استقرار سعر البترول ضمان لاستمرار إنفاق دول الخليج على المشاريع التنموية

عدنان يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية في حوار لـ «الشرق الأوسط»:

عدنان يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية
TT

أوضح عدنان يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية، أن مبادرة بعض دول الخليج لضخ مبالغ جيدة في أسواقها أسهمت في دعم البنوك لتجاوز مؤثرات الأزمة العالمية، كما أن الملاءة المالية للبنوك السعودية جنبتها الحاجة لطلب أي مساعدات خلال الفترة الماضية.

وأشار عدنان يوسف في حديثة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المصرفية العربية في نمو مستمر، وشهدت طفرة كبيرة في عام 2007، حيث ارتفعت ميزانياتها مجتمعة خلال الخمس سنوات الماضية إلى نحو 3 تريليونات دولار. مشيرا إلى أن اتحاد المصارف العربية قد لعب دورا أساسيا في ربط وتوطيد العلاقات بين البنوك العربية نفسها، وكذلك تعزيز تعاونها مع البنوك الأوروبية والأميركية، في حين أن الاستراتيجية الجديدة تقضي بالتوجه إلى القارة الآسيوية، خاصة بعد دخول الصين كشريك، وانتعاش دول أخرى صناعيا، مثل الهند وإندونيسيا وتايلاند، بينما ستكون الوجه الأخرى إلى أميركا اللاتينية بعد دخول البرازيل أيضا لاعبا اقتصاديا.

أوضح عدنان يوسف، الذي شغل عددا من المناصب القيادية في المؤسسة العربية المصرفية، أن المصرفية الإسلامية أعطت أفكارا جيدة خلال الخمس سنوات الماضية، رغم أنها واجهتها تحديات كبيرة، خاصة أن كثيرا من المصارف الإسلامية تعمل في نطاق دول لا تتوفر لها الأنظمة الإسلامية، وبالتالي فهي تحتاج لمنظومة متكاملة تخدمها كحال البنوك التقليدية التي أوجد لها الجهاز القانوني بيئة جيدة للتعاملات والشراء، وإن كانت بعض الدول الخليجية بدأت الآن في تقبل الوضع وإصدار تشريعات في هذا الجانب، وحتى لو لم تكن متكاملة، فإنها تعد ميزة جيدة. وقال إن المصرفية الإسلامية تفادت الأزمة المالية لأنه غير مصرح لها بشراء الديون، ولا تدخل في بعض التعاملات والمنتجات من منظور شرعي، في حين أن البنوك التقليدية وقعت في أخطاء جعلتها تتأثر بالأزمة.

وشدد عدنان يوسف على أخلاقيات المصارف الإسلامية وتعاملاتها الشرعية، كما تطرق لكثير من قضايا المصرفية العربية في هذا الحوار الذي خص به «الشرق الأوسط»:

* كيف تنظر لواقع المصارف العربية والخليجية بالتحديد الآن؟

- لو نظرنا للمصارف الخليجية، وبالتحديد المصارف السعودية، على الرغم من انخفاض أرباحها هذا العام بنسبة 8 في المائة تقريبا، ولكن من خلال قراءة تحليلية لميزانياتها، لوجدنا أن البنوك السعودية تملك رأسمال جيدا، وتوفر سيولة ونموا في جانب الودائع والتمويلات. وهذه معايير جيدة وليس من السهل أن تتوفر لبنوك أخرى في ظل الوضع الاقتصادي العالمي، حتى إن البنوك السعودية لم تطلب أي مساعدة أو مساندة من البنك المركزي (ساما)، الذي بدوره أعطى تعليمات ومبادرات جيدة أسهمت في تفادي السوق السعودية المشكلات التي مرت بها بعض البنوك في دول خليجية.

* وما هي المشكلات التي عانت منها البنوك الخليجية الأخرى؟

- صحيح بعض البنوك الأخرى واجهت معاناة، ولكنها في الواقع لم تعان من مشكلاتها فيما يتعلق بأنشطتها، وعلى سبيل المثال، ما واجهته بعض البنوك الإماراتية بسبب بعض الأموال «الساخنة» التي دخلت دولة الإمارات واستقرت بهدف اقتناص فرص معينة في الوقت الذي كان يدور فيه الحديث عن خروج دول الخليج من محور الدولار، إضافة إلى بعض الفرص الاستثمارية الجيدة في سوق الأسهم. ولكن هذه البنوك المستثمرة بعدما واجهت مشكلات في دولها بدأت تسحب سيولتها؛ سواء من دول الخليج أو من دول أخرى. وهذا ما كان له تأثير طبيعي على بعض البنوك التي تعاملت مع هذه الأموال كودائع طويلة المدى، وضختها في السوق. ولكن البنك المركزي الإماراتي كانت له مبادرة جيدة، وأخذ على عاتقه ضخ مبالغ جيدة في السوق من شأنها جنبت البنوك الإماراتية الحاجة لودائع من الخارج، أما بقية المصارف الخليجية الأخرى فكانت شبه مستقرة.

