مدير عام الشركة العامة لتسويق الأدوية في العراق: العراقيل مسؤولة عن نقص الدواء في المستشفيات

ميزانيتها 1.3 مليار دولار

TT

تبقى مشكلة الدواء في العراق من أكبر المشكلات تعقيدا، فحتى الآن لم تتمكن الأجهزة الأمنية من ضبط حركة تهريب الأدوية عبر الحدود أو منع دخولها بشكل طبيعي عبر المنافذ أو كشف معامل غير رسمية لإنتاج علاجات مغشوشة بماركات عالمية، ولا حتى السيطرة على سرقة أدوية المؤسسات الحكومية، وبيعها على الأرصفة، تحت ما يسمى بـ«صيدليات الأرصفة»، أما مهنة الصيادلة فأصبحت تجارة مربحة، فهناك عمليات تأجير لشهادات ممارسة المهنة وعمليات متاجرة بأدوية مهربة، وليس مستغربا أن تجد من يعطيك دواءك في الصيدلية إنسانا لا يحمل الشهادة الابتدائية، وهنا إمكانية الخطأ واردة بنسبة 90 في المائة.

جميع هذه التساؤلات وضعتها «الشرق الأوسط» أمام أنظار مدير عام الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية (كيماديا) الدكتور ستار جبار الساعدي، الذي أكد وجود صيدليات وهمية يعمل بها أناس غير مجازين، ولكن ليس من واجب الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية متابعة الصيدليات الأهلية، فواجبنا استيراد وتخزين وتوزيع الأدوية على القطاعات الحكومية حصرا، لكن هناك فرقا تابعة للمفتشية العامة تتابعها، وألقت القبض على الكثير من هذه الشرائح، أي أن صيدلانيا يقوم بتأجير شهادته، وهذا يؤذي المريض وهنا ستغلق الصيدلية وستتم مصادرة الإجازة ومنع ممارسة المهنة، مشيرا إلى أن القطاع الحكومي كان يجهز قبل عام 2003 القطاع الخاص، أما الآن فعملنا فقط مع القطاع الحكومي وأعطيت إجازة للقطاع الخاص باستيراد الأدوية ومهمتنا هنا ستكون فحص الأدوية والسماح لها.

وبشأن ميزانية شركة «كيماديا» قال: «إنها جيدة وتتجاوز المليار و350 مليون دولار أميركي، والسنة الماضية صرفنا كامل الميزانية عبر تجهيز المستشفيات بأجهزة طبية، وهذه السنة صرفنا حتى الآن 60 في المائة من الميزانية، وجميع العقود هي قيد الإنجاز، وبخاصة شراء أدوية السرطان من منشآت فرنسية وأوروبية وبريطانية».

وقال إن «هناك شروطا تراعى حين الاستيراد، وهي شهادة منشأ وبعدها يخضع الدواء للاختبار وبعد التأكد من نجاحه يصرف، لكن في القطاع الخاص هناك الإجراءات ذاتها لكن ليست بالشدة ذاتها، وهنا تحدث خروقات بشأن دخول أدوية مغشوشة».

وبشأن وجود سرقات كبرى تحدث داخل مخازن الشركة وقد يصل الأمر إلى حرقها ولعدة مرات، قال الساعدي: «قد يكون هذا الكلام مجحفا بحق الشركة، فلا يوجد هكذا نوع من الفساد الإداري والمالي، وإذا تحدثنا بالأرقام، فإذا عمل القطاع الخاص مثلا بمليون دولار وقام باستيراد أدوية تحدث معه مشكلات، فنحن نتعامل بمليار ونصف المليار دولار بـ855 دواء وآلاف الأصناف الدوائية من المستلزمات، ونبرم عقودا مع مختلف الشركات، هذا العمل الكبير لا يخلو من فساد هنا وهناك، لكن موضوع الحرق لم يحدث لإخفاء شيء، وقد حدث وحرق مخزن إثر قذائف هاون ولكنه ليس متعمدا، حاليا هناك إجراءات مشددة حول موضوع الحرائق وغيرها ونعمل على تفعيل نمط أجهزة ضد الحرائق لأن مقدار المخزون بملايين الدولارات ويجب أن نتحوط لحمايتها. وعن نقص الأدوية في المستشفيات قال الساعدي: «نعم هناك مشكلات لأن النظام البيروقراطي أثر على عملنا، فلا يوجد لدينا قانون لاستيراد الدواء وهو روتين قاتل ويطول لأشهر، وهذا ما يؤثر على تجهيز الأدوية للمستشفيات، وكل الدول لديها قوانين عقود على الأدوية، وقد يستغني المواطن عن أثاثه، لكنه لا يستطيع الاستغناء عن دواء، لأنه سيموت، وأنا غير راض عن هذه الآلية وأعترف بوجود تقصير في التجهيز».

وبشأن إمكانية شمول الدواء بجدول تخفيض الدعم الحكومي الذي بدأ مع أسعار المشتقات النفطية ليشمل الحصة التموينية وغيرها، قال الساعدي: «إن الدواء غير مشمول نهائيا بهذا الجدول كونه مكفولا بالدستور والدولة ملزمة بتوزيعه مجانا، ولن ينتهي الدعم الحكومي، مؤكدا أن حاجة العراق للدواء تكفيها هذه الميزانية لكن العراقيل كثيرة ولو تركوني أستورد بكامل الميزانية أي مليار ونصف المليار، لكان الأمر جيدا، لكن ميزانية كبيرة وعراقيل كثيرة ترهقنا، والوزارة أعطت أيضا الحق لمديري المستشفيات بشراء دواء بخمسين مليون دينار كل شهر، وهمنا تأمين الأدوية المنقذة وبخاصة أدوية السرطان التي يصل سعر القطعة الواحدة إلى 1600 دولار، وهنا حددنا ضوابط تعاطيها والمهم هو وعي المواطن الذي يجب عليه منع تهريبه، وأي دواء يأتي إذا تبين أنه منتهي الصلاحية يتم استبداله».

ومن ناحية الاستثمار قال: «إننا بدأنا نستفيد من عقود ضخمة جدا وقعت مع شركات عربية وأجنبية بهدف إنشاء مشاريع استثمار مثل مختبرات أو مراكز تعليم ومعامل مغذيات، وإقامة معارض ومدن طبية، وأدخلنا رئيس استثمار بغداد ضمن هيئة إدارة شركة (كيماديا)، وفي الصناعات الدوائية للأسف بدأنا كبارا جدا عبر شركة (سامراء) لكن انتهينا بهذا الحجم الصغير في مجال صناعة الدواء بسبب الحروب والظروف التي مررنا بها، لكن الآن نمر بمراحل مختلفة وهناك نهضة في مجال صناعة الدواء».