دراسة عالمية: حجم أصول القطاع المصرفي الإسلامي يبلغ تريليون دولار في العالم

«ديلويت»: صناعة التمويل الإسلامي تنمو 15% سنويا وتواجهه 5 تحديات رئيسية

TT

كشفت دراسة دولية صدرت مؤخرا أن نمو القطاع المصرفي الإسلامي يتراوح بين 15 إلى 20 في المائة سنويا، مبينة أن حجم الأصول فيه في العالم بلغ تريليون دولار، مفصحة عن أن 66 في المائة من القائمين على مؤسسات التمويل والصيرفة الإسلامية يعتقدون أن التمويل والصيرفة الإسلامية دون مستوى التنظيم والإشراف الواجب توافرهما في القطاع.

وأكدت دراسة حديثة أصدرها مركز ديلويت للمعرفة وقيادة صناعة التمويل الإسلامي في الشرق الأوسط، وجود عدد من التحديات التي تواجه المؤسسات المالية الإسلامية في ظل التراجع في النمو الاقتصادي الحالي واستقراء الحلول للنهوض بالصناعة لكي تلعب الدور المهم المنوط بها في اقتصاد الشرق الأوسط.

ووصف ديفيد داوود، كبير فريق العمل بمركز ديلويت للمعرفة التمويلية الإسلامية في العالم، في مؤتمر صحافي عقده أمس بالرياض، أن الدراسة تعد الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط واستندت إلى التحليل المعمق لنتائج الاستطلاع والمقابلات التي شملتها الدراسة، حيث تبين ضرورة تطوير البنية التحتية للصناعة والإطار التنظيمي لسد الثغرات التي برزت من خلال الدراسة في مجالات الأداء، والتشغيل وتطوير المنتجات والكفاءة البشرية.

وأوصت الدراسة التي شملت 11 بلدا، بتحسين واعتماد أفضل الممارسات لدى المؤسسات المالية الإسلامية، وذلك بالتركيز على خمس أولويات، يأتي في مقدمتها تطوير أطر قوية وفعالة لإدارة المخاطر، باعتباره أحد العوامل الرئيسية لنجاح العمل في ممارسة التمويل الإسلامي، ونشر ثقافة إدارة المخاطر في هذه المؤسسات، بجانب إنشاء إدارة مخاطر مستقلة ودعم المجالس الإدارية لها.

وأوضح حاتم الطاهر، المدير الإقليمي لمركز ديلويت الشرق الأوسط بالبحرين، لـ«الشرق الأوسط» أن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ينقصها نظام إدارة مخاطر كفء، يتماشى مع المعايير العالمية، مبينا أن كل المؤسسات والمصارف بدأت حاليا، تطبيق مبدأ السيطرة الداخلية بجانب التدقيق الداخلي، حتى تستطيع الحصول على استقراء للمستقبل يمكنها من مجابهة أي خطر مفاجئ، كالذي واجه شركة «بتروليوم» البريطانية، وكبدها خسائر تفوق الـ60 مليار دولار، مما يعني ضرورة اتباع معايير عالمية تمكن تلك المؤسسات من إدارة مخاطر التشغيل في كياناتها الإسلامية المتعددة، إذ إن 50 في المائة من المشاركين في استطلاع هذه الدراسة كانوا يعتقدون أنه ليس هناك نظام أدوات مخاطر يعنى بالمنتجات الإسلامية.

والتحدي الثاني، بحسب الدراسة، ينصب في ترسيخ مفهوم الحوكمة في العمليات الإدارية، ومن ثم اتباع أفضل الممارسات واعتماد المعايير المقبولة دوليا في حوكمة المؤسسات.

