موسم «العيد» يدعم نمو سوق العطور السعودية بـ20%

مستثمرون في القطاع لـ «الشرق الأوسط» حجم المبيعات يقدر بمليار دولار سنويا

TT

بعد أن أطلق تجار العطور، خاصة الشرقية منها، عروض تخفيضات الأسعار التي وصلت إلى 75 في المائة، يدخل هذه الأيام موسم ربحي جديد، بمناسبة عيد الفطر المبارك، في سوق يقدر حجمها بأكثر من 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار).

وتستقبل سوق العطور موسم عيد الفطر المبارك لهذا العام، وهي تشهد نموا متزايدا بسبب الطلب المتزايد على العطور الغربية منها والشرقية، حيث قدر تجار العطور زيادة نمو السوق، بنسبة تصل إلى 20 في المائة مقارنة بالأعوام الماضية، يدفعها في ذلك مواسم الأعياد، والأفراح، حيث من المتوقع أن يسهم موسم العيد الحالي في وصول نسبة النمو إلى هذا الرقم.

وكشف تجار ومتعاملون في سوق العطور، أن حجم المبيعات السنوي في سوق العطور في السعودية يقدر بأكثر من 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار)، في حين أوضحوا لـ«الشرق الأوسط» أن السوق تشهد نموا متزايدا بسبب الطلب المتزايد على العطور الغربية منها والشرقية، في حين يقدر حجم مبيعات العود والعطور الشرقية فقط بنحو 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار).

وأوضح خالد الدخيل المدير العام لـ«الدخيل للعود والعطور» أن نسبة مبيعات العطور الغربية ما زالت هي الأعلى، وذلك لمناسبتها لجميع الشرائح. وتعتمد تجارة العطور الشرقية على فئات معينة من المجتمع، مشيرا إلى تطور في مبيعات العطور الغربية، التي اعتمدت أخيرا على تنويع مركباتها العطرية بمزج العطور الغربية مع الشرقية.

وكشف الدخيل لـ«الشرق الأوسط» أن العود الطبيعي يشهد تناقصا في عرضه في السوق السعودية منذ 3 سنوات، حيث انخفضت نسبة المعروض إلى 60 في المائة خلال الـ3سنوات الماضية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعره في السوق تدريجيا، حيث قال الدخيل إن سعره ارتفع خلال هذا العام إلى 20 في المائة عن السنة الماضية.

وأرجع المدير العام لـ«الدخيل للعود والعطور» أسباب انخفاض عرض العود الطبيعي في الأسواق، إلى أن بلاد المصدر لم تعد تنتجه كما في السابق، حيث إن هناك انخفاضا تدرجيا في عملية تحصيله من الغابات، مرجحا في ذات الوقت اختفاءه من السوق بعد عدة سنوات، إلا أنه قال إنه سيعاود دخول السوق بعد إكمال دورته التي تأخذ بضع سنوات.

من جهته، قال خالد البصيص، أحد تجار العطور في العاصمة السعودية الرياض، لـ«الشرق الأوسط» إن إقبال الشباب والنساء على العطور في تزايد مستمر، مما زاد من المبيعات لدى تجار العطور بنسبة تصل إلى 20 في المائة مقارنة مع الأعوام الماضية.

ومع أن السوق السعودية تشهد تباينا واضحا، خصوصا في الآونة الأخيرة، في نسب مبيعات العطور المشهورة عالميا، وما يتم تركيبه محليا من مخلطات شرقية من مشتقات العود، وحتى بعض العطور الغربية التي يتم تركيبها محليا، فإن مجموعة محددة من العوامل تتمثل في نوعية العطر وتركيزه، والتخفيضات التي تقوم بها بعض المعارض، بالإضافة إلى طرح منتجات جديدة لجذب العملاء، وإطلاق أسماء وطرق عرض مبتكرة، وسائل دعائية وإعلانية متنوعة.

وهنا أكد خالد الدخيل لـ«الشرق الأوسط» أن العطور الشرقية المقلدة لم تضر كثيرا بأداء سوق العود والعطور الشرقية، وذلك لمعرفة المستهلكين بالأسماء التجارية ذات الثقة والتاريخ الكبير في هذا المجال، إلا أنه شدد على أهمية إيجاد وعي بما يدخل السوق من منتجات ذات جودة رديئة، مثل العود الصناعي، حيث طالب بتشكيل هيئة أو لجنة حكومية لإثبات ما إذا كان مضرا بالصحة أو لا.

وأوضح الدخيل، أن مصنعي العود الصناعي في بلد المصدر، يتجنبون شمه، وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام كثيرة حول تركيبته ومدى إضرارها بالصحة، منوها أيضا باستخدام الباعة المتجولين في السعودية لعطور يتم تركيبها بنسب تركيز عالية، في حين أن مثل تلك النوعيات، يجب عدم الإكثار منها عند تركيب العطور، مثل المسك الأسود وروائح الفواكه الفواحة.

