الديون والأزمة المالية «تدحرجان» أميركا في ترتيب التنافسية الدولية

تراجعت إلى المركز الرابع بعد أن فقدت الأول قبل عامين

TT

أدى العجز الكبير وضعف المنظومة المالية إلى تراجع القدرات التنافسية الأميركية داخل الاقتصاد العالمي، بحسب ما ذكره المنتدى الاقتصادي العالمي في مراجعته السنوية لقدرات الدول التنافسية.

وقد تراجعت الولايات المتحدة من المركز الثاني إلى المركز الرابع في التقرير، لتتقدم عليها سويسرا والسويد وسنغافورة. ويأتي ذلك بعدما تراجعت من المركز الأول العام الماضي.

وتتضمن الدراسة معايير إحصائية، بالإضافة إلى استطلاع لأصحاب شركات تجارية لعمل مقارنة بين الدول. وداخل الولايات المتحدة، ذكر رجال الأعمال القدرة على الحصول على دين واللوائح الحكومية بين مباعث الخوف الرئيسية التي يواجهونها.

وتقول أرين ميا، الاقتصادية البارزة في المنتدى، إن الدين الحكومي والمشهد الاقتصادي العام داخل البلاد وراء تراجع الولايات المتحدة. ويتخذ المنتدى من جنيف مقرا له، وهو عبارة عن مؤسسة بحثية ترعى تجمعا سنويا لزعماء العالم في دافوس، بسويسرا. وتقول ميا «لدى الولايات المتحدة نقاط قوة هامة، ولكن كان استقرار الاقتصاد الكلي مشكلة مسبقة، وفاقمت الأزمة من الوضع».

ويؤثر الدين الحكومي على القدرة التنافسية للدول حيث يحد من قدرتها على التعامل مع الأزمات أو توفير مشاريع البنية التحتية وغيرها من الاستثمارات التي يمكن أن تعزز من الإنتاجية المستقبلية. وربما يؤدي ذلك أيضا إلى معدلات فائدة أعلى.

وبالإضافة إلى إحصاءات موسعة عن الدول التي شملها التقرير والبالغ عددها 139 دولة، درس التقرير مجالات محددة، مثل قوة المؤسسات والقوانين وجودة البنية التحتية والصحة العامة والتعليم ومستويات الإبداع والتقنية.

وعلى سبيل المثال، جاءت الولايات المتحدة في موقع مرتفع بالنسبة إلى عناصر ترتبط بكفاءة أسواق العمل والإبداع والتعليم العالي. ولكنها حصلت على درجات متوسطة على الطريقة التي تعمل بها بعض مؤسساتها وجاءت في المركز الـ55 من ناحية قوة متطلبات التقارير المؤسساتية، وفي المركز الـ125 من ناحية تكاليف العمل المرتبطة بالإرهاب.

وقد كان للأزمة المالية الأخيرة والركود الاقتصادي أثر كبير على نتائج العام الحالي، مع تراجع الدول التي نالت منها صدمات مؤخرا، مثل اليونان وآيرلندا وإسبانيا، في تقييمات القدرة التنافسية بسبب الديون الكبيرة أو الشكوك المحيطة بالنمو المستقبلي.

وقد ظهر الدين الحكومي والعجز كمبعث قلق رئيسي بين الاقتصادات العالمية المتقدمة، حيث أدى التراجع في عوائد الضرائب خلال فترة الركود الاقتصادي وزيادة النفقات على برامج تحفيز اقتصادي إلى معدلات قياسية من الاقتراض الحكومي. وقد أصبح الوصول إلى «استراتيجية خروج» - من خلال تقليل العجز السنوي من دون تقويض النمو الاقتصادي بأداء ذلك بسرعة مبالغ فيها - محل تركيز صناع السياسات داخل أوروبا والولايات المتحدة.

وفي المقابل، قفزت الكثير من الاقتصادات الناشئة بسرعة في تقييم قدراتها التنافسية، حيث قللت الحكومات الديون واستثمرت في مشاريع بنية تحتية وإصلاح مؤسسي.

وارتفعت إندونيسيا من المركز الـ54 إلى المركز الـ44 داخل التقرير، وأشار المنتدى الاقتصادي العالمي إلى التحسن المطرد في المدارس داخل الدولة كسبب رئيسي وراء ذلك. واحتلت فيتنام المركز رقم 59 بدلا من 75، وذكر المنتدى أن ذلك يعود إلى أن بها واحدة من قوى العمل الأكثر كفاءة في العالم واستثمارها مبالغ كبيرة نسبيا في البحث والتطوير.

وجاءت الصين في المركز السابع والعشرين لتكون من بين أكثر الدول النامية التي لديها قدرات تنافسية، مستفيدة على نحو خاص من معدلات ادخار مرتفعة وارتفاع الاستثمارات في الأبحاث وتحسن في معدل الالتحاق بالمدارس.

وجاءت تشاد في المركز الأخير بين الدول التي شملها المسح، فيما تراجعت نيجيريا وباكستان بدرجة كبيرة من ناحية القدرات التنافسية. وأشار المنتدى إلى المشكلات الأمنية داخل كلتا الدولتين، وذكر حقيقة أن نيجيريا لديها عجز سنوي في الميزانية على الرغم من ثروتها النفطية.

ولأن الدراسة تعتمد بصورة جزئية على استطلاعات لملاك المشاريع، تقول ميا إن النظر ة العامة أو الحالة المزاجية داخل دولة ما يمكن أن تؤثر على النتائج، لترتفع في أوقات الثقة الكبيرة وتتراجع وقت الشكوك.

وتوجد نقطة ثقافية وسياسية أيضا، فالصين، التي يديرها حزب شيوعي معروف برفض محاباة أصحاب الشركات، بها حكومة تحتل المركز الـ22 بين الحكومات الجديرة بالثقة، بحسب ما جاء في المسح الذي أجراه المنتدى. وجاءت الولايات المتحدة، وهي دولة ديمقراطية بها شكوك متعمقة في الموظفين الحكوميين، في المركز الـ54.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»