كرزاي يدعو الأفغان إلى الهدوء مع زيادة سحب المودعين أموالهم من مصرف كابل

فريق من وزارة الخزانة الأميركية لمساعدة البنك على تجاوز الأزمة

تصل ودائع مصرف كابل في العاصمة الافغانية إلى مليار دولار (أ.ب)
TT

في الوقت الذي احتشد فيه المودعون في فروع أكبر مصرف في أفغانستان، دعا الرئيس حميد كرزاي الأفغان إلى عدم الذعر، بعد فترة قصيرة من دعوة شقيقه، وهو أحد المساهمين الرئيسيين في مصرف كابل الذي يعاني الاضطرابات، إلى تدخل الولايات المتحدة لتفادي وقوع انهيار مالي.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في القصر الرئاسي في كابل، قال كرزاي: «مصرف كابل في أمان. لا داعي لأن يشعر الناس بالذعر، ولا القلق».

وفي وقت سابق من نفس اليوم، أعرب محمود كرزاي عن قلقه بشأن قدرة مصرف كابل على مواجهة مطالبة أعداد كبيرة من المودعين استرداد أموالهم. وقال في محادثة هاتفية: «يجب أن تفعل أميركا شيئا». واقترح أن تضمن وزارة الخزانة أموال عملاء مصرف كابل، الذين يبلغ عددهم نحو مليون عميل ويودعون أكثر من مليار دولار في هذا المصرف.

وبدأ الاندفاع على سحب الأموال من مصرف كابل، الذي يصرف مرتبات الجنود والشرطة والمدرسين، يوم الأربعاء الماضي، أي بعد يوم واحد من توارد الأنباء بأن المصرف المركزي الأفغاني عزل المسؤولين التنفيذيين في المصرف من منصبهم وعين مسؤولا من المصرف المركزي في منصب الرئيس التنفيذي.

وسحب المودعون 85 مليون دولار يوم الأربعاء و109 ملايين دولار يوم الخميس، مما أدى إلى انخفاض السيولة النقدية في مصرف كابل إلى 300 مليون دولار فقط، حسبما ذكر رئيس المصرف المعزول من منصبه شيرخان فارنود.

وفي أول مقابله له بعد عزله من منصبه يوم الاثنين الماضي، قال فارنود، الذي لا يزال أحد المساهمين الرئيسيين في المصرف، إنه يأمل أن يستطيع المصرف الصمود أمام هذه العاصفة من دون مساعدة الولايات المتحدة. وأضاف فارنود، متحدثا من فيلته الفاخرة المطلة على المياه في دبي بعد فترة قصيرة من عودته إلى هذه الإمارة قادما من كابل، «إذا مر الأمر بسلام يومي السبت والأحد (اليوم وغدا)، سنكون على ما يرام». وتجدر الإشارة إلى أن يوم الجمعة هو عطلة نهاية الأسبوع في أفغانستان، وتكون جميع المصارف مغلقة فيه.

وأضاف: «إذا انهار مصرف كابل، فسيكون ذلك بمثابة كارثة».

وتعهد فارنود بتسليم مصرف كابل سندات ملكية العقارات التي تم شراؤها من أموال المصرف لكنها مسجلة حتى الآن باسمه واسم زوجته. وقال إن قيمة هذه العقارات تبلغ 160 مليون دولار.

وأرسلت وزارة الخزانة الأميركية فريقا من الخبراء لمساعدة المصرف المركزي الأفغاني على التعامل مع الأزمة، لكنه استبعد حتى الآن ضخ أي أموال أميركية لإعادة إحياء مصرف كابل. وقال مسؤول بالإدارة الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه، «في حين أننا نقدم المساعدة الفنية للحكومة الأفغانية، فإننا لا نتخذ أي خطوات لإعادة تمويل مصرف كابل».

بيد أن محمود كرزاي، الذي يمتلك 7 في المائة من أسهم مصرف كابل، حذر من أنه في الوقت الذي تعد فيه الأوضاع في المصرف «مستقرة ويمتلك الأموال»، فقد يلجأ إلى التدخل الأميركي لمواجهة حالة الذعر.

وأضاف كرزاي، شقيق الرئيس الذي أسرع بالعودة إلى كابل يوم الأربعاء قادما من دبي، حيث يقضي معظم أوقاته في فيلا في منتجع نخلة الجميرة اشتراها من أموال مصرف كابل، «إذا ضمنت وزارة الخزانة الأميركية أن كل فرد سيحصل على أمواله، فقد يكون ذلك صائبا».

يمتلك مصرف كابل عشرات الفروع في جميع أنحاء أفغانستان ويحتوي على حسابات الوكالات الحكومية الأفغانية الأساسية. وكان المصرف أحد المساهمين الكبار في الحملة الانتخابية للرئيس كرزاي، التي شابها التزوير، العام الماضي.

