رئيس شركة «كوكاكولا»: الحلول المبنية على السوق هي المستدامة

تحدث في حوار مع «الشرق الأوسط» عن مبادرة لتحسين العلاقات مع المسلمين

مختار كنت، رئيس «كوكا كولا»
TT

ينشغل رئيس والرئيس التنفيذي لشركة «كوكاكولا»، مهتار كينت بقضايا كثيرة، من موقع الشركة في السوق العالمية إلى فرص التوسع الجديدة لها. إلا أن كينت هذه الأيام ينشغل بمجالات أوسع من عمل «كوكاكولا» التقليدي في تزويد المشروبات الشهيرة حول العالم، إذ إنه ينظر إلى العلاقات البشرية حول العالم وخاصة العلاقات بين المسلمين والأميركيين. وقد انضم كينت إلى مبادرة «شركاء من أجل بداية جديدة» للعمل على تحسين تلك العلاقات في مجموعة تشمل مفكرين وساسة ورجال أعمال لتطبيق رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما لـ«بداية جديدة مع العالم الإسلامي»، وهو كان عنوان خطابه الشهير في القاهرة في يونيو (حزيران) 2009. وسيكون معهد أسبن مقر الأمانة العامة للمؤسسة الجديدة، إذ إن والتر إيساكسون، رئيس معهد أسبن ينضم إلى كينت وهما نائبا رئيس المجموعة، بينما تترأس وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت «شركاء من أجل بداية جديدة». ويذكر أن المجموعة مستقلة ولكنها تعمل بالتنسيق الوثيق مع وزارة الخارجية الأميركية. والتقت «الشرق الأوسط» رئيس شركة «كوكاكولا» على هامش أعمال «مبادرة كلينتون العالمية» في نيويورك، حيث تم الكشف عن المشاريع التي ستهتم بها المجموعة للحديث عن هذه المبادرة الجديدة. وتشمل هذه المشاريع دعم مشاريع بناء القدرات في مجال الأعمال والتعليم، بالإضافة إلى تطوير التقنيات في مشاريع تفيد 500 ألف شخص في مصر وإندونيسيا وتركيا وباكستان والأراضي الفلسطينية خلال السنوات الخمسية المقبلة. ومن بين مبادرات «كوكاكولا» العمل مع «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» و«مشروع الأمم المتحدة الإنمائي» لتخصيص 7.5 مليون دولار لإطلاق 7 مشاريع جديدة خاصة بالمياه تشمل الجزائر ومصر وليبيريا والمغرب ونيجيريا وسيراليون والصومال وتونس. وتحدث كينت في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» عن أسباب مشاركته في هذه المبادرة وتطلعاته لها. وفيما يلي نص الحوار:

* لماذا قررت العمل مع «شراكة من أجل بداية جديدة» وما الذي يجعل هذه المبادرة مختلفة عن غيرها؟

- أولا، لنتحدث عن كيف تطورت هذه المبادرة التي تطورت من خطابي الرئيس أوباما في أنقرة في أبريل (نيسان) 2009 وفي القاهرة قبل أكثر من عام. ومن هذين الخطابين، خرج رأي بأن هناك حاجة لتواصل أوثق بين الولايات المتحدة والجاليات المسلمة حول العالم. وأفضل رابط لضمان هذا التواصل هو أن يكون مبنيا على الثقة والقيم المشتركة. هذا هو السبب، أما كيف، فهو خلق مؤسسة في الولايات المتحدة من القطاعين العام والخاص تقودها وزيرة الخارجية السابقة أولبرايت، واقترحوا أن أكون أحد الرؤساء مع والتر إيساكسون من معهد أسبن وأن نشكل لجنة متابعة. وكان علينا أن نختار عددا من الدول في المرحلة الأولى، مثل إندونيسيا وباكستان ومصر وتركيا والأراضي الفلسطينية لتلتحق دول أخرى بعدها، واختيار شراكات محلية في واقع الأرض والعمل بوثاقة مع هؤلاء لخلق مشاريع في مجال ريادة الأعمال متعلقة بالفرص الاقتصادية والتعليم والتبادل ومثل هذه المشاريع الريادية. ومن خلال ذلك، سنخلق روابط أوثق بين أميركا الشمالية والولايات المتحدة تحديدا، والجاليات المسلمة حول العالم. وذلك سيؤدي إلى ثقة وحوار أفضل وأقرب يؤدي في النهاية إلى عالم أفضل لأولادنا وأحفادنا. نحن في بداية الطريق. إنها رحلة، وأنا متحمس للعمل مع مجموعة رائعة في لجنة المتابعة ورئيسة المجموعة مادلين أولبرايت. وكشركة «كوكاكولا»، نحن متحمسون لأننا نؤمن بشدة بفلسفة أننا شركة محلية أينما نعمل. ببساطة، نحن نعتمد على المنتجات المحلية في غالبية موادنا، بالإضافة إلى الاعتماد على مصادر محلية في التعبئة والتغليف. ونحن ننتج محليا ونوزع محليا ونوظف من العمال محليا. فهذه المبادرة تتناسب كليا مع فلسفتنا، لهذا تحمست للمشاركة في هذه المبادرة. وأنا أعرف هذه المنطقة بشكل جيد، ولذا شعرت بأن هناك فرصة لسد الفجوة وجلب الجاليات المسلمة أقرب من حيث الثقة والتفاهم إلى الولايات المتحدة، والولايات المتحدة إلى الجاليات المسلمة.

