تقرير ائتماني عالمي يصنف «النظام المصرفي» في السعودية بـ«المستقر»

«موديز»: عودة النشاط الإقراضي وشيكة مع توقعات بإعلان مشاريع جديدة خلال 18 شهرا

تعتقد وكالة التصنيف أن مبادرات المصارف السعودية لاختراق سوق التجزئة وتوسيع نطاق منتجاتها المتوافقة مع الشريعة الإسلامية قد أسهم في تعزيز امتيازاتها التجارية ومراكزها السوقية («الشرق الأوسط«)
TT

وصف تقرير ائتماني عالمي آفاق النظام المصرفي السعودي بأنه مستقر نتيجة انعكاس مرونته ومتانة أساسياته المالية، رغم استمرار صعوبة الأوضاع التشغيلية بشكل حر في القطاع المالي، مضيفا أن في قراءته للتوجهات المستقبلية المحتملة للأوضاع الائتمانية الأساسية للقطاع المصرفي السعودي بتنبؤاته بعودة النشاط الإقراضي خلال 18 شهرا المقبلة.

وأكد تقرير صدر مؤخرا عن وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني كريستوس ثيوفلو المحلل الرئيسي للنظام المصرفي السعودي، دور الحوافز المالية الحكومية التي ساعدت في الحفاظ على النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى أن متانة الأساسيات المالية للمصارف السعودية، بما فيها السيولة الجيدة، وتحقيق الربحية والرسملة الكافية، والبيئة التنظيمية الحكيمة، قد أسهمت في تدعيم مرونة النظام المصرفي.

ويشير التقرير إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة تفرض ضغوطا على ربحية المصارف من خلال تخفيض هوامش الأرباح وتراجع نمو الأعمال، إذ يشير ثيوفلو إلى أن السيولة القوية التي تتمتع بها البنوك السعودية وتوقعات ارتفاع مستويات المخصصات المالية تعتبر من المحفزات المحتملة لزيادة النشاط الإقراضي، بالاقتران مع الجهود التي تبذلها البنوك للحفاظ على حصتها السوقية وهوامش أرباحها، في ظل تراجع أسعار الفائدة وضعف البيئة الداعمة لإحداث النمو.

ويبين التقرير أن هناك مؤشرات على معاودة النشاط الإقراضي للقطاع الخاص، مع مشاريع جديدة متوقعة على مدى الأشهر الـ18المقبلة، موضحا أن يظل مستوى النمو دون مستويات ما قبل الأزمة إلا أنه من المرجح بحسب 2011 أن يسجل ارتفاعا بوجه عام. وتتوقع وكالة التصنيف أن يرتفع صافي دخل البنوك في عام 2010 طفيفا مما كان عليه على مدى العامين الماضيين، ويعود ذلك في الغالب إلى التقديرات التي ترجح تراجع رسوم المخصصات المالية.

وفي ما يتعلق بنوعية الأصول، يرجح التقرير أن تظل مستويات القروض غير العاملة قريبة من المستويات الحالية، حيث لا يتوقع أن تتوصل مجموعتا القصيبي وسعد لتسوية في النزاع القائم بينهما في المستقبل القريب، بينما يتوقع أن يستقر حجم القروض الممنوحة للقطاع الخاص.

ويضيف أن المعايير التنظيمية الصارمة، والرصد الوثيق، والدعم للبنوك ينبغي أن يضمن استمرارية تمتع القطاع المصرفي بالتمويل والسيولة الكافيتين واستعداده لمواجهة الركود الاقتصادي، مضيفا أن معظم المصارف السعودية تتمتع بامتيازات تجارية قوية، فضلا عن تمتعها بحصة سوقية قوية في أسواقها المحلية.

وطبقا للتقرير، تظل محدودية التنوع الجغرافي للمصارف لقيمة الامتيازات التجارية للبنوك السعودية المصنفة ائتمانيا تؤثر سلبا على تقييمات بصفة عامة، حيث إنها لا تزال عرضة لاقتصاد يستمر في الاعتماد بصورة مفرطة على النفط، بينما تبدو فرص نمو الامتياز التجاري على مدى السنتين الماضيتين محدودة.

وتعتقد وكالة التصنيف أن مبادرات المصارف السعودية لاختراق سوق التجزئة وتوسيع نطاق منتجاتها المتوافقة مع الشريعة الإسلامية قد أسهم في تعزيز امتيازاتها التجارية ومراكزها السوقية.

ويبين التقرير أن إدارة المخاطر لدى المصارف السعودية المصنفة ائتمانيا في تحسن، كما أنها تمكنت من تعزيز معايير الإدارة الرشيدة والحفاظ على إقبالها المعتدل على المخاطر، مما يساعد على تحسين واقع المخاطر بالنسبة للبنوك إلى حد ما، مشيرا إلى أن لدى المصارف السعودية تركيزات عالية في جانبي الموجودات والمطلوبات من ميزانياتها العامة.

وبحسب التقرير، فإن هيمنة مجموعات صغيرة نسبيا من الشركات على الاقتصاد المحلي يؤثر سلبا على التقييمات الخاصة بإدارة المخاطر في المصارف السعودية المصنفة ائتمانيا، ولكن بخلاف ذلك تعد ممارسات إدارة المخاطر لدى المصارف السعودية وافية الغرض. وحول السيولة، يبين التقرير أنه في حين أن المصارف السعودية تتمتع بالسيولة الكافية، حيث يتم تمويلها من قبل الودائع المحلية المستقرة، مما يحد من أوجه الضعف المرتبطة بالتمويل، إلا أن المصارف السعودية تواجهها تحديات تتمثل في التركيزات العالية في الودائع والاستحقاقات أيضا إلى ندرة رأس المال غير المتوائمة بين الموجودات والمطلوبات. واستطرد تقرير وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني بالقول: «تبقى الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة والتهديدات الأمنية من المجالات المثيرة للقلق، إلى جانب استمرار محدودية تنوع الاقتصاد خارج نطاق قطاع الهيدروكربونات النفطية، إضافة إلى التقلبات في الناتج الحقيقي والاسمي للمملكة».

من ناحيته، ذكر هشام أبو جامع، مدير إدارة الأصول في مجموعة «بخيت» الاستثمارية، أن التوقعات تشير إلى ارتفاع مكاسب القطاع البنكي السعودي خلال السنة الحالية بين 7 إلى 10 في المائة مقابل النتائج المحققة في عام 2009، مرجعا ذلك لمبررات منها انخفاض حجم المخصصات وتراجعها لدى معظم البنوك المحلية ما عدا 3 بنوك لا تزال تحافظ على ذات مستوياتها في العام الماضي، بالإضافة إلى تحسن الوضع الاقتصادي في الفترة الأخيرة في المملكة، بدليل أن الإقراض نما بنسبة 5 في المائة في أغسطس (آب) المنصرم.

ويرى أبو جامع في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن عام 2011 سيشهد تحسنا ملموسا في عملية الإقراض بعد أن كانت متحفظة، وبالتالي يتوقع أن يصاحب ذلك تحسن في العائدات البنكية وسط تحرر الكثير من المصارف السعودية من التخوف من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي نتج عنها تعثر بعض المقترضين، وخصوصا كبار العملاء.