* وما هي العوامل التي جنبت المصارف الخليجية على وجه التحديد الوقوع في فخ أزمة العالم المالية؟

- بالفعل كانت المصارف الخليجية، وخاصة السعودية، أقل تأثرا بالأزمة، لأن كل دولة لها نظامها وترتيبها الخاص، وعلى سبيل المثال فإن البنوك السعودية من البنوك المحافظة جدا، وكذلك البنك المركزي في السعودية، الممثل بمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، محافظ لدرجة أنه طبق بعض المعايير الدولية بموازين سعودية. كما أن البنوك الخليجية كانت تمتاز بملاءة رؤوس أموال جيدة، كذلك دخول هذه البنوك في محافظ لا تقارن بالمحافظ الكبيرة في البنوك الأوروبية التي هزت كيان بنوك عالمية. وهذه العوامل جعلت المصارف الخليجية تتفادى مشكلات الأزمة إلى حد ما.

* وهل هذه ميزة للمصارف العربية مقارنة بنظيرتها في الغرب؟

- لا، لا.. لا ننسى أن أسواق أوروبا متطورة وفيها كثير من التحديات، وكذلك المضاربات، ويجب ألا نغفل هذه الأمور، أما أسواقنا فهي مستقرة، وحتى النمو فيها جيد، وسبق أن مرت علينا فترة حققت لبنوكنا أرباحا وعمولات جيدة من تعاملها في السوق المالية، وهذا أثر عليها في أرباحها في السنوات الماضية، ولكنني أعتبرها بنوكا جيدة، وقرأت الأسواق قراءة جيدة.

* رغم الوفرة المالية والصادرات النفطية وتدفق رؤوس الأموال، فإن البنوك الخليجية لم ترق لمستوى البنوك العالمية..

- من أي ناحية تقصد..؟

* أمور كثيرة، وفي مقدمتها الاستثمارات العالمية الكبيرة، والحذر الكبير الذي يشوب تعاملاتها..

- يجب أن نعي أن البنوك تعد صمام الاقتصاد في أي بلد، وأي خلل في البنوك سوف يؤثر على الاقتصاد ككل. وهذا أصعب ما قامت به الدول الصناعية وحتى الرأسمالية التي ما كانت تفكر في يوم من الأيام أن تدخل كمساند للمؤسسات المالية، لأنها كانت تعتبر هذه أسواقا حرة، على اعتبار أن لهذه المؤسسات المالية كامل الحرية في التصرف، ولكنها في النهاية وجدت أنه لولا مساعدتها فإن هذه البنوك ستواجه انهيارات ضخمة، وسوف يؤثر على الاقتصاد عامة. ولهذا السبب بادرت دول كثيرة، وفي مقدمتها أميركا التي بادرت وكسرت القوانين الخاصة بالرأسمالية واستقلاليتها بالمؤسسات المالية، ودخلت في مساندة هذه المؤسسات، ولا ننكر أن هناك بنوكا عربية محافظة، ولكن في نفس الوقت لا ننسى المبالغ التي ضخت في الاقتصاد السعودي، وكذلك الاقتصاديات الخليجية بصفة عامة من قبل المؤسسات المالية. وهي تعتبر مبالغ ضخمة جدا قياسا بفترة وجيزة. ولو نأخذ دراسة البنوك العربية خلال خمس سنوات فقد تضاعف نموها بشكل كبير، حيث كانت ميزانياتها في السابق مجتمعة 1.8 تريليون دولار أميركي، والآن بلغت نحو 3 تريليونات دولار أميركي، حيث شهد عام 2007 طفرة كبيرة في البنوك العربية، وخاصة الخليجية.

* هل هذا النمو يتوقف على ارتفاع أسعار البترول مثلا؟

- أسعار البترول جزء لدعم نمو هذه البنوك، وإذا استمر استقرار سعر البترول فإنه سيمثل عامل تشجيع للحكومات الخليجية للاستمرارية في الصرف على مشاريع حيوية خلال الخمس سنوات المقبلة. وبالتالي فإن تمويل المؤسسات المالية لتلكك المشاريع سيرتفع بنسبة 30 في المائة تقريبا.

