طوكيو تتدخل في سوق الصرف لإضعاف الين.. لكن الدولار يرتفع

العملة اليابانية تبقى في أعلى مستوى أمام الأميركية في 15 عاما

رجل يمر بجانب مقر البنك المركزي الياباني (رويترز)
TT

قفز الدولار أكثر من ينين من أدنى مستوى في 15 عاما بعدما تدخلت اليابان لبيع الين للمرة الأولى في 6 سنوات لكن المتعاملين يشككون في استمرار الأثر في ظل عدم اختراق مستويات فنية مهمة حتى الآن. وساعد التدخل على تحقيق مكاسب حادة في اليورو والدولار الأسترالي والجنيه الإسترليني مقابل العملة اليابانية لكن المتعاملين شككوا في أن تكون اليابان قد اشترت أي عملة أخرى عدا الدولار مقابل الين. وقال وزير المالية يوشيهيكو نودا إن اليابان تدخلت في سوق العملة نظرا لعدم إمكانية تجاهل أثر ارتفاع الين على الاقتصاد وإن اليابان ستواصل اتخاذ إجراءات لكن تحركها كان منفردا. وارتفع الدولار 2.2 في المائة إلى 85.21 ين مقتربا من أعلى مستوى للجلسة 85.53 ين الذي سجله على منصة التداول «إي بي إس» وارتفع اليورو 2.5 في المائة إلى 110.54 ين. وقال آدم كول مدير أبحاث العملة في «آر بي سي كابيتال ماركتس»: «أعتقد أننا سنرى شراء رسميا دؤوبا للدولار مقابل الين في الأمد القريب». وتراجعت العملة الأميركية قليلا مقابل اليورو مسجلة 1.2980 دولار وسط ما قال متعاملون إنها مبيعات ألمانية. وتدخلت السلطات اليابانية أول من أمس الأربعاء وللمرة الأولى منذ 6 أسابيع في سوق الصرف بهدف إضعاف الين الذي ارتفع بحدة في الأسابيع الأخيرة! في تحرك أحادي الجانب أدى على الفور إلى ارتفاع الدولار وبورصة طوكيو. وقال وزير المالية الياباني يوشيهيكو نودا خلال مؤتمر صحافي: «لقد تدخلنا مباشرة بهدف الحد من التذبذب الحاد لسوق الصرف». وأوضح أن الارتفاع الكبير الذي حدث مؤخرا للين الذي يعد ملاذا يتسبب في «زعزعة استقرار اقتصاد ومالية» اليابان ما يشكل وضعا «غير مسموح به» بالنسبة للسلطات. وارتفعت قيمة الين بحدة في الأسابيع الأخيرة وبلغ أعلى مستوى له منذ 15 عاما مقابل الدولار ومنذ 9 سنوات مقابل اليورو. وتواجه العملة اليابانية عمليات شراء مكثفة جزئيا في سياق عمليات مضاربة وذلك بسبب الشكوك التي تحوم حول الأوضاع الاقتصادية في الغرب. ولم يكشف الوزير الياباني قيمة المبالغ التي تم ضخها في السوق غير أن وكالة «داو جونز نيوزويرز» نقلت عن وسطاء أن الوزارة باعت بدعم من البنك المركزي الياباني ما بين 200 و300 مليار ين (ما بين 8.2 و9.1 مليار يورو) وبشكل رئيسي مقابل الدولار. وبعد هذا التدخل الذي أطلق في الساعة 10.30 بالتوقيت المحلي (01.30 تغ) تراجعت قيمة الين بسرعة ليمر سعر صرف العملة اليابانية من 86.82 ين مقابل الدولار إلى 85.16 ين عند الساعة 06.07 تغ وبقي أثر ذلك يتأرجح عند 85 ينا للدولار. وارتفع سعر صرف اليورو خلال الفترة ذاتها من 75.107 ين إلى 51.110 ين. وأضاف نودا «نحن مستمرون في متابعة حركة السوق وسنرد بحزم بما في ذلك عبر تدخلات أخرى! إذا لزم الأمر». وصعدت السلطات اليابانية من لهجتها في الأيام الأخيرة ملمحة إلى أنها ستتدخل في الوقت المناسب لوقف ارتفاع عملتها الوطنية الذي يضر بشركات التصدير اليابانية ويضعف النسيج الصناعي للبلد. وكانت أوساط رجال الأعمال في اليابان تطالب بشدة بهذا التدخل منذ فترة طويلة معتبرة أن السلطات تأخرت في القيام بذلك. وانعكس هذا التدخل في بورصة اليابان التي افتتحت تداولات اليوم على انخفاض قبل أن تختتم التداولات على ارتفاع بنسبة 34.2 في المائة. وجاء تدخل الحكومة غداة تثبيت رئيس الوزراء ناوتو كان في منصبه بعد صراع على رئاسة الحزب الديمقراطي الياباني (وسط يسار) الحاكم مع أبرز منافسيه. وعلى الرغم من أن التدخلات في السوق تكون أفضل حين تقوم بها دول كثيرة معا فإن طوكيو قررت التحرك منفردة. وكان رئيس الوزراء الياباني طلب الأسبوع الماضي مقدما تفهم أبرز شركاء بلاده. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية لم يصدر عن البنك المركزي الياباني إلا تعليق مقتضب على هذا القرار. وقال حاكم البنك ماساكي شيراكاوا بعد التدخل «إن بنك اليابان يأمل أن يسهم هذا التحرك الذي قامت به وزارة المالية في سوق الصرف في استقرار نسب الصرف». وكان البنك الذي اكتفى حتى الآن بالتوسع في منح قروض بفائدة بسيطة للتصدي لارتفاع الين محل انتقاد مرارا بسبب ضعف تدخله. وكرر المتحدث باسم الحكومة يوشيتو سينغوكي الأربعاء تأكيد أنه يتوقع «أن يساعد البنك المركزي على خفض ارتفاع الين». بيد أن السلطات قد تتدخل مجددا في حال لم ينخفض سعر الين إلى الحد المأمول! بحسب محللين مشيرين مع ذلك إلى أن مثل هذا التدخل قد لا يؤدي بالضرورة إلى حل المشكلة. وقال ساتورو أوغاساوارا من بنك كريدي سويس «إن الارتفاع الحالي للين مأتاه أساسيات اقتصادية مختلفة بين اليابان والولايات المتحدة وفوارق نسب الفائدة بينهما». وأضاف «أن وقف الارتفاع الحاد للين في مثل هذا الظرف أمر صعب». من جهة أخرى أبلغ الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنخل جوريا مؤتمرا صحافيا في تركيا اليوم الأربعاء أن الين كان مقدرا بأكثر من قيمته لبعض الوقت وأن من حق البنوك المركزية التدخل لمنع السيولة الزائدة. وكان يتحدث بعدما تدخلت اليابان في أسواق الصرف الأجنبية للمرة الأولى في 6 سنوات للحد من ارتفاع الين ولحماية تعافيها الاقتصادي الهش.