وظائف شاغرة تؤثر على أهداف البيت الأبيض الاقتصادية

إليزابيث وارين.. أحد خصوم وول ستريت الأوفر حظا

اوستان غولسبي الذي سيعين رئيسا لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض («نيويورك تايمز»)
TT

أشار الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الجمعة الماضية إلى أنه على وشك اختيار مدير لمكتب جديد للمستهلكين، لكن مجموعة من الوظائف العليا، التي ستكون مهمة في تشكيل سياسة اقتصادية وتنظيم مالي لبقية فترة رئاسته، لا تزال شاغرة.

وفي مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، أشاد أوباما بإليزابيث وارين، أستاذة القانون بجامعة هارفارد التي كانت المؤيدة الرئيسية لمكتب الحماية المالية للمستهلكين والأوفر حظا برئاسته. وقال الرئيس، الذي وصفها بأنها «صديقة عزيزة» و«مؤيدة كبيرة» للمكتب الجديد، إنه تحدث إليها، لكنه أضاف: «لن أصدر إعلانا رسميا حتى يصبح جاهزا». وتعتبر السيدة وارين أحد خصوم وول ستريت، لكنها إحدى الشخصيات المفضلة لدى الليبراليين. إذا تم ترشيحها لهذا المنصب، فمن الممكن أن يتسبب ذلك في إثارة خلاف حزبي على غرار المعارك التي أحاطت بقانون «دود - فرانك» للإصلاح المالي، الذي وقع عليه أوباما في يوليو (تموز)، والذي بموجبه تم إنشاء هذا المكتب. ومع ذلك، لا يعد هذا المنصب سوى واحد من نحو 6 مناصب يعينها الرئيس والتي تحظى بسلطات واسعة على سوق الرهن العقاري والاستقرار المالي والنظام المصرفي وصناعة التأمين.

وكانت هذه المقاعد شاغرة على الرغم من أن القانون الجديد وجه الهيئات التنظيمية إلى اتخاذ عشرات القرارات الرئيسية التي من شأنها تشكيل الوضع في وول ستريت والقطاع المالي خلال السنوات المقبلة. ولا تعد التأخيرات في عملية التعيين – التي طالت بفعل سياسة حافة الهاوية في الكونغرس والتدقيق البطيء – أمرا جديدا، وقد جاءت بعض الخيارات سريعا. وفي يوم الجمعة، أعلن الرئيس أوستن غولسبي رئيسا لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، ليشغل هذا المنصب الشاغر، بيد أن التقاء الوظائف الشاغرة يأتي في وقت التحول التنظيمي، وتباطؤ الاقتصاد وتمرد من جانب الحزب الجمهوري. (ولا يحتاج غولسبي، الذي تم تأكيد ترشيحه في السابق كعضو في المجلس، إلى تأكيد ثان من مجلس الشيوخ لكي يصبح رئيسا للمجلس). وقد أدت احتمالية تحقيق الجمهوريين مكاسب قوية في الكونغرس في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) إلى تعقيد حسابات التعيين، حيث إن جميع الوظائف الشاغرة تقريبا تتطلب تأكيدا من مجلس الشيوخ. وقال ستيوارت إيزنستات، الذي كان كبير مستشاري السياسة الداخلية في إدارة الرئيس جيمي كارتر نائب وزير الخزانة في إدارة الرئيس بيل كلينتون، «هناك احتكاك طبيعي بشأن انتخابات التجديد النصفي. والشيء المختلف الآن هو احتمالية حدوث تغيير جذري في تركيبة الكونغرس، والحقيقة التي تقول إن الجمهوريين قد يستخدمون كل ذلك لإثارة قضية اقتصادية».

كما أن الجدول الزمني الضيق في الكونغرس يعني أن بعض هذه الوظائف قد تظل شاغرة لشهور أخرى.

وقال إيزنستات: «قد يكون من المستحيل التفكير في أن مجلس الشيوخ يستطيع تلقي ترشيح وعقد جلسات استماع وتأكيد ترشيح الفرد قبل الانتخابات. ومن الممكن تحقيق ذلك في دورة الانعقاد بعد الانتخابات، لكنه صعب للغاية». وفي بعض الحالات، طرح الرئيس أسماء لم يتم التفكير فيها.

وعلى سبيل المثال، يحتوي مجلس المحافظين في مصرف الاحتياطي الفيدرالي، الذي يدرس الخطوات الإضافية لدعم الانتعاش الضعيف، على 4 أعضاء فقط على الرغم من أن به 7 مقاعد. ولم يؤكد مجلس الشيوخ حتى الآن 3 مرشحين طرحهم أوباما في أبريل (نيسان) لشغل المقاعد الشاغرة. وأحد العوامل التي أخرت القرار بشأن وظيفة مكتب المستهلكين هو المعارضة القوية من جانب مجموعات الشركات والمصارف لترشيح وارين، التي كانت رئيسة لجنة الكونغرس التي تشرف على خطة إنقاذ وول ستريت عام 2008. وقال السيناتور كريستوفر دود من ولاية كونيكتيكت، رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ، إنها قد تواجه مشكلات في تأكيد ترشيحها.

