خبير: المستثمرون حائرون.. والاقتصاد العالمي في حلقة مفرغة

مسؤول كبير في «الإمارات دبي الوطني»: هناك تحسن كامن في اقتصاد دبي

TT

يبدو أن الاختبار القاسي للسياسة الاقتصادية للعالم المتقدم، يكمن في القدرة على إبقاء معدل التضخم عند مستويات «حميدة»، أما الخطر الأكبر على الأسواق فيختصر بالانكماش، أي انخفاض الأسعار، مما قد يولد اعتقادا لدى المستهلكين والصناعيين بأن الأسعار قد تنخفض في المستقبل، وهذا الاعتقاد سيدفعهم إلى تأجيل الشراء، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من تراجع الأسعار وانخفاض الطلب، وفي الواقع، لا تزال الأسباب التي تجعل البنوك المركزية مضطرة إلى توفير الدعم المستمر والمتزايد لاقتصاداتها أمرا مثيرا للقلق، بينما يلوح في الأفق تحد جديد يتمثل في نتائج الشركات للربع الثالث، وهو ما أثاره أمس مسؤول مرموق في بنك «الإمارات دبي الوطني» أكبر مجموعة مصرفية في المنطقة.

يقول غاري دوغان، الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة ببنك «الإمارات دبي الوطني»، إن المستثمرين حائرون في أمرهم، فهل يستمدون الشجاعة من الدعم المقدم إلى الاقتصاد العالمي عبر الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية بضخ مليارات الدولارات إليه، أو يجزعون حيال الأسباب التي جعلت البنوك المركزية تستمر في ضخ هذه الدولارات إلى الاقتصاد العالمي؟.. «في الواقع، لا تزال تقلقنا الأسباب التي تجعل البنوك المركزية مضطرة إلى توفير الدعم المستمر والمتزايد لاقتصاداتها».

وفي دبي يشعر الصناعيون بتحسن كامن في اقتصاد الإمارة، الأمر الذي ساعد في تحسين السيولة وإذابة الجليد عن أسواق السندات المحلية وفقا لما يراه الخبير المصرفي، «ولوحظت ثقة السلطات من خلال قرار إصدار سندات جديدة بقيمة 1.5 مليار دولار في دبي.. بينما تعد مضاعفات الربحية في أسواق الأسهم منخفضة وفقا للمعايير العالمية، وتصح تلك المقارنات العالمية أكثر عندما نأخذ في الاعتبار قرار إدراج دبي على مؤشرات «فوتسي» للأسواق الناشئة.

وأنهى إصدار دبي لهذه السندات يوم الأربعاء تجميد سوق السندات وهو أول إصدار للإمارة منذ اندلاع أزمة ديونها التي هزت أسواق المال العالمية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتسعى دبي منذ العام الماضي للخروج من أزمة ديون تتجاوز 100 مليار درهم للشركات المملوكة للحكومة مثل «دبي العالمية».

ويؤكد دوغان على نظرته الإيجابية إزاء الأسواق الناشئة، «فبينما يناضل العالم القديم في أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة واليابان لإنعاش اقتصاداته، نجد أن عالم الأسواق الناشئة الجديد يسعى أكثر للحفاظ على النمو، وضبط التضخم إلى حد ما».

ويعتقد المسؤول المصرفي أن الموقف الوقائي الأسلم يستند إلى استثمارات طويلة الأجل في أنحاء العالم الناشئ بدلا من العالم القديم. في ظل توقعاته بأن تستفيد الأسواق الناشئة على المدى القريب من السياسة النقدية المتساهلة للولايات المتحدة التي أبقت أسعار الفائدة منخفضة جدا في جميع أنحاء العالم. وفي ظل إبقاء الصين على الربط (الفضفاض) لعملتها مع الدولار الأميركي.

ويعتبر الخبير المصرفي أن تحديا جديدا يلوح في الأفق، يتمثل في نتائج الشركات للربع الثالث، «ولا ننسى أن البنوك المركزية تنتهج سياسات متساهلة، لأن الربع الثالث شهد تباطؤا في النمو. وقد تحقق شركات السوق المتقدمة نتائج ضعيفة وبيانات أقل مدعاة للثقة مما شهدناه في وقت مبكر من العام الحالي، بينما سيظل الاختبار القاسي للسياسة الاقتصادية للعالم المتقدم، سواء السياسة النقدية للمصارف المركزية أو للحكومة، يكمن في القدرة على إبقاء معدل التضخم عند مستويات «حميدة».

ويتجسد الخطر الأكبر على الأسواق في الانكماش، أي انخفاض الأسعار، مما قد يولد اعتقادا لدى المستهلكين والصناعيين بأن الأسعار قد تنخفض. فإذا اعتقد الناس أن أسعار السلع والخدمات ستنخفض، فإنهم سيؤجلون الشراء، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من تراجع الأسعار وانخفاض الطلب، واليابان خير مثال على ذلك. وقد انخفض معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة إلى أقل من 1 في المائة، كما انخفضت توقعات المستهلكين لمعدل التضخم للاثني عشر شهرا القادمة.

ويتحدث غاري دوغان عن مؤشر آخر على زحف الانكماش، يتمثل في بعض البيانات الأخيرة المتعلقة بأسعار المنازل في المملكة المتحدة، حيث تراجعت الأسعار بنسبة 0.4 في المائة في سبتمبر (أيلول)، ولأول مرة منذ أبريل (نيسان) 2009.