اشتداد الفتور في سوق الوظائف وقطاع التصنيع الأميركي

في علامات على تعثر الانتعاش الاقتصادي

النمو الضعيف وسوق العمل الراكدة يعزز من غضب الناخبين قبل انتخابات نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

قال خبراء اقتصاديون، قبل صدور تقارير هذا الأسبوع، إن معدلات التوظيف والتصنيع شهدت فتورا خلال أغسطس (آب)، مما أظهر تراجع نشاط الشركات الأميركية مع ظهور علامات على تعثر الانتعاش الاقتصادي.

وقد ارتفع عدد العاملين في وظائف خاصة بعيدا عن الهيئات الحكومية بنسبة 47 ألفا هذا الشهر بعد ارتفاعهم إلى 71 ألفا في يوليو (تموز)، في حين ارتفع معدل البطالة إلى 9.6 في المائة، وفقا لمتوسط تقديرات 33 من علماء الاقتصاد شملهم مسح أجرته «بلومبرغ نيوز». وقد سجل توسع المصانع أضعف معدل في عام واحد تقريبا، وفقا لتقرير معهد إدارة التوريد.

وقال رئيس المصرف الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي الأسبوع الماضي إن المصرف المركزي سيبذل «كل ما في وسعه» للحفاظ على التوسع الذي لا يزال مقيدا بإنفاق المستهلكين بعد أن سجل معدلات أقل من المتوقع وبالنمو البطيء في الوظائف. وقد تظهر تقارير أخرى، تصدر هذا الأسبوع، أن المشتريات المنزلية تشهد ركودا وأن القطاعات الخدمية، التي تمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد، تشهد حالة تباطؤ.

وقال سكوت براون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ريموند جيمس وشركاه المحدودة» في سان بطرسبرغ بولاية فلوريدا: «لدينا كثير من الأمور التي تدعونا إلى القلق على النصف الثاني من العام، لأن الانتعاشة تفقد زخمها، ولا تزال سوق العمل غير نشيطة إلى حد ما، ولا يوجد حل سحري في ما يتعلق بالسياسة العامة».

ويشير تقرير العمل، المتوقع صدوره من وزارة العمل في 3 سبتمبر (أيلول)، إلى أن عدد الوظائف تراجع بمقدار 100 ألف هذا الشهر، ليعكس قيام الحكومة بفصل العمال المؤقتين الذين استخدمتهم لإجراء التعداد السكاني، وفقا لمتوسط المسح. وعلى الأرجح ارتفع معدل البطالة من 9.5 في المائة.

وتراجع مؤشر المصانع لـ«معهد إدارة التوريد»، الذي يتخذ من مدينة تمب بولاية أريزونا مقرا له، في أغسطس (آب) إلى 52.8. ومن المقرر أن ينشر التقرير في الأول من سبتمبر (أيلول)، وتشير الأرقام الأكثر من 50 إلى توسع.

وسيكون الرقم المتوقع الأضعف منذ سبتمبر 2009، ويظهر أن قطاع التصنيع، الذي كان في مقدمة عملية التعافي حيث ملأ العملاء المخازن من جديد وقاموا بشحن مزيد من البضائع إلى الخارج، ربما يبدأ في التراجع.

وربما يورد «معهد إدارة الإمداد» في 3 سبتمبر (أيلول) أن مؤشر خدماته، الذي يغطي قرابة 90 في المائة من الاقتصاد، تراجع إلى أقل نسبة خلال ستة أشهر بعد أن وصل إلى 53.2 في مقابل 54.3، حسب ما ذكره المسح.

وأظهر تقرير من وزارة التجارة الأسبوع الماضي تراجع الطلبات على السلع الرأسمالية، ما عدا الطائرات، بنسبة 8 في المائة خلال يوليو (تموز). وقامت «إنتل كورب»، وهي أكبر مصنع شرائح إلكترونية في العالم، خلال الأسبوع الماضي بخفض توقعاتها بخصوص عوائد الربع الثالث. وقالت شركة «إنتل»، التي تتخذ من سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا مقرا لها، في بيان إن المبيعات تتأثر بـ«طلب أقل من المتوقع على أجهزة الكومبيوتر الشخصية في أسواق ناضجة».