من جانبه، أوضح بائع العطور حسن باسليمان، أن من أبرز المشكلات التي تواجه السوق الغش التجاري الذي يمارسه بعض التجار نتيجة ضعف خبرة بعض المستهلكين حول أصناف وأنواع العود، وتتركز أبرز صور الغش في دهن العود، وتحمل عادة أسماء مثل العود الترابي، العود المعتق، والسنغافوري على الرغم من أن سنغافورة لا تصنع دهن العود إطلاقا.

وقال بائع العطور إن نسبة العطور المقلدة في السوق السعودية تصل إلى 30 في المائة، مؤكدا أن بعض العطور المقلدة من السهولة بمكان كشفها، والبعض الآخر يصعب كشفه، مطالبا في ذات الوقت بضرورة تفعيل دور الرقابة لكشف التجاوزات الموجودة في سوق العطور خاصة.

وأضاف باسليمان أن انتشار العطور المقلدة والمغشوشة في كل مكان، سواء في معارض العطور المتوسطة أو الصغيرة أو مع الباعة المتجولين أدى إلى انعدام الثقة لدى المستهلك في أن العطور أصيلة، مؤكدا أن السوق المحلية تستقبل على مدار الساعة كميات كبيرة من العطور المقلدة والمغشوشة التي يتم ترويجها وتسويقها علنا في المجمعات والمحلات التجارية وعلى الأرصفة.

وذكر حسن أن النساء يمثلن الشريحة الأكبر بالنسبة للعطور بشكل عام، ولكن بالنسبة للعطور الشرقية فإن النسبة للرجال تقارب 70 في المائة والبقية للنساء.

وعن أكثر الأصناف رواجا قال: «ليس هناك صنف معين، بل الأكثر مبيعا الخلطات العطرية التي تعتمد على الذوق الرفيع، ويتم فيها خلط أكثر من نوع، مما يجعلها تحتل المركز الأول في المبيعات، وتفوقت على العطور الغربية الأخرى من خلال مخلطات ذات روائح عطرية متميزة، وهناك أيضا مخلطات ذات أسعار عالية بسبب التركيبة المخصصة لها».

وفي السعودية، تتميز تجارة العود والعطور الشرقية خصوصا بأنها من المهن القديمة، حيث زاولها رجال الأعمال في السعودية، وما زالت تحظى بإقبال الأجيال اللاحقة من التجار والمستهلكين على حد سواء، ويعتبر العود وبخوره المفضل للسعوديين باعتباره من أرقى أنواع الطيب وأغلاها ثمنا، إذ يصل سعر الكيلوغرام الواحد من دهن العود إلى أكثر من 100 ألف ريال (26 ألف دولار) طبقا لتجار هذه المهنة.

ويعتقد البعض أن عدد المستوردين السعوديين للعود لم يكن يزيد عن ستة رجال أعمال قبل عام 1960، يتركز معظمهم في مدن الرياض، مكة المكرمة، والطائف، وبعد هذا التاريخ بدأت تظهر فعليا محلات متخصصة في تجارة العود بفرعيها (الجملة والمفرق)، وخاصة في الرياض، وعلى الرغم من ذلك فإن المنافسة لم تكن شديدة، إلا أن جلب العود من مواطنه الأصلية كان يمثل صعوبة كبيرة لرجل الأعمال.

وهنا يرى خالد البصيص، أن السوق شهدت منذ أكثر من 30 عاما انطلاقة حقيقية في أعداد المتاجر العاملة في العود، والعطور الشرقية والكريستال، وظهرت في السوق أسماء كثيرة طغت علي الأسماء القديمة، كما أن الهند التي عرفت بأنها السوق التقليدية والوحيدة لهذه التجارة لم تعد منفردة، بل فُتحت أسواق أخرى مثل كمبوديا، ولاوس، وتايلاند وفيتنام.

وقال خالد، وهو من القدامى في مهنة تجارة العطور، إن أنواع العود متعددة، منها ما هو غير موجود أو انقرض، ومن أبرز الأنواع التي افتقدت من السوق العود الهندي (لونه بني يميل للسواد)، الذي يتميز برائحته النفاذة وسرعة استجابته للوقود، وتنوع أحجامه ما بين الرقيق والسميك نوعا ما، والعود البورمي - نسبة إلى بورما - ولونه بني تعتريه الغبرة، ويأتي في المرتبة الثانية من حيث الجودة بعد العود الهندي، إضافة إلى العود الجاوي، ومنشؤه الأصلي كمبوديا، والعود الماليزي، والعود اللاوسي.

ولا يقتصر استخدام العود علي البخور فقط، فهناك أيضا دهن العود الذي يعد من العطور الشرقية الهندية المنشأ وتسمى عبوته التولة، وتتسع لـ12 غراما، ومنها مقاسات أخرى هي نصف التولة، وربع التولة وهو أقل العبوات.

وتترجم الأرقام التي حققتها تجارة العود في السعودية الموقع القيادي التي تمثله في السوق السعودية، الأمر الذي دفع الكثير من التجار إلى إنشاء مصانع لدهن العود، وهي زيوت عطرية مستخرجة من خشب العود نفسه بأنواع متعددة؛ يبدأ سعر التولة الواحدة منها (12 غراما) من 3000 ريال (820 دولارا أميركيا)، وحتى 300 ريال (82 دولارا أميركيا)، حسب الجودة والنوعية.