وكيل وزارة التجارة الأميركي: المرحلة الاقتصادية ستبدأ مع العراق بعد رحيل القوات عنه

فرانسيسكو سانشيز أكد لـ «الشرق الأوسط» الحاجة لخلق بيئة مناسبة للمستثمر

فرانسيسكو سانشيز
TT

كشف وكيل وزارة التجارة الأميركية لشؤون التجارة العالمية، فرانسيسكو سانشيز، الذي يزور بغداد حاليا على رأس وفد يضم ممثلين عن كبريات الشركات الأميركية، أنه حمل معه رسالة إلى الحكومة العراقية من الرئيس الأميركي أوباما، وأخرى من نائبه جو بايدن، حول الاستثمار في العراق وحمايته، والمناقصات الحكومية، مؤكدا أن المرحلة الثانية لقوات بلاده في العراق ستبدأ بعد رحيل هذه القوات من هذا البلد، وأنها ستكون مرحلة اقتصادية أكثر منها عسكرية أو سياسية.

وأضاف سانشيز في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر السفارة الأميركية ببغداد، أنه جاء للعراق بصحبة وفد يمثل 15 شركة من كبريات الشركات الأميركية، من بينها «جنرال ألكترك»، «بوينغ»، «وارمر إنجنييرنغ» المتخصصة في شؤون الطاقة، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ انتهاء المهمة القتالية الأميركية في البلد، لبناء شراكة مع الجهات المحلية.

وعن أسباب حضور هذا الوفد التجاري والصناعي الكبير لبغداد في ظل ظروف سياسية غير مستقرة ووقت تغيير حكومة، قال سانشيز: «إن سبب وجودنا هنا، وفي هذا الوقت تحديدا، هو أن الوقت قد حان الآن لبدء هذه المرحلة، أي تواجد الشركات الأميركية والغرف التجارية على أرض هذا البلد مع شركائهم من العراقيين، والبدء بتمتين العلاقات الثنائية على الصعيد التجاري ومختلف المجالات الاقتصادية مع العراق، وفسح المجال للشركات لخلق ازدهار وبناء مشاريع، ولا يمكننا الانتظار كي يكون كل شيء كاملا. وفي النهاية فإن ملتقى التبادل التجاري الذي يحدث الآن يمثل المرحلة المقبلة من العلاقات العراقية - الأميركية، وسنشهد قدوم شركات أميركية أكثر للعراق، وعدد أكبر من رجال الأعمال العراقيين يذهبون للولايات المتحدة».

وبخصوص معنى المرحلة الثانية التي ستبدأها الولايات المتحدة في العراق، قال: «إن هذه المرحلة ستبدأ بعد رحيل القوات الأميركية وانتهاء مهامها وسنشهد تركيزا أكثر في التبادل التجاري بين البلدين، وتعاونا في مختلف المجالات الاقتصادية».

وحول اتفاقية الإطار الاستراتيجي العراقية – الأميركية، وهل ستكون المرحلة الثانية ضمن بنود هذه الاتفاقية، بين المسؤول الأميركي أن «هذه الاتفاقية الثنائية تلزم البلدين، في إطار علاقات كثيرة، منها بنود تحمل تقوية التبادل التجاري بين البلدين، وبنود أخرى تتعلق بكل الشؤون الثقافية والتعليمية والصحية وغيرها».

وحول العقود التي تولتها شركات أميركية، ومن ثم باعتها لشركات محلية ضمن ما يسمى تخصيصات مساعدة العراق، التي شابها الكثير من الفساد المالي قال سانشيز: «إن الفساد يسبب تآكلا كبيرا في نشاط الدول، ويؤثر على نشاط الدول وحتى يتقدم العراق اقتصاديا عليه مجابهة هذا الفساد وبشكل مستقيم، ونحن كشركاء للعراق مستعدون لتقديم أي نوع من المساعدة فيما يخص التعامل ومكافحة الفساد».