* ما هي أبرز المعوقات والمشكلات التي تواجه المصارف العربية من وجهة نظرك؟

- مشكلاتنا في البنوك العربية هي أننا مستمعون أو منفذون للقوانين والمعايير الدولية التي تصدر من حين إلى آخر، دون أن تكون هناك مشاركة في الرأي ووجهات النظر، وتطبيق المعايير الدولية أمر جيد. ولكن هناك بعض المعايير أو القوانين التي يجب دراستها جيدا، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى اتخاذ مثل هذه القرارات أو تلك المعايير، ومع توافقها مع تركيبة الدولة نفسها أو وضعها الاقتصادي، خاصة المعايير التي تتعلق بإعادة تقييم الاستثمارات على سبيل المثال، وإعطاء كثير من البنوك الفرصة لتعيد تقييم استثماراتها، لأن مشكلة بعض البنوك تعتقد أن مبالغ تلك الاستثمارات هي بمثابة التحصيل، وهذه طريقة غير سليمة.

* وكيف ترى عدم مبادرة كثير من الدول العربية لإيداع ثرواتها في تلك المصارف؟

- هناك دول كثيرة تعتبر فائض ميزانياتها جزءا من الاحتياطي القومي، وهذا الفائض لو تم إدخاله في البلد، ولو بالعملة الأجنبية، فهو لا يعتبر جزءا من احتياط الدولة، لهذا السبب يفضل أن يستثمر في الخارج، وشخصيا لا أرى أنه من الضروري أن كل المبالغ تستثمر في الخارج، ولكن من الأفضل إيداع نحو 25 في المائة من هذه المبالغ في البنوك المحلية. ولو نظرنا لحجم وضخامة الميزانيات في البنوك الأوروبية والأميركية فإنه يعود لأن الشركات والمؤسسات المالية والمؤسسات الحكومية فوائضها تكون في بنوكها، وعلى سبيل المثال فإن الجزء الأكبر من الفائض في بريطانيا يضخ في البنوك البريطانية، بل يطلب أيضا من تلك البنوك إدارة هذه الأموال. وفي الوقت الذي نطالب فيه دولنا بإيداع جزء من الفائض الحكومي وبالعملات الأجنبية داخل بلداننا، فإنه يجب أيضا أن تكون هذه الإيداعات بالتدريج، لأن ضخ مبالغ كبيرة في بنوك محلية، قد يدفع ببعض هذه البنوك لاستثمار هذه المبالغ في الخارج لعدم وجود مشاريع كبيرة تستوعب الثروات الضخمة.

* بحكم أنه تمت إعادة انتخابك رئيسا لاتحاد المصارف العربية، فما هو دور هذا الاتحاد، وما هي النجاحات التي حققتها حتى الآن لدفع المصارف العربية للأمام؟

- الاتحاد تأسس عام 1974 تحت مظلة الجامعة العربية ليكون حلقة وصل بين البنوك العربية والعالم، لأن دول الغرب لا تتعامل مع أشخاص بل تتعامل باستمرار مع مؤسسات، وتدعو إلى إنشاء اتحادات ومؤسسات تقوم بالإشراف وتقديم الصورة للخارج، واتحاد المصارف في السنوات الماضية قام بجهد كبير في ربط العلاقات بين البنوك العربية نفسها، ونجح وعزز التعارف حتى بين المديرين التنفيذيين، وزاد من تعاملاتها فيما بينها. ونجحنا أيضا في توطيد العلاقات بيننا وبين أوروبا وأميركا. في حين أن الاستراتيجية المقبلة في عام 2011 التوجه إلى آسيا لتوسيع رقعة العلاقات وتطويرها، خاصة أن الصين الآن دخلت شريكا للبنوك العربية، وبالذات في دول الخليج، وكذلك الهند واليابان والدول الصناعية الحديثة، مثل ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند وهذه لها دور كبير في تعزيز التجارة البينية مع دول الخليج، وخاصة في مجال البتروكيماويات، حيث إنه حان الوقت لنتوجه إلى آسيا، بينما ستكون مرحلتنا المقبلة، وبعد نجاحنا في آسيا، التوجه إلى أميركا اللاتينية، لتعزيز علاقاتنا وتواجدنا هناك، خاصة بعد دخول دول لاتينية في السوق، مثل البرازيل.

