطات فنية كالحديد مع توفر المواد الخام ورأس المال والخبرة، إضافة إلى سهولة إنشاء مصنع في أي مكان من البلاد، بينما في الحديد تحتاج إلى طاقة كهربائية ومواد خام واستثمارات كبيرة.

ويرى المقرن أن المصانع والشركات ستعمل خلال الفترة الحالية على تعزيز الطلب ورفع الخطط التسويقية للبدء بقوة بعد الفترة الحالية، مؤكدا أن الطاقة الإنتاجية لمصانع الإسمنت السعودية ستبقى أكثر بكثير من أي زيادات متوقعة في أعمال الإنشاء والبناء المرتقبة.

إلى ذلك، طمأن تقرير صادر عن وزارة التجارة والصناعة بداية الأسبوع الحالي أن الأسواق المحلية تشهد استقرارا في أسعار الإسمنت حيث يبلغ متوسط سعر الكيس 14 ريالا (3.7 دولار) وبلغ أعلى متوسط لسعر كيس الإسمنت 16 ريالا في معظم مدن ومحافظات المملكة، بينما بلغ أدنى متوسط سعر للكيس 12 ريالا، لافتا إلى أن حجم الإنتاج من شركات الإسمنت خلال النصف الأول من 2010 بلغ 22.7 مليون طن من الإسمنت و18.8 مليون طن من الكلنكر، وبلغ إجمالي مبيعات شركات الإسمنت 22.1 مليون طن وحجم المخزون نهاية النصف الأول لهذا العام 2010 بلغ 600 ألف طن من الإسمنت و7.9 مليون طن من الكلنكر.

وقد بلغ حجم مبيعات شركات الإسمنت المحلية من الإسمنت في السوق المحلية خلال النصف الأول من العام الحالي 22.1 مليون طن بزيادة عن حجم مبيعاتها خلال الفترة المماثلة من عام 2009م بنسبة 17.1 في المائة حيث كان حجم المبيعات خلال النصف الأول من العام الماضي 18.9 مليون طن. وكانت شركة «إسمنت السعودية» قد حققت أعلى نسبة مبيعات في السوق المحلي بين شركات الإسمنت المحلية بحجم مبيعات بلغت 22.1 مليون طن وبنسبة 14.8 في المائة وبزيادة عن حجم مبيعاتها خلال الفترة المماثلة لعام 2009 بنسبة 31.4 في المائة.

وبلغ حجم صادرات شركات الإسمنت المحلية من الإسمنت خلال النصف الأول من العام الحالي 678 ألف طن بزيادة عن حجم الصادرات خلال الفترة المماثلة من العام الماضي بنسبة 37.2 في المائة حيث كان حجم صادرات شركات الإسمنت خلال النصف الأول من العام الماضي 494 ألف طن.

وأظهرت بيانات وزارة التجارة أن حجم المخزون من الإسمنت لدى شركات الإسمنت المحلية بنهاية النصف الأول من العام الحالي بلغ 597 ألف طن بزيادة عن حجم المخزون بنهاية الفترة المماثلة من العام الماضي قدرها 4 آلاف طن، حيث كان حجم المخزون نهاية النصف الأول لعام 2009م 593 ألف طن وحققت شركة «إسمنت السعودية» أعلى مخزون بين شركات الإسمنت المحلية حيث بلغ حجم مخزونها من الإسمنت 212 ألف طن بنسبة 35.5 في المائة بين مخزون شركات الإسمنت الأخرى.

كما بلغ حجم المخزون لدى شركات الإسمنت المحلية من الكلنكر بنهاية الفترة 7.9 مليون طن بانخفاض عن الفترة المماثلة من العام الماضي بنسبة 12.2 في المائة، حيث كان حجم المخزون بنهاية النصف الأول لعام 2009 9.05 مليون طن وقد حققت شركة «إسمنت السعودية» أعلى مخزون من الكلنكر بين شركات الإسمنت المحلية وبلغ حجم مخزونها من الكلنكر 2.02 مليون طن وبنسبة 25.5 في المائة بين مخزون شركات الإسمنت الأخرى.

ووفقا للتقرير، يبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية التصميمية لكل شركات الإسمنت في السعودية خلال العام الجاري 2010 بحدود 53 مليون طن، مقارنة بعام 2009 الذي بلغ فيه إجمالي حجم الإنتاج من الإسمنت 37.8 مليون طن، فيما بلغ حجم إنتاج الكلنكر 38.8 مليون طن، بينما تتوقع دراسة مسحية على السوق ارتفاع نمو القدرة الإنتاجية إلى 60 مليون طن بحلول عام 2015.

وكانت السعودية رخصت لعدد من المصانع كان آخرها شركة إسمنت الجوف التي سمح لها بالتصدير الخارجي، كما تم إدراج أسهمها للاكتتاب العام خلال الشهر الماضي، وتم إدراج سهمها في السوق المالية المحلية أمس الأربعاء.

وهنا، يشير الدكتور فهد الهبدان الرئيس التنفيذي لشركة «إسمنت الجوف» إلى أن سوق الإسمنت السعودية تعتبر واحدة من الأسواق القوية عالميا مدعومة باستمرار الدعم الحكومي لمشروعات البنية التحتية الكبيرة في المملكة، حيث ينتظر مستقبلا كبيرا صناعة الإسمنت السعودية، في الوقت الذي تشير إليه التقارير أن دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية أثبتت مدى احتياجات المنطقة لمشروعات تنموية وصناعية وسياحية تنعش اقتصادياتها. وأشار الهبدان إلى أن الاستثمار في الإسمنت هو استثمار في البنى التحتية، في الوقت الذي يعتبر الاستثمار في الإسمنت هو استثمار للمجتمع، كما أنه استثمار في المستقبل، حيث إن قطاع البناء والتشييد يمثل نحو 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة، وهو المحرك الرئيسي لنمو صناعة الإسمنت.

