تأكيدات حكومية في السعودية حول توقعات بانخفاض أسعار الحديد في الأسواق المحلية

مصادر وعاملون يستبعدون لـ «الشرق الأوسط» تأثير ارتفاع «لفات الحديد» ويتنبأون بانعكاس الانخفاض قريبا

اهتمام حكومي في السعودية باستقرار وضع الحديد.. والتجارة والصناعة تنتهج سياسات لخفض أسعاره في أسواق المملكة (تصوير: خالد الخميس)
TT

تباينت الآراء في السعودية حيال واقع ومستقبل أسعار الحديد المباع في الأسواق المحلية، إذ حملت أنباء ارتفاعا متوقعا ستشهده سلعة الحديد مع ارتفاع مواد الخام، بينها «لفات الحديد» فيما بادرت جهات حكومية بالتأكيد على استقرار الأسعار وتسجيلها تراجعا خلال الفترة المقبلة.

أمام ذلك، كشفت مصادر عاملة في بيع وتسويق الحديد لـ«الشرق الأوسط» عن أن الأسعار لا تزال على مستوياتها المسجلة سابقا، ولم تسجل الأسواق ارتفاعا فعليا في قيمة المبيعات حتى أمس، لكنها توقعت أن تسهم تحركات الحكومة إلى تخفيض سعر الحديد قريبا.

وكشفت مصادر عاملة في تسويق منتجات الحديد لـ«الشرق الأوسط» عن أن تراجع أسعار حديد الصلب لم يظهر بعد في المنتجات حتى أمس، مشيرة إلى أن الموزعين والمسوقين لا يزالون يبيعون سلع الحديد المسلح وفقا للأسعار القديمة.

ولفتت المصادر إلى أن تحركات وزارة التجارة والصناعة العملية ستدعم تراجع الأسعار بشكل فعلي في الأسواق، لكنها أكدت في الوقت ذاته، استقرار الأسعار في مستوياته السابقة حتى مبيعات أمس، متوقعة أن تبدأ انعكاسات التحركات الجديدة الأسبوع المقبل.

من ناحيته، قال فوزان الفوزان مدير عام «حديد الفوزان» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن المصانع المحلية لم تخفض أسعارها حتى أمس، وفقا لآخر الطلبيات التي تلقتها شركات ومؤسسات التوزيع»، موضحا أن «التكلفة لا تزال في مستوياتها السابقة التي تختلف بحسب تكلفة النقل من منطقة إلى منطقة».

وأضاف الفوزان أن «الأسعار باتت في متناول المتابعة والمراقبة لدى الجهات والأفراد مع وجود مؤشرات الأسعار ووضوحها لدى جميع المستهلكين بتفاصيل المناطق التي تتوجه إليها الشحنات في كل بقاع المملكة».

ولفت الفوزان إلى أن «المصانع المحلية ربما تكون بالفعل قد بدأت تسجل تراجعا في أسعار الطن لديها، لكنها لم تبدأ في عملية الاختراق الفعلي داخل الأسواق حتى الانتهاء من طلبيات سابقة في المخزون قبل أن تبدأ الشحنات الجديدة، بيد أن ذلك غير ملموس حتى اللحظة على صعيد انخفاض أسعار حديد التسليح كما كان قد ذكر».

وأبان الفوزان بأن «المصانع المحلية تقوم بتوفير كل احتياجات السوق الآنية»، معترفا بأن السوق تتعرض أحيانا إلى نقص طفيف، إلا أنه يتم تعويضه وتغطيته سريعا سواء من خلال الإنتاج المحلي للحديد أو عبر المستورد.

وتمثل تركيا وأوكرانيا الوجهات الكبرى لاستهلاك الحديد منها من قبل شركات التوريد المحلية لسلعة حديد التسليح، إذ تنافس على صعيد السعر والجودة المنتجات المصنعة داخل المملكة.

وكانت أنباء متواردة، أمس، في السعودية كشفت عن ارتفاع أسعار «لفات الحديد» التي تنتجها المصانع المحلية في المملكة بكميات تقدر بنحو 1.1 مليون طن سنويا، تشكل 80 في المائة من حاجة السوق المحلية.

وجاءت التوقعات بتأثيراتها المباشرة والسريعة على أسعار حديد التسليح التي يكثر الطلب عليها فيما تقوم الشركات المحلية بتزويد المصانع الأخرى بهذه النوعية بغرض تحويلها إلى منتجات نهائية للمستهلك مثل الأسلاك وحديد التسليح.

وهنا يؤكد فوزان الفوزان لـ«الشرق الأوسط» أن لفات الحديد غير مؤثرة على أسعار حديد التسليح، وهو أساس الاستهلاك الفردي وعلى مستوى الإنشاءات، مشيرا إلى أن لفات الحديد التي ارتفعت أسعارها في الأسواق المحلية بحسب الأخبار الأخيرة، لها استخدامات أخرى دائما ما تستخدم كـ«صاجات» لعمل مسطحات الصلب في المعامل والمصانع والأماكن والمستودعات، كما أن لها صناعات أخرى.