* عقد في العاصمة البحرينية المنامة مؤخرا، قمة الأعمال والاستثمار في العراق، فما هو دور المصارف العربية في دعم مثل هذه الاستثمارات؟

- العراق سوق كبيرة، وجذب الكثير من المستثمرين، خصوصا السعوديين، وأعتبره مع السوق الإيرانية، إذا ابتعدنا عن الأوضاع السياسية، ونظرنا لها من منظور اقتصادي بحت، سوقين كبيرتين ويمكن الاستفادة منهما، وننظر للعراق بشكل جيد، ولدينا فكرة كاتحاد للقيام بزيارة للعراق، ويجب الإسراع لدخولنا كخليجيين في السوق العراقية.

* وما دور المصارف العربية فيما يتعلق بالتمويل العقاري؟

- إذا فتحت السوق السعودية من ناحية القوانين التي عندكم فأعتقد أنها ستحدث حركة كبيرة في السعودية على وجه الخصوص، خاصة أن التوقعات والتقارير تشير إلى أن حجم المحفظة العقارية سيصل إلى 40 بليون دولار بعد سن القوانين الجديدة.

* وهل هناك تنسيق قائم بينكم وبين الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بالجانب المصرفي؟

- في الواقع نحن الآن بصدد رفع طلب لأمانة مجلس التعاون الخليجي كي يكون لنا دور رقابي في هذا المجال، خاصة بعد دخولنا مع صناديق المؤسسات العربية، خاصة صندوق النقد العربي، ونشارك في اجتماعات محافظي البنوك العربية، وإن شاء الله يكون لنا حضور مماثل في مجلس التعاون الخليجي، ودورنا كمراقبين تقديم المشورة حول العوامل والمؤثرات الاقتصادية كي يتفاداها أصحاب القرار.

* كيف يمكن للمصارف العربية والإسلامية أن تتفادى أي أزمات مالية مستقبلية؟

- من واقع خبرتي في هذا المجال، وبعد أن شهدت خمس أزمات اقتصادية، أعتقد أن هناك مؤشرين لا بد من مراقبتهما، كالارتفاع الكبير في سوق الأوراق المالية، وفي هذه الحالة يجب المسارعة في دراسة أسباب الارتفاع غير العادي، لأنه قد يعطي مجالا أوسع للمضاربات وخروج السيولة، وكذلك الارتفاع في الأصول دون مبرر، وهذا الأخير قد لا نشعر بتأثيره إلا بعد أكثر من ثلاث سنوات. أيضا النمو الاقتصادي السريع (الناتج القومي)، وهذا شبيه بالسيارة التي تنطلق بسرعة فائقة، ولو اعترضها شيء لتوقفت للأبد، والنمو في الاقتصاد مؤشر إيجابي، ولكن وفق رؤية ودراسة واضحة لتجنب التضخم والمضاربات التي تدخل الاقتصاد في نفق آخر.

* وكيف تقيم وضع المصارف الإسلامية العربية؟

- دون شك المصرفية الإسلامية أعطت أفكارا جيدة خلال الخمس سنوات الماضية، وقد واجهتها تحديات كبيرة، خاصة أن كثيرا من المصارف الإسلامية تعمل في نطاق دول لا تتوفر لها الأنظمة الإسلامية، والمؤسسات الإسلامية تحتاج لمنظومة متكاملة تخدمها كحال البنوك التقليدية التي أوجد لها الجهاز القانوني بيئة جيدة للتعاملات والشراء، وإن كان بعض الدول الخليجية بدأت الآن في تقبل الوضع وإصدار تشريعات في هذا الجانب، وإن كانت غير متكاملة، ولكنها تعد ميزة جيدة. والمصرفية الإسلامية تفادت الأزمة المالية لأنها غير مصرح لها بشراء الديون، ولا تدخل في بعض التعاملات والمنتجات من منظور شرعي، في حين أن البنوك التقليدية وقعت في خطأ جعلها تتأثر بالأزمة.

* وكيف ترى تركيز المصرفية الإسلامية في السعودية؟

- السعودية دون شك تنفرد بعملية التمويل الفردي، في حين أن البنوك السعودية ركزت على السوق المحلية، كما أن كثيرا من الودائع في البنوك السعودية الكبيرة تستثمر في السوق السعودية، على عكس بعض البنوك الخليجية الأخرى التي ركزت بعض بنوكها على إدارة المحافظ والاستثمارات الكبيرة، ويبقى لكل دولة تركيبتها المصرفية.

