الاتحاد الأوروبي يقر تعزيز الرقابة على السياسات الاقتصادية

باروسو للبرلمان الأوروبي: نحتاج وحدة اقتصادية حقيقية وسنقترح ضريبة على الأصول المالية

TT

«إما أن نسبح معا أو نغرق معا، ولا خيار أمام الأوروبيين سوى اجتياز الاختبار بشكل موحد وضمن روح التضامن، والتوقعات بانهيار الاتحاد الأوروبي التي رافقت الأزمة المالية كانت توقعات خاطئة». هذا ما جاء على لسان مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية خلال كلمة أمام البرلمان الأوروبي الذي يعقد جلساته الأسبوع الحالي في ستراسبورغ، وتطرق باروسو في خطابه عن حالة الاتحاد والذي يتم إلقاؤه للمرة الأولى على الصعيد الأوروبي، إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية وأشار إلى إن المفوضية الأوروبية ستقدم مقترحات ملموسة لفرض ضريبة على الأصول المالية بحلول الخريف، وستقترح أيضا حظر البيع على المكشوف مستقبلا. وبالتزامن مع ذلك أقر اجتماع مجلس وزراء المال والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي في نهاية اجتماعات استغرقت يومين في بروكسل، إدخال تعديلات تقضي بتعزيز الرقابة على السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء وذلك في إطار إصلاح شروط الاتحاد الأوروبي على تنسيق السياسات الاقتصادية. ووافق وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي على تقديم خطط الميزانية لكي تقوم المفوضية الأوروبية والحكومات الأوروبية الأخرى بمراجعتها في إطار خطوات لتشديد قواعد الميزانية بالاتحاد.

وخلال خطابه أمام البرلمان أكد رئيس المفوضية أن النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي سيكون أكبر من المتوقع، وعليه ينبغي تسريع الإصلاحات، وشدد باروسو على حاجة الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة إلى وحدة اقتصادية حقيقية. وأكد على أن النمو الاقتصادي لهذا العام سوف يتجاوز التقديرات الأصلية رغم الشكوك والمخاطر التي لا تزال قائمة. وأوضح رئيس الجهاز التنفيذي أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات جمة أخرى ومنها ضرورة تطوير العلوم والابتكار والالتحاق بالولايات المتحدة واليابان، من خلال تسهيل تسجيل براءات الاختراع الصالحة في جميع أنحاء الاتحاد وكذلك العمل من أجل الحد من البيروقراطية التي تستنزف أموالا طائلة من الموازنة الاتحادية وبمبلغ يناهز 38 مليار يورو.

وقال باروسو إن التعافي الاقتصادي يكتسب زخما في الاتحاد وعليه ينبغي تسريع الإصلاحات الهيكلية العام المقبل، وعلى دول الكتلة الـ27 إظهار وحدة الصف. وأشار إلى أنه يجب الآن على الاتحاد الذي يقطنه أكثر من خمسمائة مليون نسمة، معالجة عدم التوازن بين الدول ذات الاقتصادات القوية وتلك الأضعف أداء.

وتواجه دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو صعوبات في خضم أزمة ديون هذا العام، وقال باروسو إنه يلحظ استعدادا من جانب الحكومات لقبول رقابة مالية أشد صرامة. كما أكد باروسو أنه سيقترح ضرائب على الأنشطة المالية في الشهر أو الشهرين القادمين ومقترحات جديدة لمواجهة المضاربة في السوق. وتضع أحدث التوقعات الرسمية معدل النمو في الاتحاد الأوروبي عند 1% لعام 2010 وعند 0.9% لمنطقة اليورو وتزامن خطاب باروسو مع إقرار وزراء المال والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم ببروكسل أمس إدخال تعديلات تقضي بتعزيز الرقابة على السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء وذلك في إطار إصلاح شروط الاتحاد الأوروبي على تنسيق السياسات الاقتصادية.