* إنه التزام كبير من حيث وقتك وجدول عملك المزدحم، كم من الوقت تخصص لهذه المبادرة؟

- اجتمعنا للمرة الأولى هذا الأسبوع وسنقرر مواعيد اللقاءات المقبلة مع اللجنة، فنحن ما زلنا في بداية هذه الرحلة ونتوقع أن نجد شركاء محليين في الدول المختارة التي أشرت إليها. كما أن لدينا مشاريع كثيرة حالية ننوي توسيعها كنتيجة لهذه المبادرة.

* «كوكاكولا» ليست جديدة في منطقة الشرق الأوسط.. ما المشاريع التي ستوسعونها؟

-لدينا مشاريع مثل تجديد المياه في جاليات كثيرة حول العالم، منها دول إسلامية مثل باكستان وإندونيسيا ودول أفريقية مسلمة. ولدينا مشاريع ترصد المياه من الأمطار وسنوسع تلك المشاريع. ولدينا أيضا مشاريع تعليمية ومتعلقة بالري في دول عدة في الشرق الأوسط، مثل الأردن، في وادي رم، وكذلك لدينا مشاريع ري كثيرة في مصر وغيرها.

* ما العقبات الأساسية أمام إحداث مثل هذه المشاريع وقعا حقيقيا في الدول الإسلامية والتوعية حولها؟ وفي النهاية الهدف هو تحسين العلاقات وتحتاجون إلى معرفة الناس بها.

- الاعتراف أقل أهمية من النجاح. النجاح هو خلق مشاريع في ريادة الأعمال تكون ناجحة، وخلق ما أقوله مشاريع مبتكرة للمساعدة في زراعة الأفكار في مشاريع حضانة. الكثير من الشركات التي يشارك الرؤساء التنفيذيون فيها في لجنة المتابعة بمبادرتنا كبيرة جدا، لذا لا تجد أفكارا جديدة تزدهر فيها. لهذا نبحث عن مشاريع حضانة، بالإضافة إلى تمويل مشاريع تقنية بالتعاون مع الجامعات. في النهاية، عندما يكون هناك نجاح في أحد هذه المشاريع التي تصبح مشاريع عمل، بدلا من مشاريع مبنية على النظريات. حينها ستتسع وستوظف الكثير من العاملين وحينها ستكون هناك المعرفة، سيخرج الناس من الفقر وسيحصلون على فرص العمل وتلك الجالية ستستفيد من المشروع عندما يصبح تجاريا.

* هذه المبادرة مبنية على فكرة مساعدة التجارة في حل قضايا فشلت القوى السياسية في حلها. فكيف ترى تطور هذه الظاهرة، ومساعدة الشركات الكبيرة والعالمية من خلال الشراكة مع القطاع العام؟

- الأمر بسيط. لدي إيمان أساسي، كما لدى كل من يسهم في هذه الشراكة، هو أن الحلول المبنية على السوق هي مفتاح الحل. فالحلول المبنية على السوق هي التي يمكنها أن تكون مستدامة. ويجب أن تكون مبنية على تعاون بين الحكومة والمجتمع المدني ورجال الأعمال وفي هذه الحالة يمكن لشركتنا «كوكاكولا» وشركة سيسكو واريكو وموغان ستانلي أن تشارك. كما أننا سنشرك شركات محلية أيضا، بالإضافة إلى مشاركة المعاهد الفكرية والجامعات. فهناك فرصة رائعة للمثلث الذهبي وهو الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني للتعاون بشكل وثيق لخلق المزيد من فرص العمل والمزيد من الاستثمارات ومستقبل أفضل.

* ولكن هذه المبادرة تأتي في وقت يعاني العالم من أزمة اقتصادية وهناك مشكلات في الحصول على التمويل للكثير من المشاريع. فكيف توفقون بين الواقع الاقتصادي وهذه المشاريع؟

- أولا، أعتقد أن هذه فكرة مغلوطة، لا أعتقد أن هناك نقصا في التمويل وهناك كل رأس المال المطلوب وما دام أن لديك فكرة جيدة ويمكن تحويلها إلى فكرة تجارية وما دام هناك عزيمة كبيرة من قبل الشركات مثلنا لإنجاح الفكرة ولديك الشركاء المحليون المناسبون على واقع الأرض، تساعد في إعطاء المشورة لجعل المشروع ناجحا، لا أعتقد أن هناك أمرا يمنعنا من خلق حركة ريادة أعمال مزدهرة وشركات ريادية. ستكون صغيرة ولكن العمود الفقري لكل الاقتصادات هي الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وستكون هذه الشركات تجسيدا لهذا الجسر بين الغرب والجاليات المسلمة وخاصة الولايات المتحدة وهذه الجاليات المسلمة. مرة أخرى، هذه ليست مسألة تدفعها الحكومات، لأنه عندما تكون بدفع حكومي تتحدث عن السيادة، وهذه ليست مسألة جيدة. بل هي مشروع يدفعه عالم الأعمال.