مصرف لبنان المركزي يؤخر الطرح العام لأسهم طيران «الميدل إيست»

الحوت لـ «الشرق الأوسط»: الأسطول 17 طائرة ونتوقع تدني الأرباح هذا العام

تتسلم «الميدل إيست» طائرتين جديدتين الأولى في مارس المقبل والثانية عام 2012 («الشرق الأوسط»)
TT

صرف بنك لبنان المركزي، المالك الرئيسي، النظر مؤقتا عن طرح أولي عام يوازي 25 في المائة من أسهم شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) في بورصة بيروت، رغم إنجاز ملف الطرح (IPO) من قبل 6 مؤسسات متخصصة موزعة بين مصرفي استثمار دوليين وبنك استثمار إقليمي و3 بنوك محلية.

وأفضت دراسة الملف، حسب مصادر متابعة، إلى تقييم الطرح الأولي بما يوازي 250 مليون دولار. مما يعني أن التقييم الإجمالي للشركة بلغ نحو مليار دولار، وكان مقررا تنفيذ الطرح للمستثمرين والأفراد في الفصل الأخير من العام الحالي وفق الصيغة التي سيتم إقرارها لتجزئة الأسهم مع اشتراط عدم تجاوز الملكية الواحدة لنسبة واحد في المائة. وهذا التقييم سيكون مرشحا للارتفاع تباعا في ظل مواصلة خطط شراء وضم طائرات جديدة لأسطول الشركة البالغ حاليا 15 طائرة تعمل على 28 وجهة عربية ودولية.

ويرتقب أن تتسلم الشركة طائرتين جديدتين الأولى في مارس (آذار) المقبل والثانية عام 2012 ليصبح الأسطول مؤلفا من 17 طائرة جميعها حديثة من نوع «إيرباص» وموزعة بين 7 طائرات «320»، و6 طائرات «321»، و4 طائرات «330». كما يرتقب زيادة مطردة في عدد الوجهات بعد افتتاح خط جديد إلى بروكسل (بلجيكا) سيتم استثماره للتواصل مع 11 عاصمة ومدينة أفريقية تشمل، دكار، ولواندا، وفريتاون، وكوناكري، وكوتونو، ولومي، ودوالا، ومونروفيا، وبانغول، وأوغادوغو وياوندي، وذلك بالتعاون مع الخطوط الجوية البلجيكية. والتحضير لفتح خط جديد إلى كينشاسا عبر كانو قريبا بهدف الوصول إلى أغلب شرائح الاغتراب اللبناني في أفريقيا.

وفيما أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أن التأخير سببه عدم ملاءمة ظروف الأسواق بعد الأزمة الأوروبية الأخيرة، وضعف أداء البورصات العربية. لفتت مصادر مواكبة إلى تقلب الأوضاع الداخلية والتأخير المتمادي في إقرار القانون الجديد للأسواق المالية اللذين يؤخران كل المشاريع المشابهة للإصدارات الأولية، بما فيها إصدارات تعود لبنوك وشركات مالية وتأمين وعقارات وتجارة وغيرها.

واعتبر رئيس ومدير عام «الميدل إيست» محمد الحوت في تصريح لـ«الشرق الأوسط » أن الأجواء السائدة داخليا وسوء بعض الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، خصوصا في مناطق السياحة والاصطياف، ترتد سلبا على القطاع السياحي، وبالتالي على نشاط شركات الطيران العاملة من لبنان وإليه.

وتوقع، خلال لقاء على متن طائرة افتتاح خط بروكسل، تراجع أرباح الشركة هذا العام عن مستوى 100 مليون دولار المحقق في العام الماضي. بعدما أتت نتائج شهر أغسطس (آب) دون التوقعات، وهو شهر مؤثر في حسابات السنة المالية كونه الأكثر نشاطا وعوائد ربطا بأنه يمثل ذروة الموسم السياحي الصيفي. لكنه أكد، في المقابل، «أن الشركة ستتابع تنفيذ خطط التوسع واعتماد أي خطوط جديدة تخدم الاغتراب اللبناني، شرط أن تكون جدواها المالية متوازنة على الأقل، لأن الشركة لا تستطيع تحمل أعباء تسبب لها الخسارة».