* وكيف ترى قبول المصارف الإسلامية في الغرب؟

- لها قبول جيد، وشخصيا تشرفت بتأسيس بنكين كبيرين في بريطانيا، هما البنك البريطاني الإسلامي، والبنك الأوروبي الإسلامي الذي أتشرف برئاسته إلى اليوم، ورغم وجود هذه البنوك في السوق البريطانية التي فيها تنافسية كبيرة، وفيها إجراءات وقوانين محددة، فإنهم فتحوا لنا المجال، وفتحوا قنوات للمصرفية الإسلامية، بعد المؤشر الإيجابي لنمو هذه البنوك، وهناك توجه لفتح مصارف إسلامية على مستوى أوروبا كفرنسا وإيطاليا، كما يوجد بنك التمويل الكويتي في ألمانيا. ويقيني أن المصارف الإسلامية لها وضعها الجيد لدى الغربيين.

* هناك من يرى أن المصارف الإسلامية تعمل وفق النظرية الرأسمالية ولكن بثوب إسلامي؟

- لا لا، حرام عليهم، ينسفون جهدا كبيرا بذل على مدار 35 عاما، وكان للأمير محمد الفيصل وصالح كامل والدكتور أحمد محمد علي في السعودية، وكذلك جهود بنك التمويل الكويتي وبنك البركة وبنك دبي الإسلامي دور رئيسي. والبنوك الإسلامية تعمل وفق أخلاقيات وهيئات شرعية ومدقق شرعي، وتعمل وفق نظام متوازن، وعملياتها تنفذ من قبل الإدارات التنفيذية بمراعاة المدقق الشرعي الموجود في هذه البنوك، وهذه المنظومة لا توجد في المصارف التقليدية. ولكن الوجه الآخر هو أننا نعمل في منظومة رأسمالية، كمنظومة خارجية تم تطبيقها في دولنا، والمصارف الإسلامية بمنأى عنها..

* ولكن هناك ظاهرة تبين أن الكثير من أعضاء الهيئات الشرعية يعملون في بنوك متعددة؟

- في الواقع التجربة ليست متكاملة، والتجارب تمر بمراحل، وهناك سلبيات وإيجابيات، وكل مرحلة تخضع للتقييم. ولنكن واقعيين؛ فالبنوك هي التي تستقطب أعضاء الهيئات الشرعية، والأكيد أن الهيئات الشرعية تنظر للعمليات في هذه البنوك من منظور ديني واجتماعي. ومن الظلم أن نشكك في موقف تلك المصارف التي خطت لها منهجية واستراتيجية واضحة في التعاملات الإسلامية.

* هناك أيضا من يرى أن البنوك تتسابق على أسماء بارزة من رجال الدين لاستقطابها لرئاسة أو عضوية هيئاتها الشرعية، كنوع من الدعاية وتسويق منتجاتها؟

- من المؤكد أن العمليات في المصارف الإسلامية تمر عبر أعضاء لهم ثقلهم في فقه المعاملات وفي السوق، ولا ننسى أيضا أن تلك المؤسسات في النهاية وجدت لخدمة المجتمع، وإذا لم تكن هناك ثقة في التعاملات فمن الصعوبة أن يتقبلها الناس، وإذا كانت هناك سلبيات في الأنظمة والتعاملات، يجب ألا نخجل من ذكرها، وعلينا إبرازها ومعالجتها لما فيه الصالح العام، ومع تطور ونمو المصارف الإسلامية فإنه في غضون العشر سنوات المقبلة قد تسند هذه التعاملات إلى مكاتب متخصصة، وليس عن طريق أفراد كما هو الحال الآن.

* بعد إعادة انتخابك رئيسا لاتحاد المصارف العربية، ما هي أهم النجاحات التي حققتها لك المصارف حتى الآن؟

- في الواقع المصارف حققت نجاحا جيدا، وكان لها دور كبير في كثير من جوانب دفع تلك المصارف والمؤسسات المالية إلى التقدم والتطور في تعاملاتها، ولا ندعي أننا وصلنا إلى القمة، بل ما زال أمامنا مشوار طويل ونحتاج إلى بيئة أفضل تمنحنا الاستقلالية وحرية الحركة، وأعتقد أن التمويلات التي شاهدناها في دول الخليج، وخاصة التمويلات الاستثمارية، استحدثتها البنوك الإسلامية وليس التقليدية.

* ختاما ما هو تقييمك للاقتصاد الخليجي بصفة عامة الآن؟ وما هي المحاذير؟

- كل المعطيات والمؤشرات تفيد بأن الوضع الاقتصادي في دول الخليج جيد، وأتوقع له نموا خلال هذا العام والعام المقبل في حدود 5.5 في المائة، وليس هناك مخاوف أو محاذير بقدر مراقبة سعر البترول الذي قد يؤثر بعض الشيء على اقتصاديات الخليج في حالة انخفاض السعر إلى ما دون الخمسين دولارا، وإن كنا نستبعد ذلك في المنظور القريب.