السعودية: سوق الملابس الرجالية تشهد نموا في المبيعات 25% خلال رمضان

تجار لـ «الشرق الأوسط»: 5% نمو حجم السوق سنويا.. وزيادة تكلفة المعيشة خفضت القوة الشرائية

أسواق الملابس الرجالية في السعودية شهدت نموا في مبيعاتها منذ النصف الأخير من رمضان المبارك («الشرق الأوسط»)
TT

توقع لـ«الشرق الأوسط» عاملون في قطاع المستلزمات الرجالية أن المبيعات خلال شهر رمضان المبارك صعدت إلى 25 في المائة عن بقية الشهور الماضية من العام الحالي مقدرين حجم مبيعات سوق الملابس الرجالية في السعودية بنحو 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار).

وأشار العاملون إلى أن حجم نمو السوق يبلغ 5 في المائة سنويا، خلال السنوات الأخيرة الماضية، متوقعين في ذات الوقت أن يبقى حجم نمو السوق عند هذين الرقمين خلال الأعوام المقبلة.

وعلى الرغم من النمو المتواصل لحجم السوق، فإن تجار سوق الملابس الرجالية أكدوا لـ«الشرق الأوسط» وجود انخفاض في القوة الشرائية خلال العامين الماضيين، مرجعين الأسباب في ذلك إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في السعودية، بجانب تداعيات الأزمة المالية العالمية.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتميز فيه أسعار الملابس الرجالية التقليدية في السعودية بالاستقرار، التي تتمثل في الملابس الوطنية الرسمية، ابتداء من الأشمغة والغتر البيضاء مرورا بالأثواب والأقمشة، وصولا إلى الملابس الداخلية البيضاء.

محمد العجلان نائب الرئيس التنفيذي لشركة «عجلان وإخوانه»، قدر خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، سوق الملابس الرجالية من أقمشة وأثواب وغتر وشمغ وملابس داخلية بنحو 4 مليارات ريال (1.06 مليار دولار)، مشيرا إلى أن حجم نمو السوق مستقر عند 5 في المائة بحد أعلى، وذلك خلال السنوات القليلة الماضية.

وأكد العجلان لـ«الشرق الأوسط» استقرار أسعار سلع الملابس الرجالية، في حين أشار إلى وجود انخفاض في القوة الشرائية، إلا أنه أكد أن هذه السلع تعتبر سلعا رئيسية، وتتوفر في السوق السعودية بشكل كبير وبمختلف الفئات الشعبية منها والمتوسطة والفخمة.

وتوقع محمد العجلان أن تصل مبيعات المستلزمات الرجالية خلال شهر رمضان إلى 25 في المائة حيث يعتبر هذا الوقت مما ينتظره الكثير من العاملين في تلك المجالات.

من جهته، أوضح راشد الفوزان الرئيس التنفيذي لشركة «الفوزان وشركاه»، لـ«الشرق الأوسط» أن سوق الملابس الرجالية شهدت خلال الفترات الماضية إحجاما عن بعض السلع خصوصا الفئات الغالية نسبيا منها، في حين قلص البعض من مشترياتهم، مرجعا السبب في ذلك إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في البلاد.

ويرجع الفوزان استقرار سوق الملابس الرجالية في السعودية، وثبات أسعارها، إلى انحسار عدد اللاعبين فيها من 5 إلى 6 لاعبين، في حين تعتبر هذه المنتجات تقليدية نوعا ما، كما أنها متعارف على أسعارها ما بين منتجات شعبية لا تنتمي إلى علامات تجارية معروفة وهي الأقل سعرا، إضافة إلى كثرة المتاجرين بها، ومنتجات متوسطة الجودة ولكنها تحافظ على أسعارها ويتم تسويقها من خلال علامات تجارية معروفة، وأخيرا منتجات مشهورة ذات جودة عالية وأسعار مرتفعة نسيبا وهي التي تأتي في الدرجة الثانية في المبيعات بعد المنتجات المتوسطة.

وهنا انتقد راشد الفوزان تقليد المنتجات وانتشارها في السوق السعودية، مشددا على أهمية وجود حماية للملابس الرجالية، بعد أن انتشر فيها التقليد وبشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، مناشدا الجهات المسؤولة ومنها وزارة التجارة الحد من ذلك.

وتشكل هذه الأيام من كل عام، موسم مبيعات كبيرا لأسواق ومحلات بيع الملابس الرجالية من كل عام، حيث تزيد نسبة المبيعات تدريجيا إلى أن تبلغ ذروتها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، حيث درجت العادة سنويا على التجهز لعيد الفطر المبارك بأثواب وأشمغة وملابس داخلية جديدة، الأمر الذي ينعش حركة سوق الملابس التجارية في السعودية بشكل عام.

