ظاهرة عامة

TT

في جميع مدن العالم يمثل النقل العام ظاهرة عامة ومنظمة يشاهدها المرء تجوب شوارع المدينة سواء كانت قطارات، أو مترو، أو باصات. يستثنى من ذلك عدد من مدننا العربية ومنها المدن السعودية التي تفتقر في داخلها لخدمة النقل العام. وكانت الأسباب أن امتياز النقل نزع من الأفراد وأسند لشركة عامة لم تقم بواجبها كما يجب.

لذلك يفترض أن تنشأ شركة نقل منافسة مثل ما هو حاصل في قطاع الاتصالات - حيث إنه أنشئ عدد من الشركات لكسر الاحتكار، وخلق جو تنافسي - أو أن تقوم الشركة بمنح الأفراد حق الامتياز (الفرنشايز)، لأن الشركة تدعي أن الأفراد غير منضبطين في مواعيدهم، والنقل العام يحتاج إلى مواعيد محددة في الإقلاع والوصول، ومن خلال حق الامتياز يقوم الفرد بشراء الحافلة وقيادتها، وتقوم الشركة بضبطه بالجداول. وبذلك تتخلص الشركة من رواتب السائقين وأجور صيانة الحافلة، وتؤمن عملا شريفا لمواطن يحتاج إليه.

إذ من غير المنطقي في مدينة كبيرة كالعاصمة السعودية أن لا تتوفر وسيلة نقل عام، إذ أنه إذا توفر نقل عام فسيخفف من زحام الشوارع، لأن الأفراد سيتنقلون بشكل جماعي عبر حافلة تتسع لعشرات الأشخاص بدلا من التنقل بشكل فردي وعبر السيارة الخاصة بساكن المدينة، كما أن بعض غير القادرين لن يشتروا سيارات خردة يملأون بها شوارع المدينة، بل سيستخدمون النقل العام، ولكن عدم وجود النقل أجبرهم على شراء الخردة.

وبعض الآباء أجبر على شراء سيارة لابنه الذي يدرس بالجامعة، ولو وجد النقل لاستخدمه الطالب الجامعي، حيث إن تواجد النقل العام يقلل عدد السيارات لدى الأسرة ويوفر على ميزانية الأسرة ثمن سيارة قد تستثمره في تعليم أحد أبنائها. فهل نشاهد نقلا عاما في مدننا العربية التي لم تؤمن بضرورة هذه الوسيلة حتى الآن، أم أن عدم وجود النقل العام في مدننا العربية ظاهرة نخالف بها مدن العالم. ودمتم.

* كاتب اقتصادي