الصين تريد جعل اليوان عملة مبادلات دولية

أكبر دولة مالكة لاحتياطي الصرف في العالم

بلغت احتياطيات صرف الصين 2450 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

قال محللون إن الصين اتخذت في الآونة الأخيرة سلسلة إجراءات ترمي إلى جعل عملتها الوطنية (اليوان) أكثر استخداما في المبادلات الدولية وإن بقيت غير قابلة للتحويل، وإلى الحد من تعرضها للدولار الأميركي. وعملت الصين أكبر دولة مالكة لاحتياط الصرف في العالم منذ الأزمة المالية في خريف 2008 على تنويع استثماراتها، ودفعت بالشركات إلى تسديد مشترياتها باليوان للحد من تدفق الدولارات الواردة إلى البلاد.

وبحسب مذكرة أصدرها بن سيمبفندورفر وإريك لويث من «رويال بنك أوف اسكوتلندا»! فإن «أزمة التسليفات في 2008 أظهرت للصين أن التسديد باليوان سيحد من تعريض البلاد لنقص مفاجئ في السيولة». وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أنه على الرغم من النجاح الذي حققه المصدرون الصينيون فإن اليوان لا يضطلع سوى بدور هامشي في المبادلات الدولية لأنه غير قابل كليا للتحويل ولأنه لا يمكن سحب الأموال من الصين بنفس سهولة استثمارها فيها.

ويؤكد القادة الصينيون أنهم يرغبون في جعل اليوان عملة احتياط، لكنهم ليسوا على استعداد (بحسب محللين) لرفع عمليات المراقبة عن أسعار الصرف خشية زعزعة الاقتصاد، خصوصا إذا ما كانت النتيجة ارتفاعا سريعا لسعر صرف اليوان مقارنة بالدولار، مما يضير المصدرين.

وأعلن محلل يعمل في بكين رافضا الكشف عن هويته أنهم «خائفون من (غياب الرقابة على) التدفقات (المالية) الواردة والصادرة، وهي خشية تعود إلى فترة الأزمة المالية الآسيوية» في 1997. وكانت أسعار عملات الدول الناشئة في آسيا - باستثناء اليوان - تدهورت بشكل كبير مقابل الدولار. ومنذ عامين وقعت الصين سلسلة اتفاقيات تبادل عملات (سواب) وأطلقت على سبيل الاختبار عمليات تسديد باليوان مع مجموعة من الدول لا سيما في جنوب شرقي آسيا.

من جهة أخرى.. أدى اتفاق بين البنك المركزي الصيني وهيئة النقد في هونغ كونغ إلى السماح للمصارف الناشطة في المستعمرة البريطانية السابقة باستخدام اليوان لتسديد المدفوعات بين الشركات، مما فتح الباب أمام منتجات مالية مسعرة باليوان. وكانت شركة «ماكدونالد» العملاقة الناشطة في مجال الوجبات السريعة أول شركة غير مالية تستفيد من هذا الإجراء بإعلانها إصدار سندات باليوان بقيمة 30 مليون دولار. وكانت آخر مبادرة أطلقتها بكين الأسبوع الماضي قرار فتح سوق السندات بين البنوك الصينية أمام المزيد من المستثمرين الأجانب لتشجيع الشركات الأجنبية على قبول اليوان عندما تنشط في الصين، ولم يتمكن سوى عدد قليل من المستثمرين في المؤسسات حتى الآن من الدخول إلى هذه السوق منذ 2005. ورأى المحلل الناشط في بكين أنه «كلما زاد حجم اليوان الخارج من الصين وأصبح اليوان عملة تبادل دولية، خفضتم خطر التبعية حيال عملة محددة». لكن يبقى من غير المرجح أن يصبح اليوان بين ليلة وضحاها قابلا للتحويل بشكل تام، ذلك أن بكين تخشى ألا تتمكن من احتواء مضاربات محتملة ضد عملتها. وهناك عقبة أخرى متمثلة في غياب اليوان المتداول في الخارج بشكل كامل تقريبا بسبب فائض الميزان التجاري الصيني. وأوضح باتريك شوفانيك، الأستاذ في كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة تسينغهوا في بكين «من الصعب جدا تجميع اليوان لأنه يعود باستمرار إلى الصين».

وبلغت احتياطيات صرف الصين 2450 مليار دولار في نهاية يونيو (حزيران)، منها 70. 843 مليار دولار كسندات خزينة في الولايات المتحدة. وزادت أصولها بالسندات اليابانية والكورية الجنوبية بقوة، لكن بمبالغ متدنية جدا مع ذلك.

ومن ناحية أخرى، زار رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما الخميس معرض شنغهاي الدولي في ختام زيارة دولة من ثلاثة أيام إلى الصين أدت إلى توقيع نحو 12 عقدا بين البلدين. وصرح زوما من جناح جنوب أفريقيا في المعرض «أنا سعيد جدا بوجودي في هذا المعرض الذي صادف تنظيمه زيارتنا الرسمية إلى الصين التي تكللت بالنجاح وتختتم اليوم (أمس)». ورافق زوما إلى الصين وفد من 350 رجل أعمال في الزيارة التي تمحورت حول مشاريع تعزيز التعاون بين العملاق الآسيوي وأكبر اقتصاد في أفريقيا. وتم توقيع نحو 12 اتفاقا بين شركات صينية وجنوب أفريقية في قطاعات سكك الحديد والطاقة والنووي والبناء والأشغال العامة والمناجم والتأمين والاتصالات. ورفض وزير التجارة الجنوب أفريقي روب ديفيس اعتبار تكثيف وجود الشركات الصينية في القارة السمراء نوعا من الاستعمار الجديد وذلك في الوقت الذي تتعرض فيه بكين لانتقادات متكررة لتعاونها مع أنظمة تنتهك حقوق الإنسان في أفريقيا على غرار السودان وزيمبابوي. وصرح ديفيس لصحيفة «فاينانشيال تايمز» بأن التوسع الصيني «لا يمكن أن يكون إلا شيئا جيدا» لأنه سيزيد التنافس على الموارد في القارة. وتابع «لن نعود ملزمين بتوقيع جميع العقود التي تطرح علينا. باتت لدينا حلول بديلة وهذا أمر مفيد لنا». وأصبحت الصين في العام الفائت المستورد الأول لصادرات جنوب أفريقيا وأغلبها من المواد الأولية. وصرح ديفيس لرجال أعمال بأنه يتمنى أن تزداد في المستقبل نسبة السلع ذات القيمة المضافة المرتفعة من صادرات بلاده.