وعن ذلك رأى الفوزان أنه ربما تستقر الأسعار على ما هي عليه في ظل حركة طبيعية لسوق الملابس الرجالية، متوقعا حدوث نقص في معروضات الأشمغة، نظرا لكثرة الطلب عليها، مفيدا بأن الإقبال على أسوق الملابس الرجالية بدأ فعليا في منتصف شهر رمضان، ويبلغ ذروته خلال الأربعة أيام الأخيرة من شهر رمضان.

وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» ليلة أول من أمس على عدد من المحلات التابعة للمستلزمات الرجالية رصدت فيها القوى الشرائية للشماغ والغترة فضلا عن الثوب والملابس الداخلية بنسبة 20 في المائة خلال شهر رمضان المبارك استعداد لعيد الفطر.

وخلال هذه الفترة يبدأ السعوديون في البحث عن تكملة معادلة الزي السعودي الوطني من أشمغة وملابس داخلية وعقال وأحذية، بعد أن تم في وقت سابق لدى الكثير منهم الانتهاء من تفصيل الثوب الذي يجب البدء به باكرا لتفادي الازدحام عند خياطي الأثواب. وكان منتشرا في السابق شراء الأثواب الجاهزة مقارنة بالتفصيل، وبحسب راشد الفوزان، فإن انتشار خياطي الأثواب ونزول أسعار تفصيل الثوب وكثرة الخيارات في انتقاء الأقمشة إضافة إلى حرية التصرف في تصميم الثوب، قد حدا بتوجه الغالبية العظمى من السعوديين لتفصيل الأثواب دون شرائها، إلا أن الفوزان أكد أن سوق الأثواب الجاهزة ما زالت تلقى رواجا ولها عملاؤها الخاصون بها.

ومع انتشار خياطي الملابس الرجالية، وقوة المنافسة بينهم طرأت في الآونة الأخيرة على الزى السعودي الرسمي، بعض التغييرات التي أخذت من باب التغيير والتجديد والتطوير، حيث ظهرت طرازات جديدة تتميز بشبابيتها مثل «الثياب كاجول» التي ظهرت مؤخرا مُطرزة تارة بأشكال زخرفيه، وتارة أخرى بأشكال أضفت على الثوب السعودي نوعا من الجمالية وفق نظرة البعض الآخر المؤيد لدخول هذا النمط التقليدي من التغيير.

وتختلف أسعار الأثواب الجاهزة من علامة تجارية إلى أخرى إلا أنها تتراوح بين 60 ريالا (16 دولارا) و90 ريالا (24 دولارا)، في حين تتراوح أسعار تفصيل الثياب بين 150 ريالا (40 دولارا) و800 ريال (213 دولارا)، حسب نوع الأقمشة وشهرة اسم مشغل الخياطة.

وبالتوازي مع ذلك نجحت شركات دور الأزياء العالمية وأسماء المصممين المشهورين في الحضور مؤخرا وبشكل كبير على ساحة الزي السعودي الوطني، وسوق الملابس الرجالية، بعد أن استطاعت حجز حصة لها في سوق الأزياء الرجالية التقليدية بل والملابس الوطنية الرسمية، ابتداء من الأشمغة والغتر البيضاء مرورا بالأثواب وصولا إلى الملابس الداخلية البيضاء.

وسجلت العلامات التجارية للمصممين العالميين مثل «فيرزاتشي» و«دانهيل» وغيرهما حضورا لافتا في سوق الملبوسات الرجالية في المملكة التي عرف عنها الكلاسيكية والتصنيع المحلي في الإنتاج لها في مقابل تصنيع إنجليزي لمعظم الأشمغة والغتر التي يقتنيها السعوديون.

ويظل الشماغ الأحمر والغترة البيضاء الأكثر استهدافا من شركات الموضة العالمية التي تتنافس حاليا على اقتطاع جزء من كعكة السوق الضخمة بدلالة تنامي حجم الأسماء العالمية الجديدة التي اقتحمت السوق خلال العام الماضي القريب لا سيما في شهر رمضان الذي دائما ما يستغل كموسم بيعي رئيسي.

ووفقا لواحدة من أكبر شركات تصنيع الملابس الرجالية السعودية، كشفت عن أن حجم الشماغ والغتر في منطقة الخليج والسعودية على وجه الخصوص يقدر بمليار ريال (266 مليون دولار)، وسط دخول أكثر من 150 اسما تجاريا محليا وعالميا في الأسواق المحلية السعودية والخليجية.

ولم تكن مبادرة دخول دور الموضة على خط إنتاج الشماغ وصناعته وتسويقه هذه الأولى بل بدأتها منذ سنوات قليلة ماضية حيث سبق تسويق الكثير من الأسماء العالمية التي لا تزال تحاول أن توجد لها مساحة داخل السوق، بيد أن موسم العام الماضي شهد دخول أكثر من 12 علامة تجارية عالمية واسعة الانتشار على المستوى العالمي في عالم الأزياء والتصميم في إشارة إلى قدرتها على فرض وجودها في السوق.