وفي يوم الجمعة، أعرب أوباما عن حالة من الإحباط بشأن الجمهوريين في مجلس الشيوخ للحيلولة بصورة روتينية دون تمرير الترشيحات التي يطرحها، «حتى لو كنت أرشح شخصا لوظيفة القبض على الكلاب الضالة». وبالإشارة إلى المناصب القضائية الشاغرة في وزارة الأمن الداخلي، أضاف: «يكون الأمر صعبا للغاية عندما تحصل على أقلية في مجلس الشيوخ مصرة على ممارسة التعطيل بـ60 صوتا بشأن كل شخص نحاول تأكيد ترشيحه». وقال إن الجمهوريين ليسوا سوى «مخادعين».

بيد أن متحدثا باسم زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، قال إنه تمت الموافقة على أكثر من 700 مرشح، وهي أغلبية ساحقة، بالإجماع، وإن الوظائف الأخرى الشاغرة تنتظر التحرك من جانب اللجان التي يقودها الديمقراطيون أو الترشيحات من جانب البيت الأبيض. وبموجب قانون دود - فرانك، يجب على أوباما تعيين نائب ثان لرئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي، للإشراف على المؤسسات المالية الكبرى والمصارف الأعضاء. (ويعد دانيال تارولو، الذي كان المرشح الأول لأوباما لمجلس مصرف الاحتياطي الفيدرالي، هو المرشح المحتمل).

كما يجب على أوباما اختيار شخص ليشغل منصب مدير مكتب جديد للأبحاث المالية داخل وزارة الخزانة، وتستمر فترة هذا المنصب 6 أعوام؛ وسيدعم هذا المسؤول عمل مجلس الرقابة على الاستقرار المالي، وهو هيئة جديدة من المنظمين لديها سلطات جديدة وواسعة. وسيكون من بين الأعضاء في هذا المجلس خبير في صناعة التأمين، يحتاج أيضا إلى ترشيح الرئيس له. وبسؤالها عن الوظائف الشاغرة، قالت آمي برونديدج، متحدثة باسم البيت الأبيض، إن أوباما «يجري عملية متأنية وشاملة لضمان تعيين أفضل الأفراد في الوظائف التنظيمية التي أنشئت بموجب هذا القانون».

تتواجد بالفعل وظائف أخرى، لكن لا يوجد أفراد يشغلونها بصفة دائمة. وتشمل هذه الوظائف مدير الوكالة الفيدرالية للتمويل العقاري، التي تشرف على «فاني ماي» و«فريدي ماك» وستكون حيوية في تشكيل مستقبل سياسة تملك المنازل، والمراقب على العملة، وهو المنصب الذي يرجع إلى الحرب الأهلية والذي يشرف على المصارف المستأجرة على الصعيد الوطني، بما في ذلك «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب».

وكانت هذه الوظيفة العقارية شاغرة منذ أغسطس (آب) عام 2009. وكان هناك مدير قائم بالأعمال وسط نقاش واسع بشأن مستقبل الدعم الحكومي لسوق الرهن العقاري. ويشمل المرشحون المحتملون لمنصب المراقب المالي المفوض المصرفي في نورث كارولينا، جوزيف إيه سميث، والمراقب المصرفي في نيويورك، ريتشارد إتش نيمان، ومساعد وزير الخزانة، مايكل إس بار، وفقا لأشخاص مطلعين على البحث. ويعد بار أيضا مرشحا لقيادة مكتب المستهلكين. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن وظيفة المراقب المالي كانت شاغرة منذ 14 أغسطس فقط، وقالوا إن وظيفة التمويل العقاري سيتم شغلها في «المستقبل القريب». وقال ديفيد لويس، المتخصص في العلوم السياسية بجامعة فاندربيلت والذي يدرس التعيينات الرئاسية، إنه من الصعب شغل هذه الوظائف لعدة أسباب.

وقال: «تعد الشريحة التي يتم اختيار الأفراد منها لشغل مناصب اقتصادية وتنظيمية معقدة صغيرة إلى حد ما. عدد المخلصين المتاحين لهذه المناصب أقل مما يعتقد الناس، وذلك نظرا لمتطلبات الخبرة. أضف إلى ذلك الحقيقة التي تقول إن الكثير من الأفراد من ذوي الخبرة لهذه الوظائف منغمسون في النظام المطالبين بتنظيمه. ويسبب ذلك مخاوف من تضارب المصالح في التصور، إن لم يكن في الحقيقة».

وقال إنه نتيجة لذلك قد تظل معظم هذه الوظائف شاغرة حتى بعد الانتخابات المزمع إجراؤها في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»