وفي هذا المنحى، قال الطاهر إن غالبية المؤسسات المالية والبنوك الإسلامية قائمة على نظام الإدارات العائلية، مما جعل هناك مشكلة صراع تنجم بين مصالح المساهمين فيها ومديري تلك المؤسسات، موضحا أن العلاج في هذه الحالة يكمن في إيجاد نظام حوكمة لتلك المؤسسات يضمن من جهة حقوق المساهمين بما لا يلحق الضرر بحقوق المستثمرين وأصحاب الودائع.

وعدت الدراسة، إعادة النظر في هياكل الإفتاء الشرعي، يمثل تحديا ثالثا، مما يعني ضرورة تطوير نظم عمل وآليات الإفتاء الشرعي، بما يناسب تطور النظام الإداري كالتدقيق الداخلي والسيطرة الداخلية لتحسين وضمان عملية الموافقة الشرعية. وفي هذا المنحى أبان أن تجربة ماليزيا والسودان وباكستان أكثر أقطار العالم الإسلامي ريادة في تطبيق تجربة هيئات الرقابة الشرعية الناجحة، التي أصبحت الآن محط أنظار القادة المشتغلين في هذا المضمار، معتقدا أن هذا مدعاة لكل الدول الإسلامية لأن تعتمد نظام الرقابة المركزية، الذي يكون في أصل تابع للبنوك، حتى تكون هناك جهة واحدة تقوم بالتحليل وتصحيح المنتج الإسلامي المعين.

غير أن الطاهر عاد فقال إن هذه الهيئات، يرى البعض أن لها سلبيات، من أهمها أنها تقتل روح الإبداع في مجال تطوير المنتجات الإسلامية، وذلك لأنها تصدر من مراقب شرعي واحد في البنك، وبالتالي لا تترك فرصة للآخرين لأن يبحثوا بمفردهم ويجدوا ما يناسب بنوكهم في مثل هذه الخدمات، مقرا في الوقت نفسه بأن الإيجابيات هي الغالبة، وتتمثل في وجود نظام ضبط وسيطرة على المنتجات المصرفية والإسلامية وفق التوافق الشرعي لها، مشيرا إلى أن طريقة العمل واضحة في الإفتاء باعتبار أنها تصدر عن جهة واحدة فقط، مثل مجمع الفقه في السودان.

والتحدي الرابع الذي جاءت به هذه الدراسة يتمثل في كيفية تأصيل استراتيجية الابتكار في المنتجات الاستثمارية، بحيث يكون هناك تطوير منتجات مبتكرة على أساس الشريعة، بالإضافة إلى مراجعة استراتيجيات توزيع وتعيين الاستثمار وإدارة مخاطر الاستثمار. وفي هذه الجزئية من الدراسة، علق الطاهر بقوله إن معظم المؤسسات المالية تعتمد على الاستثمار المحلي، إذ إن هناك قطاعين مهمين، أولهما الأسواق المالية وثانيهما القطاع العقاري، مما يعني ضرورة العمل على تنويع المنتجات، بما يشمل الاستثمار في دول أخرى ويتمدد جغرافيا، فيما تعمل إدارة المخاطر وفق سياسات واضحة وشفافة في حالة الاستثمار الخارجي.

فيما كان التحدي الخامس والأخير متعلقا بالاستثمار في المواهب، وتنمية المهارات القيادية والتفوق المهني، وضرورة تعزيز ثقافة التميز المهني في مجال التمويل الإسلامي، مع التركيز على برامج تنمية القيادات والتدريب والتعليم المهني المستمر، موضحا أن 61 في المائة من المشاركين في الدراسة، رأوا أن الموارد البشرية العاملة في القطاعين المصرفي والمالي غير مؤهلة بالمستوى المطلوب، مما يوجب العمل على تطوير المهارات والقيادات في صناعة التمويل الإسلامي، وذلك عن طريق التدريب المهني المستمر وتدريب وتوعية المستثمرين بما يؤول لهم من فوائد، مع تخصيص جزء من الأرباح لأي فجوة تحدث بشكل طارئ أو حتى غير طارئ.