ويصل سعر الشماغ الواحد من ماركة «فيرزاتشي» وهي إحدى أشهر العلامات العالمية في تصميم الأزياء والعطور ومنتجات التجزئة، إلى 530 ريالا (141 دولارا) وهو ما يمثل نحو قيمة الدرزن من أفخر أنواع الأشمغة حينها قبيل عقدين من الزمن وتحديدا وقتها في عام 1991.

وشهد العقد الأخير أغلى شماغ متداول لإحدى العلامات التجارية المحلية بقيمة لا تتجاوز 300 ريال (80 دولارا) في وقت لا تقل فيه الأسعار الدنيا هذا العام للأسماء العالمية من «لمبيرغيني» و«روبرتو كافالي» و«كينزو» و«بولغري» و«ميسوني» و«باريشلينو» عن هذا السعر، ويأتي ذلك بالإضافة لأنواع عدة تبدأ أسعارها بالنزول تدريجيا حتى سعر 25 ريالا.

وطرأت في الآونة الأخيرة على الزى السعودي الرسمي، بعض التغييرات التي قبلها البعض من باب التغيير والتجديد، فيما لم يقبلها البعض الآخر من باب أنه موروث شعبي لا يمكن مساسه بأي شكل من الأشكال، على اعتبار أن الزى السعودي تناقلته الأجيال السابقة عمن قبلها وحتى العصر الحالي.

فمن هذا المنطلق، بات ما يطلق عليه «الثياب كاجول» التي ظهرت مؤخرا مطرزة تارة بأشكال زخرفية، وتارة أخرى بأشكال أضفت على الثوب السعودي نوعا من الجمالية وفق نظرة البعض الآخر المؤيد لدخول هذا النمط التقليدي من التغيير.

وباتت الأشمغة والأقمشة والملابس الداخلية تستلزم في جودتها، وجود لمسات مميزة وفريدة تعكس تنوع الطرق والأساليب، إلا أن هناك قواعد وضوابط تنبع من أهمية إدراك المحافظة على الزي الوطني السعودي بشكل خاص والخليجي بشكل عام وتطويره، مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تميز أبناء المنطقة عن غيرهم.

ومن هنا تشكلت مجموعة من المبادئ والشعارات التي جعلت العلامات التجارية تتسابق لأن يكون الزي الوطني في محل الصدارة على مختلف أشكال الموضة دائما.

ومع ذلك ما زال الزي الوطني يحتل الصدارة على مختلف أشكال الموضة، في حين أن الجمهور السعودي يتوجه كليا نحو الماركات، الأمر الذي يعطي مؤشرا على ارتفاع ثقافته ووعيه الاستهلاكي والتجاري، إذ أنه لا يتوجه للموضة في حد ذاتها بقدر اهتمامه بالعلامات التجارية الجيدة.

ويأتي العقال الذي يعد أحد أغطية الرأس التي تشمل الطاقية والغترة والشماغ والعمامة كمكمل لمعادلة الزي السعودي الوطني، فيما تتراوح أسعار العقال في السعودية بين 45 ريالا (12 دولارا) و200 ريال (53 دولارا).

وللعقال أنواع كثيرة هي: العقال الأسود وهو النوع المستخدم في الوقت الحاضر، ويصنع من خيوط رفيعة من الصوف الأسود وأفضل أنواعه «المرعز»، وتلف خيوط الصوف على حشوة دائرية الشكل، يمثل محيطها ضعف محيط المقاس المطلوب لأنها تثنى بعد ذلك لتصبح دائرتين إحداهما فوق الأخرى لهذا ينتج منه عدة مقاسات لتتناسب مع أحجام الرؤوس المختلفة، كما أنه يختلف من حيث السُمك، وقد استخدمت في الماضي أنواع سميكة جدا بمقارنتها بما يستخدم الآن، وكان يتدلى من بعضها من الخلف حبلان طويلان من القيطان بقصد الزينة، وكان العقال يصنع غالبا في الشام والعراق.

وفيما يتعلق بالملابس الداخلية، ما زالت السوق تشهد دخول علامات تجارية جديدة، في ظل احتفاظ علامات تجارية سابقة بحصتها الشرائية من السوق، وتبدأ أسعار قطع الملابس الداخلية من 15 ريالا (4 دولارات) للقطعة الواحدة حتى 30 ريالا (8 دولارات).

إلى ذلك بدا واضحا في سوق المستلزمات الرجالية ظهور عدة منافسين في مجال الإكسسوارت، حيث شهدت الأعوام القليلة الماضية ظهور أشكال وتصاميم عدة لـ«كبكات» وأقلام، معظمها من المنتجات الصينية التي تطور تصنيعها من تقليد علامات تجارية عالمية معروفة، إلى توفير تشكيلات جديدة ذات تصاميم مختلفة وأسعار مناسبة.