ومن المحتمل أن يقود انهيار المصرف إلى انتشار حالة من الذعر في جميع أرجاء القطاع المالي الناشئ في البلاد وإلى القضاء على تسعة أعوام من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لإقامة نظام مصرفي أفغاني سليم، ينظر إليه على أنه خطوة أساسية في سبيل إقامة اقتصاد فعال. وسيقود ذلك أيضا إلى تعزيز نظام «الحوالة» الذي لا يخضع إلى أي نظم، وهو شبكة غير رسمية من تبادل الأموال. وبالإضافة إلى خدمة العملاء العاديين، تقدم هذه الشبكة أيضا قناة آمنة ومبهمة، ينقل من خلالها تجار المخدرات والإرهابيون أموالهم.

وعزا فارنود، وهو أحد لاعبي البوكر العالميين وأسس مصرف كابل، حالة الذعر إلى قرار المصرف المركزي بعزله من منصبه كرئيس للمصرف. وقال: «لم أغش أي أحد على الإطلاق، ودفعت دوما الأموال للجميع. يثق الناس بي»، مشيرا إلى السنوات التي قضاها في إدارة شبكة ناجحة من الحوالة في روسيا وأفغانستان.

وقال إنه يعود إلى كابل يوم الجمعة (أمس) للقاء الرئيس كرزاي. وانتشرت شائعات في كابل أول من أمس الخميس تقول إن فارنود مُنع من مغادرة أفغانستان. وبعد فترة قصيرة من وصوله إلى دبي، قال: «هذا ليس صحيحا، إنني هنا».

وفي مطلع الأسبوع الماضي، بلغ حجم الودائع في مصرف كابل 1.31 مليار دولار. وبنهاية النشاط التجاري (الخميس)، انخفضت هذه الودائع لتبلغ 1.11 مليار دولار. لكن معظم هذه الأموال ليس متاحا في الحال لإعطاء المودعين أموالهم، حيث إنه مستثمر في صورة قروض. ويشكل المساهمون في المصرف عددا من أكبر المقترضين، وأبرزهم شقيق نائب الرئيس، محمود فهيم، الذي يخضع لعملية جراحية في القلب في أحد المستشفيات في ألمانيا.

وإذ يثير جزعها انتشار حالة الذعر، تحركت الحكومة الأفغانية بقوة يوم الخميس من أجل تهدئة الشعب. ظل الفرع الرئيسي لمصرف كابل في العاصمة مفتوحا بعد أربع ساعات من وقت الإغلاق الرسمي لتسليم المرتبات. كما تجمعت الحشود خارج فروع المصرف في مزار الشريف شمالي البلاد، وفي قندهار في الجنوب وفي باداخشان شمال شرقي البلاد.

وأثناء المؤتمر الصحافي، طمأن الرئيس كرزاي مئات الآلاف من الموظفين بالحكومة، الذين يحصلون على رواتبهم من مصرف كابل، حيث قال: «لدينا النقود الكافية لدعم المصرف. لدينا نقدية تبلغ 4.8 مليار دولار. وحتى إذا انهار النظام المصرفي بالكامل، لا يزال لدينا الأموال الكافية لدعمه».

وفي وقت سابق، قلل وزير المالية، عمر زاخيلوال، من المخاوف بشأن مستقبل المصرف، محملا وسائل الإعلام الأجنبية مسؤولية إثارة حالة القلق. وقال: «لن ينهار مصرف كابل. سيظل قويا. ستدعم الحكومة مصرف كابل».

وأقر وزير المالية بأن العملاء الخائفين تدفقوا على فروع مصرف كابل للمطالبة بأموالهم، لكنه أصر على أن «ذلك لا يمثل أزمة».

ومع ذلك، قال شفيق جاويد، 38 عاما، إنه قرر سحب 900 دولار من مدخراته، التي تبلغ 2000 دولار. وفي إشارة إلى المديرين بالمصرف، قال: «اعتدنا أن نثق بهم».

وفي أحد الفروع القريبة للمصرف، حيث يصرف الكثير من الموظفين بالحكومة رواتبهم، لم يصرف الصرافون أكثر من ألف دولار لكل عميل.

وقدم المصرف المركزي قراره بعزل فارنود والرئيس التنفيذي خليل الله فروزي كمسألة روتينية تهدف إلى جعل مصرف كابل يتوافق مع النظم الجديدة التي تحظر على المساهمين شغل أي مناصب في الإدارة.

بيد أن مصادر من داخل المصرف تقدم وصفا أكثر إثارة للأحداث. جاء تحرك المصرف المركزي بشأن مصرف كابل بعد أسابيع من الخلافات المتقلبة بين فارنود وفروزي، وكذلك القلق المتصاعد بشأن قروض ضخمة من المحتمل أن تكون غير قانونية تم منحها للمساهمين بالمصرف وغيرهم من المطلعين ذوي الاتصالات القوية.

ويأمل مسؤولون أميركيون في أنه من الممكن احتواء تداعيات أزمة مصرف كابل نظرا لأن 5 في المائة فقط من الأفغان لديهم حسابات في هذا المصرف ومعظم الاقتصاد يدور حول النقدية. ومع ذلك، قال رجال أعمال أفغان إنه إذا انهار المصرف، فإن التداعيات ستكون كارثية لكل من الاقتصاد والأمن في أفغانستان.

* شارك لوندونو وناكامورا في هذا التقرير من كابل، وبرادي دينيس من واشنطن.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»