مطالب باستخدام الرسوم الجمركية لتعزيز قيام الصناعات الوطنية في دول مجلس التعاون الخليجي

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : ترتيبات بين جهازي «الجمارك» في السعودية والإمارات لعقد اجتماعات قريبة

TT

أفصحت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة عن ترتيبات تجرى حاليا بين مسؤولين حكوميين في السعودية والإمارات للترتيب لعقد اجتماعات على مستوى جهاز الجمارك خلال الأسابيع المقبلة، بغرض فتح بعض الملفات الدورية والعالقة.

وبحسب المصادر، فإن جهاز الهيئة الاتحادية للجمارك في الإمارات ومصلحة الجمارك في السعودية تبادلا المخاطبات لتحديد موعد ملائم في سبتمبر (أيلول) الحالي أو أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على أحد أقصى، لعقد اجتماعات ومناقشة الملفات.

وذكرت مصادر أن الاجتماع الدوري يعقده جهازا الجمارك في البلدين، لمناقشة سبل تعزيز وتفعيل الدور الجمركي بين البلدين، لا سيما أنهما الأكبر على مستوى دول مجلس التعاون، من حيث حركة السلع والتجارة. ووفقا للمصادر، فإن الاجتماع سيناقش ملف تكدس الشاحنات التي كانت أحد أبرز المحاور الحدودية، ليس فقط بين السعودية والإمارات، بل وحتى على المستوى الخليجي، مشيرة إلى أنه سيتم النظر في آليات جديدة تضمن استمرارية التحرك والانعتاق من أي أزمات مقبلة.

وكان موضوع تكدس الشاحنات السعودية على الحدود الإماراتية قد تنامت أهميته لدى السلطات الخليجية بعد تكراره خلال السنوات القليلة الماضية بشكل لافت، وسط تذمر التجار من الخسائر التي تعرضوا لها، مما جعله أحد الملفات التي تبحثها الأمانة العامة ووضعتها بين أجندتها.

وشهد الربع الأول من العام الحالي 2010 مناقشة لجان الجمارك والمالية في اجتماعات الأمانة العامة لدول مجلس التعاون، قضية تكدس الشاحنات للتأكيد على أهمية تجاوزه في ظل الرؤية الاستراتيجية بفتح الأسواق، ومخالفتها لفكرة الوحدة الاقتصادية بين بلدان الخليج، مما صعد من هذا الملف ليصل إلى مستوى الاجتماعات الوزارية.

وتأتي العلاقات التجارية بين السعودية والإمارات، الأكبر على مستوى الخليج، حيث حققت المملكة المركز الأول عربيا في قائمة التجارة الخارجية للإمارات بقيمة 22.4 مليار ريال (5.8 مليار دولار) تشكل نحو 21 في المائة من إجمالي التبادل التجاري للإمارات مع الدول العربية خلال العام الماضي 2009.

وارتفعت قيمة التجارة البينية الخليجية خلال عام 2009، بمعدل 40 في المائة لتصل إلى 91 مليار دولار، مقارنة بـ65 مليار دولار عام 2008، وفقا لما أفصح عنه الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، عازيا السبب في هذا النمو إلى التسهيلات التي تتيحها السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي وتفعيل التعاون المشترك بين دول التعاون. وتتزامن هذه التحركات، مع دعوات ومطالب أطلقها مختصون في مجال الصناعة والتصدير، تدعو إلى أهمية اتخاذ سياسات جديدة في نظام الجمارك الخليجي يعزز من الصناعات المحلية وتوطين الصناعة.

ويقول لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الرحمن الزامل، وهو رئيس المجلس التنفيذي لمركز الصادرات السعودية ورئيس مجلس إدارات عدد من الشركات الصناعية في المملكة: «الدول الخليجية انخدعت في مقولة الاقتصاد الحر وفتحت كل أسواقها وخفضت الجمارك من 50 في المائة إلى صفر في المائة، وكذلك من 50 في المائة إلى 5 في المائة لبعض السلع».

ولفت الزامل إلى أن اجتهادات دول الخليج والاهتمام الدولي للوصول إلى اتفاقيات تجارة تمثل جهودا ملموسة وفاعلة بيد أنها جميعها تقريبا تعرقل الطرف الآخر لتفعيل صادراتها ومنتجاتها الرئيسية، فيما تتشدد في مصالحها التصديرية.

واستشهد بمكيفات الزامل التي انتقلت إلى تصنيع الحديد في فيتنام والهند بسبب الحواجز الجمركية التي فرضتها منظمة آسيان، سعيا لتعزيز الصناعات الدول المنضوية لديها، حيث جاءت بقرارات في كل المشاريع التنموية، مضمونها ضرورة استخدام منتجات من دول آسيان، مما اضطر المجموعة السعودية إلى وضع مصنع ونقل التقنية هناك.

وأضاف الزامل أن الأمر كذلك ينطبق على مصر، حيث كانت صادرات منتجات الزامل تصدر من المملكة، بيد أن رفع الجمرك إلى 30 في المائة، اضطرهم إلى دخول السوق المصرية والاستثمار فيها للمحافظة على أسواقهم في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا. وانتقد تجاهل الجهات والأجهزة الحكومية مع القرارات التي تدعو لها الدولة بمراسيم ملكية، كإلزام المشاريع الحكومية، بإعطاء المنتجات المحلية والمقاولين المحليين، لكنها لا تجد أي تفاعل من قبلها.

ويرى الزامل أنه في حالة رفع الرسوم الجمركية لمستويات 12 إلى 15 في المائة بقرار رسمي، فإنه في الإمكان أن تتضاعف القدرة الإنتاجية المحلية وحركة التصدير، واستمرت الدول في تنفيذ قرارات ومنع أي منتج منافس في مشاريع الدولة.

ويرى أن لدى السعودية قدرات تصديرية مهولة ستمكنها من اعتلاء أكثر الدول تصديرا للمنتجات والسلع غير النفطية، بما فيها المصافي والغاز والبتروكيماويات، مشيرا إلى أن السعودية حاليا تأتي ثانيا في الشرق الأوسط والأولى عربيا، على الرغم من كل التحديات الحالية.