وقال برنانكي خلال المنتدى المالي السنوي للاحتياطي الفيدرالي بمدينة كنساس في جاكسون هول بولاية وومبنيغ في 27 أغسطس (آب): «لقد حد التعافي البطيء بصورة مؤلمة في سوق العمل من النمو في دخل العمال وعزز من الشكوك بشأن أمن الوظائف وقوض من الثقة».

وقال برنانكي إن «الاحتياطي الفيدرالي» مستعد لأن «يقدم تسوية مالية إضافية من خلال إجراءات غير تقليدية إذا تبين أن ذلك ضروري، لا سيما إذا كانت التوقعات متدهورة بصورة كبيرة».

وقد تحسنت الأسهم وتراجعت سندات الخزانة بعد أن تعهد برنانكي بأن يحمي الاقتصاد. وارتفع مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» بنسبة 1.7 في المائة إلى 106459 في الساعة الرابعة مساء داخل نيويورك في 27 أغسطس (آب). وارتفع العائد على سندات الخزانة مدة عشرة أعوام إلى 2.65 في المائة من 2.48 في المائة نهاية اليوم السابق. وسوف ينشر «الاحتياطي الفيدرالي» في 31 أغسطس (آب) محاضر اجتماعه الأخير، الذي قام صانعو السياسات خلاله بالتأكيد على التزامهم بجعل مؤشر أسعار الفائدة قريبا من الصفر لـ«مدة مطولة» وقرروا الحفاظ على حيازتهم من الأوراق المالية لوقف نزف الأموال من النظام المصرفي. وربما يعزز النمو الضعيف وسوق العمل الراكدة من غضب الناخبين قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) التي ستحدد الحزب المسيطر على الكونغرس.

وتظهر الاستطلاعات ازدياد شكوك المواطنين في أداء الرئيس باراك أوباما. وبلغت نسبة الموافقة على طريقة تناول الرئيس للأوضاع الاقتصادية 41 في المائة خلال استطلاع للرأي أجرته «أسوشييتد برس» و«جي إف كيه» في الفترة من 11 حتى 16 أغسطس (آب)، وتمثل هذه أقل نسبة تراجع عن نسبة 50 في المائة سجلت في يوليو (تموز) الماضي. وتحاول الأسر دفع الديون والحد من عمليات الشراء بعد أن خسرت الولايات المتحدة أكثر من 8 ملايين وظيفة منذ بدء الركود في ديسمبر (كانون الأول) 2007. وارتفعت نفقات المستهلكين في يوليو، حيث شهدت مبيعات السيارات نموا بعد أقل معدل لها خلال أربعة أشهر.

وارتفعت المبيعات بنسبة 0.3 في المائة بعد ثباتها الشهر السابق، حسب ما أفاد به متوسط الاستطلاع. ومن المحتمل أن تعكس الزيادة في النفقات أيضا أكبر زيادة في الأسعار خلال عام وتظهر أن التقدم سيختفي عندما يتم تعديل الأرقام وفقا لمعدلات التضخم.

وعلى ضوء قلة الوظائف، من المحتمل أن يتعثر إنفاق الأسر، الذي يمثل نحو 70 في المائة من الاقتصاد. وشهد مؤشر «كونفرانس بورد» عن ثقة المستهلكين، المقرر نشره في 31 أغسطس (آب)، تغييرا بسيطا وصل إلى 50.9 خلال الشهر الحالي بالمقارنة مع 50.4 في يوليو، بحسب ما أفاد به متوسط التوقعات في استطلاع «بلومبرغ».

ويشهد قطاع الإسكان تراجعا أيضا. وربما قلت الزيادة في أسعار المنازل في يونيو، هذا ما يتوقع أن يكشف عنه تقرير «ستاندارد آند بورز/كيس - شيلر» في 31 أغسطس (آب). وبعد يومين، ربما تظهر بيانات من الرابطة الوطنية لتجار التجزئة أن مبيعات المنازل المحتملة أو عدد التعاقدات لشراء منازل مملوكة مسبقا تراجعت في يوليو للشهر الثالث على التوالي.

*خدمة «بلومبرغ» خاص بـ «الشرق الأوسط»