الحرارة تؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار أهم سلعة غذائية للمواطن السوري

خسائر فادحة في قطاع الدواجن أنعشت استيراد اللحوم المثلجة

يستهلك السوريون مليون فروج يوميا (رويترز)
TT

على الرغم من إصرار الحكومة السورية على محاربة الغلاء، خاصة في ما يتعلق بالسلع الغذائية عبر تفعيل دوريات حماية المستهلك وتكثيف دورها في مراقبة الأسواق، فإن موجة الحر التي تتعرض لها سورية منذ أكثر من شهر أحبطت محاولات كبح غلاء واحدة من أهم السلع الغذائية للمواطن السوري.. فقد أدت موجة الحرارة الشديدة إلى نفوق عشرات الآلاف من الدواجن مخلفة وراءها خسائر فادحة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الفروج في السوق المحلية نتيجة تراجع العرض أمام ارتفاع الطلب خاصة خلال شهر رمضان.

ومما زاد من تأثير موجة الحر الشديد هو افتقار مزارع الدواجن إلى الأساليب الحديثة، ولجوء وزارة الكهرباء إلى تطبيق نظام تقنين بشكل غير مسبوق ولفترات طويلة.

وتقدر قيمة طيور الفروج التي نفقت خلال الأسبوع الماضي وحده بما قيمته 240 مليون ليرة حيث تتجاوز درجة الحرارة 42 درجة يوميا، وسط غياب أجهزة التبريد في مزارع الدواجن، الأمر الذي أدى إلى زيادة حالات نفوق الدواجن. وتقدر نسب النفوق في مزارع محيط دمشق على سبيل المثال بـ20 إلى 30 في المائة، وكذلك الأمر في حلب، في حين هبط إنتاج الفروج والبيض بين 20 إلى 25 في المائة.

وقال نجيب ميداني صاحب إحدى مزارع الدواجن في غوطة دمشق إن «أغلب مربي الدواجن لا يملكون الإمكانات لتجهيز مزارعهم بأساليب التربية الحديثة من أجهزة تكييف وما شابهها، وذلك بشكل مترافق مع امتناع الدولة عن تقديم الدعم لهذا القطاع، خاصة في ما يتعلق بأسعار الأعلاف التي تباع بأسعار مرتفعة بعد أن كانت تباع بأسعار مدعومة في السابق، ورأى ميداني أن «الحكومة تتدخل فقط عند ارتفاع أسعار البيض والفروج بحجة المستهلك، إلا أنها تقف على الحياد عندما يتعرض المربون للخسائر ويتعرضون للمشكلات».

وذهب مربي دواجن آخر إلى القول إنه «لا يمكن تحديد نسبة النفوق في أعداد الفروج لغياب الإحصاءات الدقيقة»، معتبرا أن الأرقام المعلنة من وزارة الزراعة غير دقيقة، مشيرا إلى أن وصول درجات الحرارة إلى 40 درجة قد أدى إلى أضرار كبيرة جدا، معتقدا أن نسبة النفوق بين الأمهات تجاوزت الـ15 في المائة، في حين وصلت إلى 12 في المائة في الفروج البياض، وتجاوزت الـ30 في المائة في فروج المائدة.

وتبدو خسائر القطاع الخاص أكبر منها لدى القطاع العام الذي تشرف عليه المؤسسة العامة للدواجن بسبب امتلاكها للتجهيزات الحديثة، الأمر الذي جعل نسبة النفوق فيها بين 5.4 في المائة، و8 إلى 10 في المائة في الفروج البياض، بحسب ما صدر عنها.

ودفع ارتفاع أسعار الفروج في الأسواق المحلية الجهات المختصة لرفع تسعيرة الفروج في الأسواق لتبلغ 120 ليرة سورية للكيلوغرام بعدما كان لا يتجاوز 70 ليرة مع بداية الصيف، مع الإشارة إلى أن أسعار الفروج ارتفعت إلى أكثر من التسعيرة الرسمية لتصل إلى 140 ليرة للكيلوغرام، أي إن سعره قد تضاعف تقريبا، ومما يزيد من وطأة الأمر حلول شهر رمضان في أوج أزمة الفروج في الأسواق. ومعروف أن الفروج يعد مصدر غذاء رئيسيا للسكان (يستهلك السوريون مليون فروج يوميا) ويعتمدون عليه بشكل رئيسي للحصول على اللحم في ظل ارتفاع أسعار لحم الغنم والعجل إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة التصدير؛ إذ يعد الغنم السوري المفضل لدى سكان الخليج، وبالتالي، فإن معظم المربين يفضلون تصديره إلى الأسواق الخليجية نظرا لأسعاره المرتفعة. وقد لجأت الحكومة السورية أكثر من مرة إلى منع تصديره، الأمر الذي فتح أبواب تهريبه، وبالتالي بقيت أسعاره مرتفعة في الأسواق المحلية حيث يتجاوز سعر الكيلو 700 ليرة.

هذا، وأدى ارتفاع أسعار الفروج المحلي إلى انتعاش استيراد اللحوم المثلجة كالحبش والأسماك التي تأتي بشكل رئيسي من الإمارات والأردن وفيتنام، كما لوحظ نشاط في استيراد لحوم الجاموس من الهند بشكل غير مسبوق.

ولم يكن قطاع الأغنام والأبقار والخيول بعيدا عن تأثير الحرارة المرتفعة، الأمر الذي أدى إلى نفوق أعداد كبيرة منها، وحدوث تراجع في إنتاج الحليب واللحم، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

إلى ذلك، بدأت بوادر تأثر موسم الزيتون بالحرارة تتضح عبر ظهور التجاعيد في ثمار الزيتون التي يقترب موعد قطافه ابتداء من منتصف الشهر القادم. وتشير المعلومات أيضا إلى تأثر الكرمة والجوز، التي تتعرض لحروق جراء أشعة الشمس، وكذلك الرمان والخضار والجوز، بالإضافة إلى ما تسبب الحرارة المرتفعة في حرائق بالغابات.

وبكل ذلك تكون سورية قد تأثرت بأسوأ موجة حر تجتاحها منذ أكثر من نصف قرن لتبدو آثارها واضحة في قطاع الزراعة، بما انعكس على أسعار السلع الغذائية بشكل واضح، حيث تسجل الخضراوات والفواكه، واللحوم والبيض.. وغيرها ارتفاعات واضحة في الأسعار.