«فزع» وعمليات بيع واسعة النطاق للأسهم في «وول ستريت»

أنباء اقتصادية سيئة من 3 قارات عززت المخاوف من تعثر الانتعاش العالمي

جانب من التداولات في وول ستريت («الشرق الأوسط»)
TT

تسببت عمليات بيع واسعة النطاق للأسهم في وول ستريت في انخفاض أسعار الأسهم، أول من أمس، الأربعاء بعدما عززت أنباء اقتصادية سيئة، على نحو غير متوقع، قادمة من ثلاث قارات المخاوف بأن الانتعاش الاقتصادي العالمي يتعثر.

في الولايات المتحدة، ذكرت وزارة التجارة أن العجز التجاري زاد بواقع 18.8 في المائة ليصل إلى 49.9 مليار دولار، وهو رقم كبير للغاية، جعل الخبراء الاقتصاديين يهرولون لمراجعة توقعاتهم بشأن النمو خلال الربع الحالي، ويتوقعون أن معدل البطالة قد يرتفع في وقت لاحق العام الحالي.

وفي الصين، التي كان الكثيرون يأملون أنها ستساعد على إنقاذ الجميع بإنفاقها، أصدر مكتب الإحصاءات الحكومية بيانات تظهر أن الاقتصاد الصيني بدأ يفتر بصورة سريعة. وفي بريطانيا، التي كانت نقطة مضيئة للاقتصاد العالمي خلال الأسابيع الأخيرة، حذر المصرف المركزي من «انتعاش متقطع» وخفض من تقديراته بشأن النمو.

وتسبب هذا الوابل من البيانات الحكومية المثيرة للقلق في انخفاض مؤشر «داو جونز» الصناعي (مؤشر أكبر 30 شركة صناعية في بورصة نيويورك) بواقع 265 نقطة أو 2.5 في المائة، مقارنة باليوم السابق، وهو أسوأ انخفاض يومي خلال أكثر من شهر. وانخفضت أسهم جميع الشركات الـ30 في المؤشر. وانخفض مؤشر أسهم ستاندارد آند بورز 500، وهو المقياس الأوسع نطاقا، بواقع 2.8 في المائة، وانخفض مؤشر «ناسداك» المركب، الذي يرصد أداء شركات التكنولوجيا، بواقع 3 في المائة.

وجاء هذا الانخفاض الحاد في الأسواق الأميركية عقب انخفاضات في أوروبا، حيث انخفضت مؤشرات الأسهم الرئيسية بنسب تتراوح بين 2.1 في المائة و2.7 في المائة، وفي آسيا، التي انخفض فيها مؤشر «نيكي» في اليابان بواقع 2.7 في المائة.

ولم تكن أسواق السندات والسلع والعملات أقل تقلبا، حيث تسبب المستثمرون في انخفاض العائدات على سندات الخزانة الأميركية، التي تصل مدتها إلى 10 سنوات في أدنى مستوى لها خلال عام. وباعوا النفط والقصدير والنحاس. ودفعوا الدولار لأكبر انخفاض له في 15 عاما أمام الين.

كما تفاعل المستثمرون مع التغير المفاجئ والكامل في نهج مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يوم الثلاثاء في محاولة منه لتقليص الجهود الصارمة من أجل تعزيز الاقتصاد. وقد أعلن المصرف أنه سيستخدم الأموال من السندات المدعومة بقروض رهن عقاري لشراء سندات الحكومة. ويأمل المصرف المركزي أن يساعد ذلك على خفض أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري وغيرها من القروض، وهو ما قد يزيد الإقراض ويشجع النمو.

في حين أن الحقيقة التي تقول إن مصرف الاحتياطي الفيدرالي قد يكون مستعدا لاتخاذ خطوات أكثر جرأة إذا ما تعرض الاقتصاد لمزيد من الضعف من الممكن أن تظهر وكأنها إيجابية، فإن المستثمرين نظروا إليها على أنها علامة على أن ثقته في الانتعاش تضاءلت.

وقالت ليندا دويسيل، خبيرة استراتيجية في سوق الأسهم في شركة «فيديريتد إنفستورز» في بيتسبورغ، «لم يقل مصرف الاحتياطي الفيدرالي لنا أي شيء ليخفف مخاوفنا بشأن الركود المزدوج».