وتوقع الهبدان أن القطاع العقاري السعودي سيستمر في تحقيق معدلات نمو سنوية تصل إلى 7 في المائة حتى عام 2013، الأمر الذي يستلزم معه زيادة كبيرة في حجم الطلب على الإسمنت، وهو ما يجري حاليا لتحقيق زيادة كبيرة في الطاقة الإنتاجية لصناعة الإسمنت تواكب حركة الاستثمار الهائل في البنية التحتية التي تشهدها المملكة.

وكانت خطط الحكومة السعودية تشير إلى حركة استثمار العوائد داخل المملكة في البنى التحتية وقطاع النفط والطاقة ومشروعات الخدمات الأساسية بهدف تعزيز الطاقة الاستيعابية، خلال السنوات الخمس القادمة.

وهنا يلفت الدكتور الهبدان إلى أن أي تقلبات في أسعار النفط سيكون لها تأثير مباشر على اقتصاد المملكة، وبالطبع سوف تظهر تلك الآثار على جميع القطاعات بما في ذلك قطاع البناء، والذي تعمل شركات الإسمنت في إطاره، ولكن الرئيس التنفيذي لشركة الإسمنت استدرك وأكد أن التوقعات تشير إلى أن القطاع النفطي سيستمر في مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، بشكل كبير رغم نجاح الحكومة في سياسات التنويع واستمرارها في ذلك.

ولفت إلى أن قطاع صناعة الإسمنت في السعودية من القطاعات الصناعية المتطورة، وتعتبر السعودية أكبر منتج ومستهلك للإسمنت على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن وجود رواسب هائلة من الحجر الجيري في البلاد وانخفاض تكلفة الوقود اللازم للأفران الضخمة لشركات الإسمنت، يجعلها بلدا مثاليا لإنتاج الإسمنت، وبفضل هذه المزايا شهدت صناعة الإسمنت في المملكة منذ عام 1959 وحتى الآن تطورا كبيرا من حيث الجودة وحجم الإنتاج.

وتعد المملكة أكبر منتج ومستهلك للإسمنت على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ويعتبر قطاع البناء والتشييد، الذي يمثل نحو 9 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة هو المحرك الرئيسي لنمو صناعة الإسمنت.

وقال الهبدان إن المملكة حققت أيضا الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الإسمنت منذ عام 1989، ثم دخلت مرحلة التصدير بدءا من عام 1990، كما شهد إنتاج الإسمنت طفرة كبيرة وارتفاعا مفاجئا في كميات الإنتاج نظرا لتوفر طاقات إنتاجية جديدة قابلها ارتفاع كبير في حجم الطلب على المخزون من الإسمنت بسبب التوجه الكبير للاستثمار في أنشطة البناء السكنية وغير السكنية.

* محطات

* الإنفاق الحكومي ومشاريع البنى التحتية الكبرى في السعودية تدعم توقعات نمو القطاع بنسبة 19 في المائة خلال العام الحالي، إلى 44 مليون طن.

* يظل المعروض من الإسمنت أعلى من الطلب، ويتنامى هذا التخوف في ظل الحظر المشروط على الإسمنت.

* شركات الإسمنت القائمة في المملكة تتمتع بأحد أعلى هوامش الربحية في العالم بسبب انخفاض تكاليف اللقيم.

* تواجه الشركات الحالية منافسة متزايدة، حيث يتوقع منها أن تودي إلى انخفاض الهوامش لشركات الإسمنت، ويتوقع أن تنخفض إلى 48 في المائة في 2015 من 54 في المائة في 2009، بحسب دراسة بنكية.

* 12 شركة عاملة في السعودية تقدر طاقتها الإنتاجية بنحو 48 مليون طن.

* كان عام 2009 عاما صعبا بالنسبة لقطاع الإسمنت في السعودية، حيث عانت الإيرادات من فرط الطاقة الإنتاجية وما تلاها من ضغوط على الأسعار، حيث انخفضت إيرادات الشركات الثماني المدرجة بنسبة 0.9 في المائة في 2009 لتصل إلى 7.5 مليار ريال مقابل 7.6 مليار ريال في 2008.

* تتوقع الدراسات أن تستمر الطاقة الإنتاجية في النمو لتصل إلى 60 مليون بحلول 2015 مقابل طلب بحجم قدره 58 مليون طن.

* مستويات المخزون الحالية تسجل أرقاما قياسية مع وجود ما يكفي من الكلنكر في القطاع لتغطية مبيعات الإسمنت على مدى ثلاثة أشهر بحسب دراسة شركة «الأهلي كابيتال».

* حظر التصدير الجزئي وزيادة الطلب يشكلان معوقين من معوقات أداء قطاع الإسمنت في البلاد.

حققت شركة «إسمنت السعودية» أعلى إنتاج بين شركات الإسمنت المحلية، حيث بلغ حجم إنتاجها من الإسمنت 3.7 مليون طن بنسبة زيادة في الإنتاج 16.3 في المائة، وبزيادة عن حجم إنتاجها خلال الفترة المماثلة لعام 2009 بنسبة 27.6 في المائة.