السعودية: 3 وزارات تقر عدم الحاجة لزيادة دعم الشعير.. والمخزون يغطي شهرين فقط

مصادر تُحذر من عمليات تهريب لدول مجاورة

تسهم الأعلاف بشكل غير مباشر في رفع أسعار سلع غذائية وتوجد جهود حثيثة على الصعيد الرسمي لضبط التلاعب في تلك المؤشرات (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشفت مصادر مطلعة في السعودية أن لجنة حكومية مكونة من 3 وزارات أوصت مؤخرا بعدم وجود حاجة لزيادة الدعم الحالي لسلعة الشعير، لكفاية الدعم المقدم من الدولة، الذي يقترب من 300 دولار للطن الواحد المستورد من الخارج.

ويسهم الدعم الحكومي للسلعة في بقاء مؤشر الأسعار عند حدود 29 ريالا (7.7 دولار) إلى 30 ريالا (8 دولارات) للكيس، وهو السعر الذي يعتبر سعرا عادلا طبيعيا لبيعه في سوق الأعلاف السعودية.

وتشهد مؤشرات بيع الشعير تذبذبا قاد إلى تجاوز حاجز الـ29 و30 ريالا، في وقت قدرت فيه المصادر الحكومية أن المخزون المحلي في المملكة كاف لشهرين فقط.

وفي الوقت ذاته حصلت «الشرق الأوسط» على تأكيدات مسؤولين حكوميين تفيد بقيام بعض العاملين في سوق الأعلاف السعودية، بتهريب كميات وصفوها بـ«الكبيرة» من الشعير لدول مجاورة للسعودية، كـ«اليمن، والكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة».

ويتم تمرير كميات الشعير من السوق المحلية في السعودية إلى أسواق الدول الثلاث تلك، على أنها كميات أعلاف مبيعة لمربي مواش في تلك الدول، وليس الهدف من إخراجها بيعها هناك، وهو ما يأتي ذريعة أمام منع تمرير تلك الكميات من قبل السلطات الحدودية السعودية العاملة في الحدود المحاذية لتلك الدول، التي تفترض «حسن الظن»، طبقا لتعبير مسؤول سعودي.

وحذر مسؤولان حكوميان تحدثا لـ«الشرق الأوسط» فضلا عدم الإفصاح عن هويتهما، من تنامي عمليات التهريب تلك، التي رأيا أن أبطالها من الباحثين عن الربح السريع، عبر إخراج كميات شعير من السوق المحلية السعودية وبيعها في أسواق الدول المجاورة بأسعار خيالية، وهو الأمر الذي يسهم في رفع الأسعار على المستوى المحلي.

وتأتي تلك التأكيدات في الوقت الذي يندرج فيه الشعير ضمن السلع التي تقدم الدولة لها إعانة مالية تسهم في ثبات سعره، أو عدم القدرة على رفع سعر بيعه في الأسواق المحلية.

وتستهلك السعودية 60 في المائة من الإنتاج العالمي من أستراليا وبعض من دول أوروبا، ويعتبر الشعير مؤثرا في سلع أخرى بشكل غير مباشر، كاللحوم، والألبان، وبعض من المواد الغذائية المشتقة المنتجة من الأبقار والأغنام، بالإضافة إلى دخولها في صناعة أعلاف الدواجن، على اعتبارها سلعا غذائية للاستخدام الآدمي.

وبالعودة للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادرها في 3 وزارات، وسبق أن شكلت لجانا خاصة لدراسة أسواق الأعلاف المحلية، وارتأت اللجنة عدم وجود ضرورة لزيادة الدعم الحكومي المقدم لسلعة الشعير، التي تلقى أساسا دعما حكوميا، يتمثل في تقديم الدولة 300 دولار (1125 ريالا) للطن الواحد قبل دخول السلعة للبلاد عن طريق الموانئ السعودية.

وهو ما يعطي هامشا لربح مستوردي الأعلاف بشكل عام، والشعير على وجه الخصوص، تراه اللجنة الوزارية كافيا من وجهة نظرها.

وأكدت المعلومات الموثوقة التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن اجتماعات دارت رحاها في أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي، الذي تزامن مع دخول شهر رمضان المبارك الماضي، خرجت بعدم وجود ضرورة لتقديم دعم حكومي على أسعار الشعير المستورد، واستند أعضاء وزارات (المالية، والتجارة والصناعة، والزراعة) على وجود الشعير في قائمة السلع المدعومة من الدولة، وهو الأمر الذي لا يعطي حاجة لزيادة الدعم الحكومي.

وفي الوقت الذي يشهد فيه مؤشر أسعار سلعة الشعير تذبذبا قاد لبلوغها عند حدود 40 ريالا للكيس الواحد تقريبا، خرج مندوبو 3 وزارات سعودية بعدم الحاجة لدعم السلعة، التي تلقى في الأساس دعما من الدولة.

وأعلنت السعودية في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، عن إضافة سلعة الشعير ضمن قائمة أحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، وحددت في الوقت ذاته هامش الربح بـ5 في المائة من تكلفة الاستيراد بعد خصم مقدار الإعانة ورسوم التفريغ في الموانئ. وحد قرار وزاري صدر عن وزارة التجارة والصناعة من تجاوز المستوردين، ووضعها عند نسبة هامش ربح وضعتها الدولة تعتمد على تكلفة الاستيراد، بعد خصم مقدار الإعانة ورسوم التفريغ في الموانئ، وكل من باع كيس الشعير وزن (50) كيلوغراما من الموزعين أو التجار، بزيادة عن هامش الربح المحدد ضمن قرار مجلس الوزراء الذي حدد بـ4 ريالات للكيس الواحد، وعدت كل من امتنع عن البيع أو قام بتخزين الشعير أو لم يضع لوحة توضح أسعار البيع في محله من المستوردين والموزعين وتجار الشعير خاضعا لعقوبة تتفاوت بين غرامة مالية تصل إلى 50 ألف ريال، ومصادرة فرق السعر، وإغلاق المحل لمدة تصل إلى شهر.

ويرجع مراقبون لأسواق الغذاء في السعودية الزيادة في مؤشرات بيع الأعلاف إلى لجوء البعض من مستثمري الأعلاف الحيوانية من تخزين كميات كبيرة وتغييبها عن الأنظار، لإظهار زيادة في الطلب تقابل قلة في الكميات المتوفرة في السوق المحلية.

ويعلق مراقبون آخرون تنامي التلاعب والقدرة على زيادة مؤشرات أسعار الأعلاف على ضعف في بعض من الجهات الرقابية، فيما تلقي جهات لومها على جهات أخرى، وهو الأمر الذي يسهم في تنامي وجود «متلاعبين» في مؤشرات الأسعار من جانب، وظهور أسواق سوداء للأعلاف، يكون الضحية في غالبها المستهلك الأخير.