وأشار بيتر بوكفار، الخبير في الأسهم بشركة «ميلر تاباك»، إلى أن «وول ستريت» تشعر بالذعر عندما يفعل مصرف الاحتياطي الفيدرالي شيئا، ثم تشعر بالفزع لأن المصرف يتعين عليه القيام بشيء.

وأعلنت إدارة أوباما، يوم الأربعاء، مزيدا من المساعدات لأصحاب المنازل المتعثرين وتوقيع مشروع قانون، قال البيت الأبيض إنه سيساعد على خلق وظائف جديدة وتعزيز التصنيع كمحرك أساسي للانتعاش الاقتصادي، لكن هذه الخطوات لم تفعل شيئا لإيقاف عمليات بيع الأسهم.

وأعلنت الإدارة أنها ستخصص 3 مليارات دولار إضافية لأصحاب المنازل المتعثرين، الذين يواجهون حبس الرهن، بواقع ملياري دولار للولايات الأكثر تأثرا، ومليار دولار من وزارة الإسكان والتنمية العمرانية لأصحاب المنازل لسداد القروض المعبرية الطارئة التي تبلغ 50 ألف دولار.

وقالت وزارة التجارة إن العجز التجاري زاد أكثر مما توقع المحللون في شهر يونيو (حزيران) بعدما ساعد الدولار الأكثر قوة الأفراد في الولايات المتحدة على شراء صادرات أرخص من دول مثل الصين. واتسعت هذه الفجوة إلى 49.9 مليار دولار في شهر يونيو، مقابل 42 مليار دولار في شهر مايو (أيار). وكان الخبراء الاقتصاديون يتوقعون عجزا أصغر بعد الانخفاض الأخير في أسعار النفط.

وارتفعت الصادرات إلى 200.3 مليار دولار في شهر يونيو، مقابل 194.4 مليار دولار في شهر مايو، حيث قام المتسوقون في الولايات المتحدة بشراء مزيد من المنتجات الاستهلاكية، وقطع غيار السيارات وغيرها من السلع من خارج البلاد. وعلى الجانب الآخر، انخفضت الصادرات إلى 150.5 مليار دولار، مقابل 152.4 مليار دولار. وبذلت الشركات الأميركية مجهودا كبيرا لبيع منتجات مثل المنتجات الصناعية والأغذية والسلع الاستهلاكية للمستهلكين في الدول الأجنبية.

وتوقعت شركة «إي إف آر ماركتس» تحسنا معتدلا في العجز التجاري ليصل إلى 41.25 مليار دولار. وفي تقرير يوم الأربعاء، أشارت الشركة، وهي شركة متخصصة في الأبحاث، إلى الرقم القياسي لصادرات الصين في شهر يونيو، لكنها أضافت أن القوة المتواصلة للدولار في أعقاب مشكلات منطقة اليورو دفعت أسعار النفط للانخفاض. وقفز العجز التجاري في شهر مايو (أيار)، على نحو غير متوقع، من 40.32 مليار دولار إلى 42.27 مليار دولار.

وتشير البيانات الاقتصادية الصادرة خلال الأشهر الأخيرة بشأن الناتج المحلي الإجمالي الأميركي والبطالة والإسكان إلى انتعاش متباطئ. بيد أن الخبراء الاقتصاديين لا يتفقون على ما إذا كان ذلك يعني أننا نواجه خطر الاتجاه إلى ركود أكبر.

وزاد الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر مقياس للنشاط الاقتصادي، بمعدل سنوي بلغ 2.4 في المائة، خلال الربع الثاني من العام الحالي، منخفضا من 3.7 في المائة عند بداية العام الحالي. وأشار تقرير الوظائف في شهر يوليو (تموز) إلى أن 181 ألف عامل تركوا القوة العاملة، ما جعل معدل البطالة ثابتا عند 9.5 في المائة.

وقال إن التراجعات المجدية هي فرص الشراء، وتشهد السوق بين منتصف أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) في الغالب تحولات أكبر من المعتاد، لأن الناس يكونون في عطلات. ولم يكن إعلان مصرف الاحتياطي الفيدرالي سوى سبب للتجار للبيع، بعدما حققوا أرباحا معقولة خلال الأسابيع الأخيرة.

* شارك في هذا التقرير فرانك آهرينز.

* خدمة «واشنطن بوست»