أما عن تقرير صندوق المحاسبة الأميركي بعدم تخصيص منح مالية للعراق، باعتباره يمتلك وفورات مالية تبلغ 50 مليار دولار، فقد قال المسؤول: «أنا شخصيا لم أطلع على تقرير المحاسبة الأميركي، ولا أستطيع الحديث نيابة عن الكونغرس الأميركي فيما يخص تخصيصه لأموال للعراق من عدمه، لكني أستطيع القول إن المرحلة الجديدة متركزة في القطاع الخاص وما يستطيعه هذا القطاع من تأمين ازدهار للعراق، وإذا خلقنا مثل هذه العلاقات التجارية والاقتصادية في الطريق الصحيح فسيكون بنفس الأهمية، وربما سيكون مهما أكثر، من ذلك من أي مساعدات أجنبية يحصل عليها العراق ومن أي دولة كانت».

وحول تركيز الأميركيين على الجانب العسكري في العراق، مما فسح المجال أمام التجارة الإيرانية والتركية والصينية بالتوغل للسوق العراقية والهيمنة عليها، وكيف ستتمكن الآن الشركات الأميركية من إيجاد موطئ قدم لها بيَّن وكيل وزير التجارة الأميركي أنه «أولا لدينا شركات أميركية داخل العراق الآن مثل شركة (بوينغ) لصناعة الطائرات، وسبق أن جهزت العراق بأكثر من 20 طائرة ستسلم بعد سنوات، وكذلك شركة (جنرال)، التي ستؤمن مولدات عملاقة، ولدينا شركات صغيرة منها جاءت معنا، ستقوم بتجهيز البصرة بالمستلزمات الرياضية، مضيفا أنه من خلال تركيزنا على هذه العلاقات التي تتنامى تدريجيا، فأنا متأكد من أنه سيكون هناك تطور مضاعف، ومنها شركة نفطية تم تكليفها من قبل الحكومة العراقية لتقوم باستخراج البترول، المهم هو أن الشركات الأميركية موجودة، ونأمل في زيادة عددها ببغداد».

وأكد «أن الرئيس أوباما، وقبل مجيئي مع هذه البعثة أراد مني أن أؤكد مدى أهمية خلق بيئة أعمال تجارية وصناعية وغيرها مع العراق، وأيضا مدى أهمية الجانب العراقي لتكوين شراكات مع الأميركيين فيما يخص التجارة والصناعة، والرسالة التي أرادها أوباما وأيضا نائبه بايدن للعراق، التي قمت بإيصالها، تضم شقين رئيسين؛ تنمية العلاقات بين البلدين، وتستطيع الحكومة العراقية أن تساعدنا بخلق بيئة تساعد رجال الأعمال الأميركيين عبر مجابهة الفساد، وأيضا خلق نوع من الشفافية فيما يخص المناقصات الحكومية وسن القوانين والتنظيمات والضوابط التي تحمي الاستثمار والمستثمرين، وتهيئة بيئة لجميع الأعمال، وإذا استطعنا تأمين ذلك فسننجح بتقوية العلاقات بين البلدين».

وأشار إلى أن العراق «أحرز تقدما كبيرا في الجانب الأمني، ولاحظت الشركات الأميركية هذا التقدم، وأنا أعترف بهذا التقدم، ومن الضروري جدا الآن الاستمرار، ليس في تقوية الأمن فحسب، وإنما خلق البيئة المناسبة للمستثمر».

وأضاف أنه من ضمن أهداف الولايات المتحدة الأميركية أن «يكون للشركات الأميركية دور رئيسي وإيجابي داخل العراق لبناء البنى التحتية، وخلق فرص لازدهار شعبينا من خلال تبادل الاستثمار الثنائي، وتنمية الاقتصاد العراقي، وعندما نصل لهذه النقطة بجلب رجال الأعمال، حينها سنشجع العراق كي يكون لديه علاقات وقوة اقتصادية في الإقليم».

وأضاف أيضا أن «هناك مفاوضات بين شركات بناء وخدمات معمارية وهندسية، وأيضا شركات متخصصة ببناء المختبرات والمستشفيات والبنى التحتية المتعلقة بالاتصالات والخدمات البلدية ومعدات الإطفاء والطيران بكل أنواعها، يضاف لذلك شركات مهمتها تحديث القطاع النفطي وأيضا القطاع الكهربائي، والكثير من الشركات، وكلها ستسهم في تقوية الاقتصاد العراقي وخلق فرص عمل للعاطلين في هذا البلد، وأنا واثق أنه وبعد تقوية العلاقات سيحدث تعاون أكثر من تجاري؛ أي صناعي وزراعي وفي غير ذلك من القطاعات».