وقال الوزراء في بيان إن هذه المبادرة ستسمح بمراقبة السياسات الاقتصادية بالتوازي مع تلك المتعلقة بالميزانية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال فترة ستة أشهر في كل عام اعتبارا من عام 2011 بهدف الكشف عن أي تناقضات واختلالات.

وحسب البيان الأوروبي وافق الوزراء على تقديم خطط الميزانية لكي تقوم المفوضية الأوروبية والحكومات الأوروبية الأخرى بمراجعتها في إطار خطوات لتشديد قواعد الميزانية بالاتحاد. وستبدأ العملية من عام 2011 حيث من المقرر أن ترسل حكومات دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين أرقام الإيرادات والنفقات في خطط الميزانية المتوقعة إلى المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذية للاتحاد بنهاية أبريل (نيسان). وقال أولي رين مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد في بيان مرحبا بالاتفاق «هذا تطور رئيسي في نظام الحوكمة الاقتصادية لدينا». وتابع قائلا إن القرار «سيساعدنا في تصحيح الاختلالات ومنع الانحرافات في الوقت المناسب عندما تقوم الدول الأعضاء بإعداد ميزانياتها الوطنية وخطط الإصلاح الوطنية». وهذا الاتفاق هو أكبر نتيجة ملموسة حتى الآن للجهود التي يبذلها الوزراء منذ مايو (أيار) الماضي لتشديد قواعد الميزانية بالاتحاد الأوروبي للحيلولة دون حدوث أزمة ديون سيادية جديدة على غرار ما جرى في اليونان. وستتحقق المفوضية الأوروبية مما إن كانت خطط الميزانية المقدمة تتوافق مع التوجيهات الاقتصادية التي يضعها قادة الاتحاد الأوروبي ومع الخطط الوطنية طويلة الأجل لخفض العجز وخطط الإصلاح الوطنية التي تأتي غالبا مع تشديد السياسة المالية.

ويعد ما يطلق عليه «الفصل الدراسي» الأوروبي واحدا من المبادرات الأولى التي تبنتها قوة المهام المعنية بالحوكمة الاقتصادية التي يرأسها رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي.

وستبدأ الدورة الجديدة للرقابة في شهر مارس (آذار) من كل عام وخلال شهر أبريل ستقوم الدول الأعضاء في الاتحاد بمراجعة استراتيجياتها للميزانية متوسطة الأجل وتقوم في نفس الوقت بصياغة البرامج الوطنية للإصلاح.

وفي شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) سوف تقدم سلسلة اجتماعات لقادة الاتحاد الأوروبي ومجلس وزراء الاتحاد الأوروبي المشورة بشأن السياسات المطروحة على الدول الأعضاء التي تستكمل ميزانياتها للسنة التالية.

وأنهى وزراء مالية الاتحاد الأوروبي اجتماعات اليوم الأول من اجتماعاتهم، دون التوصل إلى اتفاق حول سبل فرض العقوبات على الدول التي تنتهك قواعد ميثاق الاستقرار النقدي والنمو بشأن عجز الميزانية بصورة شبه آلية. وكان رئيس وزراء لكسمبورغ رئيس مجموعة اليورو جان يونيكر قد قال في وقت سابق (الاثنين الماضي) لدينا عقوبات في معاهدة الاتحاد الأوروبي والأمر الذي يجب أن نتوصل إليه في الوقت الراهن هو تسريع هذه العقوبات لكي تطبق بطريقة أكثر آلية، وبعدها عقد وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الجولة الرابعة من المحادثات في «قوة العمل» الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية الرامية إلى منع تكرار الأزمة المالية الأخيرة. وذكرت قوة العمل الأوروبية أن العقوبات المقررة لانتهاك ضوابط مستوى الدين العام وعجز الميزانية يجب أن تكون آلية لكي تنهي «كلمة الشرف» غير الرسمية التي تتيح للدول الأعضاء الهروب من هذه العقوبات اعتمادا على تأييد بعضها البعض.