ولكن الأنباء الواردة حول «لفات الحديد» ذكرت أن مقاسات من 8 إلى 12 ملم، ارتفعت من 2425 ريالا لتصل إلى 2575 ريالا للطن، وذلك بعد زيادة السعر بنحو 150 ريالا للطن، فيما وصلت أسعار المقاسات 6 و7 ملم إلى 2625 ريالا للطن مقابل 2475 ريالا قبل الزيادة الأخيرة.

أمام ذلك، أعلنت وزارة التجارة والصناعة السعودية، أمس، على موقعها الرسمي أن الأسعار الجديدة للحديد المستورد، سجلت انخفاضا وخاصة الحديد القطري بمقدار 370 ريالا، والصيني 100 ريال، والتركي 50 ريالا، ليصبح سعر الحديد القطري والتركي 2850 ريالا، والصيني 2800 ريال، في حين ظلت أسعار الحديد المحلي من شركة «سابك - حديد» و«الراجحي» و«الاتفاق» ثابتة عند 2900 ريال، وحديد اليمامة عند 2965 ريالا.

وأوضح صالح الخليل، الوكيل المساعد لشؤون المستهلك في وزارة التجارة والصناعة، أن التخفيض الجديد للحديد المستورد سيتم تطبيقه في الأسواق المحلية اعتبارا من أمس، لافتا إلى أن هذا التخفيض جاء نتيجة لجهود الوزارة، والتي استجابت لها «الشركة السعودية للمواد الإنشائية» باعتبارها أهم الموردين الرئيسيين لحديد التسليح المستورد.

يذكر أن «الشركة السعودية للمواد الإنشائية» استجابت بداية يونيو (حزيران) الماضي لمطالب الوزارة بتخفيض أسعار الحديد المستورد في السوق المحلية، بعد انخفاض أسعاره في السوق العالمية، وخفضت أسعار الحديد المستورد بنحو 385 ريالا. وكانت أسعار الحديد قد شهدت ارتفاعات كبيرة بداية العام الحالي مما أدى بوزارة التجارة إلى إصدار قرار يقضي بإلزام كل الشركات والموزعين للحديد بالأسعار المحددة والمعلنة على موقعها الرسمي.

وجاء في بيان وزارة التجارة والصناعة، أمس، أنه في ظل متابعتها لأوضاع حديد التسليح في الأسواق العالمية والأسواق المحلية، واستجابت «شركة المجموعة السعودية للمواد الإنشائية» وهي من كبار مستوردي حديد التسليح وتملك 80 فرعا في كل مناطق المملكة لطلب الوزارة بتخفيض أسعار بيعها في السوق المحلية للحديد القطري بمقدار 370 ريالا للطن، والحديد الصيني بمقدار 100 ريال للطن، والحديد التركي بمقدار 50 ريالا للطن، وذلك اعتبارا من أمس (الأربعاء)، حيث نشرت الوزارة الأسعار بعد التخفيض على موقعها الإلكتروني.

وبحسب بيان الوزارة، فقد ساهم التخفيض في أن تكون أسعار الحديد المستورد أقل من أسعار الحديد المصنع محليا، مما سيؤدي إلى خلق منافسة في السوق المحلية ستكون في صالح المستهلك.

وأشادت الوزارة بحرص الدولة في كل ما من شأنه مصلحة المستهلك، مؤكدة المتابعة المستمرة والدعم الذي تلقاه من النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، والحرص على استقرار الأسعار، لافتة في هذا الصدد إلى أن التوجيهات ستدعم خطواتها نحو بذل أقصى الجهد في متابعة الأسواق بما يحقق التطلعات.

وتتزامن هذه التطورات مع ما اعتمدته السعودية خلال الأسبوع الحالي من 7 قرارات عقابية بحق مخالفين لأحكام قرار إخضاع سلعة حديد التسليح بكل مقاساتها لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، سعيا منها إلى ضبط التلاعب والاحتكار التجاري في السلع الأساسية.

وتسعى الحكومة إلى إيجاد التوازن في سوق الحديد، وذلك بهدف استمرار التوافق بين العرض والطلب، وكانت القرارات التي يتخذها أصحاب القرار تهدف إلى تنمية هذا القطاع الحيوي الذي تصل استثماراته بشكل سنوي إلى نحو 186 مليار ريال (46.6 مليار دولار) وفق الكميات المطلوبة والمرشحة للزيادة المستقبلية.

وتتضمن العقوبات فرض الحد الأقصى من الغرامة المالية المنصوص عليه ضمن العقوبات في قرار مجلس الوزراء، وهي 50 ألف ريال وإغلاق المحل أو الفرع الذي وقعت فيه المخالفة لمدة 15 يوما، ونشر قرار العقوبة على نفقة المخالف في إحدى الصحف المحلية الصادرة في المنطقة التي وقعت فيها المخالفة أو بالقرب منها.