وعن الخط الجديد وأهميته، قال: «افتتحنا خطوطا جوية عدة، خلال هذا العام، إلى كل من بغداد، وأربيل، والمدينة المنورة، والآن بروكسل. وخلال فترة شهر ونصف الشهر سنفتتح خط كينشاسا في أفريقيا. وأهمية الخط إلى بروكسل أنه لا يخدم فقط الحركة ويطور العلاقات بين لبنان وبلجيكا، إنما يخدم أيضا 11 محطة أفريقية يوجد فيها نسبة 15 في المائة من الاغتراب اللبناني في أفريقيا. وعبر هذه النقطة نستطيع أن نقدم خدمات إلى الذين لا نستطيع إرسال طائرات مباشرة إليهم، وهذه الوسيلة ستمكنهم من السفر كما يتوقعون، خصوصا في وجود علاقات ما بين أفريقيا وبلجيكا من خلال رجال الأعمال والتجارة، وقد لاحظنا رغبة الكثير من رجال الأعمال اللبنانيين في استخدام هذا الخط». وأضاف «نطمح أن يطور هذا الخط العلاقات بين لبنان وبلجيكا، وأن تسعى السلطات البلجيكية إلى خطوات تسهم في تسويق لبنان كنقطة سياحية في بلجيكا. فالاستقرار الأمني والسياسي في لبنان هو الأهم ويسمح في استقطاب السياح البلجيكيين إلى لبنان، وأن تكون السياحة في الاتجاهين. ونتائج هذا الصيف كانت جيدة، وعلى أساس هذه النتائج المشجعة قررنا أن نستمر في فصل الشتاء، وعلى أساس نتائج فصل الشتاء المقبل سنقرر إمكانية استمرار هذا الخط بشكل دائم أو إبقائه فقط كخط موسمي. أما القرار الآن فهو إبقاء خط بيروت - بروكسل خلال فصل الشتاء والصيف المقبلين، ونتمنى أن تكون نتائج فصل الشتاء جيدة لتشجع على إبقائه بشكل دائم».

وعن خط كينشاسا وبرازافيل، قال «هناك نحو 12 ألف راكب في السنة، حسب الإحصاءات التي لدينا، مع كينشاسا، إضافة إلى النقاط الأخرى التي نقوم بتقديم الخدمات لها مباشرة مثل أبيدجان ولاغوس وكانو وأكرا. ومع فتح الخط نقدم الخدمات إلى ما يوازي 80 أو 85 في المائة من الاغتراب اللبناني في أفريقيا عبر خطوط جوية مباشرة، لأنها من أكبر الأسواق التي نخدمها، مع الإشارة إلى وجود سوق توازي هذه البلدان هي سوق السنغال، واخترنا كينشاسا عليه لأنه بحسب الدراسات تبين أنه من كينشاسا والبرازافيل، اللتين يفصل بينهما نهران، الركاب يفضلون الطيران المباشر بينما من دكار لا يتأثرون بهذا الأمر».

و«الميدل إيست» هي شركة الطيران الوطنية الوحيدة لنقل الركاب في لبنان. وتتمتع بامتياز حصري حتى عام 2012. يجري الإعداد حاليا لتمديده بسبب ضيق السوق المحلية من جهة. واعتماد لبنان، منذ سنوات، سياسة الأجواء المفتوحة من جهة مقابلة، التي أسهمت في استقطاب أكثر من 60 شركة عربية وأجنبية لاستخدام مطار بيروت. وهذا ما يشكل عامل منافسة قويا للشركة الوطنية. خصوصا أن بعض الشركات تعرض أسعار تذاكر سفر دون تكلفتها التجارية.

ويملك البنك المركزي 99 في المائة من أسهم «الميدل إيست» بعدما تدخل لإنقاذها من تراكم في الخسائر نحو 87 مليون دولار عام 1997 وحده. مع أسطول مستأجر ومتهالك. لتعود إلى خط التوازن والربحية بدءا من عام 2002. وتعيد بناء أسطولها من طائرات مستأجرة محدودة وقديمة الصنع إلى مجموعة تضم عدة شركات تابعة للصيانة وخدمات النقل الجوي، وتملك 17 طائرة مملوكة وحديثة (مع ضم الطائرتين الجديدتين) نجحت في تمويل شرائها والإيفاء بأقساطها عبر قروض ذات فوائد متدنية من مصارف خارجية ومحلية. لتبلغ مستوى أرباح قياسية عام 2009، مستفيدة من تحسن الأوضاع الداخلية وتحقيق رقم قياسي بلغ مليوني سائح في العام ذاته. وهذا ما حدا بالمساهم الرئيسي إلى تجديد الثقة بالمفوض من قبله، محمد الحوت. وإعادة انتخابه تكرارا رئيسا لمجلس الإدارة والإشراف مباشرة على عملية البيع وإدارتها.

ويتم التمييز نظريا بين ملكية الدولة كقطاع عام وملكية البنك المركزي كمؤسسة مستقلة تابعة للدولة. لكن الواقع أن 80 في المائة من أي إيرادات يحققها البنك المركزي تذهب مباشرة إلى الخزينة العامة. وهذا المبدأ يشمل أي أرباح تحققها شركة «طيران الشرق الأوسط».